رسالة البابا بندكتس السادس عشر بمناسبة اليوم العالمي الخامس والأربعين للصلاة من أجل الدعوات 2008 (2)

Share this Entry

الفاتيكان، الخميس 20 مارس 2008 (Zenit.org). – ننشر في ما يلي القسم الثاني من الرسالة التي وجهها قداسة البابا بندكتس السادس عشر بمناسبة اليوم العالمي الخامس والأربعين للصلاة من أجل الدعوات، التي سيحتفل بها في 13 أبريل 2008 بعنوان “الدعوات في خدمة الكنيسة-الرسالة”.

* * *

5. من بين الأشخاص الذين يتكرسون بالكامل لخدمة الإنجيل، هناك بشكل خاص الكثير من الكهنة المدعوين إلى نشر كلمة الله وتوزيع الأسرار، وبوجه الخصوص الافخارستيا وسر المصالحة، وإلى خدمة أصغر الناس، والمرضى، والمتألمين، والفقراء والذين يمرون في أوقات عصيبة في أصقاع الأرض حيث تتواجد أحيانًا جماعات لم تعش حتى الآن لقاءً حقيقيًا مع يسوع المسيح. يحمل المرسلون لهؤلاء الأشخاص أول تبشير بمحبة المسيح الخلاصية.

 تشهد الاحصاءات بأن عدد المعمدين يزيد سنويًا بفضل العمل الرعوي الذي يقوم به كهنة مكرسون بالكامل لخلاص الإخوة.

 في هذا الإطار، نخصص عرفانًا مميزًا لكهنة “هبة الإيمان” (fidei donum) الذين يبنون الجماعة بإخلاص وسخاء من خلال إعلان كلمة الله وكسر خبز الحياة، دون أن يوفروا جهدًا في خدمة رسالة الكنيسة.

 يجدر بنا أن نشكر الله لأجل جمع الكهنة الغفير الذين تألموا وصولاً إلى التضحية بحياتهم لكي يخدموا المسيح… نحن بصدد شهادات مؤثّرة تستطيع أن تشكل إلهامًا للكثير من الشباب لكي يتبعوا بدورهم المسيح وينفقوا حياتهم من أجل الآخرين، فيجدوا بهذا الشكل الحياة الحقة” (الإرشاد الرسولي سر المحبة، 26). من خلال كهنته، يحضر يسوع في وسط البشر اليوم، وصولاً إلى أقاصي الأرض.

 6. لطالما كان في الكنيسة عدد غير قليل من الرجال والنساء يختارون، بفضل عمل الروح القدس، أن يعيشوا الإنجيل بشكل أكثر جذرية، معتنقين نذور العفة والفقر والطاعة. إن هذا الجمع الكبير من الرهبان والراهبات، المنتمين إلى عدد لا يحصى من مؤسسات الحياة التأملية والعملية “ما زال يتمتع حتى اليوم بدور عالي الأهمية في تبشير العالم” (دستور المجمع الفاتيكاني الثاني “إلى الأمم”، 40).

 عبر صلاتهم المتواصلة والجماعية، يشفع الرهبان التأمليون بشكل متواصل بالبشرية كلها؛ أما رهبان الحياة العملية، من خلال أعمال المحبة المتنوعة الوجوه، يحملون للجميع شهادة حية لحب الله ورحمته.

 قال خادم الله البابا بولس السادس بشأن رسل عصرنا هؤلاء: “بفضل تكريسهم الرهباني، هم بشكل مميز أحرار لكي يتركوا كل شيء ويمضوا لإعلان الإنجيل إلى أقاصي العالم. إنهم أغنياء بالمبادرات، ويتميز عملهم الرسولي غالبًا بالإبداع وبالروح الخلاق الذي يستدعي الإعجاب. إنهم أسخياء: إذ تجدهم غالبًا في الصفوف الأولى في الإرساليات، ويعرّضون صحتهم وحياتهم عينها لأخطار جسيمة. نعم، بحق تدين لهم الكنيسة بالكثير” (إرشاد رسولي “التبشير بالإنجيل”، 69).

 7. علاوة على ذلك، ولكي تتمكن الكنيسة من الاستمرار في أداء الرسالة التي أوكلها المسيح إليها ولا تفتقر إلى مبشرين بالإنجيل يحتاجهم العالم، من الضروري ألا تفتقر الجماعات المسيحية إلى تنشئة دائمة على الإيمان للأطفال وللراشدين؛ يجب أن يبقى حيًا في المؤمنين حسٌ فاعلٌ من المسؤولية الإرسالية والشركة المتعاضدة مع شعوب الأرض.

 تدعو هبة الإيمان جميع المسيحيين إلى الإسهام في التبشير. يتغذى هذا الوعي عبر الوعظ والتعليم المسيحي، والليتورجيا والتنشئة الدائمة على الصلاة؛ يجب إنماء خدمة الضيافة، والإحسان، والمرافقة الروحية، والتفكير والتمييز، كما ويجب ترتيب برامج رعوية يشكل الانتباه على الدعوات جزءًا عضويًا منها.

 8. فقط في أرضية مُخصَبة بشكل جيد تُزهِر الدعوات إلى كهنوت الخدمة وإلى الحياة المكرسة. بالواقع، إن الجماعات المسيحية التي تعيش بكثافة البعد الإرسالي في سر الكنيسة لن يؤول بها الأمر أبدًا إلى الانغلاق على ذاتها. إن الرسالة، التي هي شهادة للحب الإلهي، تضحي فعالة عندما يتم الاشتراك بها بشكل جماعي، “حتى يؤمن العالم” (راجع يو 17، 21).

 الدعوات هي الهبة التي تطلبها الكنيسة يوميًا إلى الروح القدس. كما في مطلع أيامها، إن الجماعة الكنسية المجتمعة حول العذراء مريم، سلطانة الرسل، تتعلم منها أن ترجو من الرب إزهار رسل جدد يعرفون أن يعيشوا شخصيًا ذلك الإيمان والحب الضروريين للرسالة.

 9. وإذ أوكل هذه الأفكار للجماعة الكنسية بأسرها، لكي تجعلها خاصتها وتستخلص منها نقط انطلاق للصلاة، أشجع التزام من يجهد بإيمان وسخاء في خدمة الدعوات. وأمنح من كل قلبي بركة رسولية خاصة إلى المنشئين ومعلمي التعليم المسيحي والجميع، وخصوصًا إلى الشباب الذين يقومون بمسيرة تكرس.

 من الفاتيكان، 3 ديسمبر 2007

 الحبر الأعظم بندكتس السادس عشر

* * *

نقله من الإيطالية إلى العربية روبير شعيب – وكالة زينيت العالمية (Zenit.org)

حقوق الطبع محفوظة لمكتبة النشر الفاتيكانية – 2008.

Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير