مانيلا، الثلاثاء 4 نوفمبر 2008 (ZENIT.org).- ننشر في ما يلي الخطاب الذي تلاه الاسقف اغسطينو ماركيتو، رئيس بعثة الكرسي الرسولي لدى المنتدى العالمي الثاني حول الهجرة والنمو، الذي انعقد في مانيلا (الفليبين)، في 29 و 30 اكتوبر الماضي.
* * *
السيد الرئيس،
باسم الكرسي الرسولي ، أرغب بأن أجدد أمنياتي لهذه المناسبة التي تساعدنا على التفكير سوية حول الهجرة والنمو.
أرغب في الوقت عينه أن أعبر عن تقدير الكرسي الرسولي لمنظمي هذا المنتدى الثاني لانهم ادرجوا على جدول الأعمال حلقات حوار حول الهجرة الدولية و النمو وحقوق الانسان. هكذا مبادرة هي بمثابة اعتراف واضح بأن احترام حقوق الانسانية للمهاجر هي شرط أساسي لبشرية تريد ان تستفيد من الهجرة الدولية. هذا صحيح ليس فقط للذين يهاجرون ولكن لبلادهم وللبلاد التي تستقبلهم.
هذا يعني أنه يجب أن يحصل كل المهاجرين، مهما كان وضعهم، على حقوقهم الانسانية ويجب أن يحظوا باهتمام خاص لتحاشي التمييز، ويجب حماية كل من له وضع خاص، كالنساء والأطفال، العجزة وذوي الحاجات الخاصة.
هنالك العديد من الاتفاقيات التي تحتوي على أسس لحماية المهاجرين، المنفيين، العمال المهاجرين، أفراد عائلاتهم، وللعديد من ضحايا الهجرة غير الشرعية والاتجار بالكائنات البشرية.
الأمر يتعلق بتدابير أساسية متعددة ومباشرة لتأمين احترام حقوق وحرية المهاجرين الأساسية، كل العوامل- وهذا من أهداف المنتدى الثاني- التي لها علاقة بالنمو. كيف يمكن للمهاجرين، نساء ورجال، ان يساهموا لخير النمو الصحيح اذا كانت حالتهم غير انسانية؟
وفي هذا الصدد، ارغب في ان اذكّر بخطاب قداسة البابا بندكتس السادس عشر أمام هيئة الامم المتحدة في 18 أبريل الماضي حيث قال:” المستقبل سوف يبنى على الحقوق الانسانية”. ان نتكلم عن النواة الأساسية للقيم، يعني على الحقوق، ولكن أيضا الواجبات و المسؤولية، إضافى الى ضرورة تعزيز الكرامة الانسانية والعدالة، دون فرض النسبية ولا الامبريالية الثقافية، مع القبول التام بمبادىء التضامن والتعاضد.
ان التطبيق العملي لهذه القيم يشكل عاملاً أساسياً لنجاح السياسات الحكومية في هذا المضمار.
عمل الكرسي الرسولي لسنين طويلة على تبني وتعزيز الشرعة العالمية لحقوق الانسان بكاملها، معتبراً إياها مطابقة مع الحق الطبيعي.
استفيد من هذه المناسبة كي اكرر إنه لا يجب التحجج بأن الهجرة الانتقالية والمؤقتة هي سبب للتهرب من الاحترام الكامل لحقوق المهاجرين، وبشكل خاص، حقهم بضم عائلاتهم، بالاعتراف بدورهم الفعال في عملية النمو، من خلال إمكانية الاستفادة من العمل وإرسال الأموال الى المنزل.
أي فشل على هذا الصعيد يدل على أن هنالك نقص في سياسات الاستيعاب و التعاون في بلد إقامتهم، كما ونقص أيضاً في سياسات النمو الوطني في بلدهم الأم.
ان النمو هو عنوان أساسي للقاءاتنا، ولكن غالباً، ما يتخفى وراءه الفقر. التمييز والعنف وكبت الحرية الشخصية او الجماعية، كلها تشكل واقعاً مشتركاً، أكان للهجرة أو للفقر. الإثنان معاً يتكاملان، من حيث، تشكيل الجماعات المنعزلة، التي تمنع اللقاء والحوار، وتحرم الاشخاص من الاستفادة والتبادل المشترك، من الاندماج والتعاون، من الفهم والخير المشترك.
من الضروري على الحكومات ان تتابع عملها لخلق شروط مناسبة لا تكون فيها الهجرة الحل الوحيد لايجاد العمل والعيش الآمن والكريم. من الأهمية خلق فرص عديدة للعمل ببلاد المنشأ وتحاشي سياسة الهجرة التي تهدد أساسات المجتمع وبنوع خاص العائلة، التي هي خلية الأساس. ان الحسنات المفترضة من الهجرة لا توازي المشاكل التي تواجها العائلات من حيث صعوبة الاندماج. في هكذا حالة، الاطفال هم أكثر من المتاثرين حيث غالباً ما يكبرون بدون الأهل وعليهم ان يتحملوا عب المسؤولية الثقيل.
اما في البلاد التي تستقبل المهاجرين، إن عملية ضم العائلات هي الطريقة الانسب التي تساعد على اندماجهم وتخفف كثيرا من مشاكل عدة، وخاصة تلك المتعلقة بالأمن والنظام العام.
المهاجرون لا يشكلون فقط مشكلة، لكنهم أيضا هم بمثابة عطية لمجتماعاتنا. انهم يساعدوننا في أعمالنا، انهم يجبروننا على توسيع آفاقنا، ويدفعوننا للتفكير في أطر جديدة لسياساتنا واقتصادنا. فقط سوية يمكننا ان ننتصر على هذا التحدي وان نفتح عالمنا للمستقبل.
شكرا السيد الرئيس.
ترجمة الأب ماجد مارون – وكالة زينيت العالمية (Zenit.org)