اعتبر ما قاله الشيخ أحمد الطيب الإمام الكبير في جامعة القاهرة خلال مؤتمر عقد في مكة من أهم الأشياء التي حصلت في العالم الإسلامي. حينها نادى الشيخ بالضرورة إعادة النظر في التعاليم الإسلامية وتصحيح كل ما يظهر التطرف في القرآن. ما يصبو اليه الشيخ الطيب اليوم هو أن تعمم هذه النظرية في المدراس والجامعات بين العلمانيين والقادة الدينيين، وأصر على أن العمل يجب أن يتم على كل الأصعدة في العالم الإسلامي بخاصة بين الشيوخ الذين يعظون كل جمعة في المساجد والتي تبث على الإذاعات ويكون لها تأثير كبير بين الناس.
ذكر الأب اليسوعي سمير خليل سمير في موقع آسيا نيوز أبرز ما قاله الشيخ الطيب وهو أولا أن يتوقف المسلمون من نعت بعضهم البعض بالكافر أو غير المؤمن لكنه بالأكثر شدد على اتهام المسلمين بعدم الأمانة. أما توضيح وجهة النظر فجاء كالتالي أن السنة ينظرون الى الشيعة وكأنهم كفار ولطالما كانت هناك مساعي لوقف هذه الاتهامات التي يستغلها الكثيرون لتحريض المسلمين ضد بعضهم فيمكننا أن نرى تفجيرات تطال المساجد في باكستان وبخاصة المساجد الشيعية وفي بعض الأحيان تستهدف المساجد السنية، وهذا ما يحدث أيضًا في العراق واليمن والبحرين وحتى أحيانًا في إيران.
يتابع الكاهن اليسوعي شارحًا أن في قلب هذا الموضوع تكمن مسألة حرية الضمير وحرية اعتناق الدين والحق بتغيير الدين من دون التخوف من اي اضطهاد. من هنا دعا الطيب السنة والشيعة الى الحوار معًا والى النظر بتقاليدهما من منظور مختلف يجمعها على عيش الإسلام بكرامة متساوية. شدد الشيخ أنه لا يجب على المسيحيين أن يشمتوا بما يدور بين المسلمين لأن الله لا يبارك ذلك فبحسب ما نراه في التاريخ الى الأمام سيبدأ بعد الحرب بين المسلمين قتل اليهود يليه قتل المسيحيين. ليس هذا ما يطمح اليه المسيحيون…فهم يريدون عالمًا يعم فيه السلام ولا تطغى أي ديانة على أخرى لذلك عليهم أن يدعموا السنة والشيعة في محاولتهم لإنشاء حوار فيما بينهم.
أما النقطة الثانية التي شدد عليها الطيب وبحسب آسيا نيوز فهي سوء تفسير القرآن التي تولد التطرف، فالمتطرفون يزعمون أن ما يقومون به هو الصواب وهو ما يتجلى في القرآن لأنهم يتبعون التعاليم حرفيًّا ويفسرونها من وجهة النظر التي تناسبهم. بنظر الطيب يجب على القرآن أن يفسر لا أن ينفذ حرفيًّا فالترجمة الحرفية للقرآن على أرض الواقع تمثل قراءة مغلوطة للإسلام والأمر عينه ينطبق على المسيحية.
ترجمة العالم الإسلامي بحسب الأب خليل يمكن أن تقسم الى كلمتين: الأولى هي “تفسير” أي التعليق على ما جاء في القرآن وأكبر الأئمة في التاريخ كتبوا التفسير أي إنهم يأخذون القرآن كلمة كلمة ليشرحوا الجذور الفيلولوجية للكلمة ومعنى وقوعها في الجملة…أما الكلمة الثانية فهي “التأويل” وهذا ما لا يتم إلا قليلا وغالبًا بين الشيعة.
أكد الكاتب أن الطيب حين أتى على ذكر المتطرفين لم يكن يعني أعضاء الدولة الإسلامية فحسب بل السلفيين والإخوان المسلمين أيضًا فكل هذه المجموعات تفسر القرآن حرفيًّا حتى وإن لم تلجأ جميعها الى العنف. ولكن أبرز ما شدد عليه سمير هو التناقض بين ما يدعو اليه الشيخ وبين ما قاله قبل عدة أيام كردة فعل لما تقوم به الدولة الإسلامية داعيًا الى قتلهم وصلبهم…فهو بذلك أيضًا حرّف القرآن، وبرأي الكاتب للأسف، هذا الغموض موجود في العالم الإسلامي. فعندما يناسبهم الموضوع يقتبسون حرفيا القرآن وعندما لا يناسبهم ينتقدونه مدعين أنه يحتاج إلى تفسير!