شباب اليوم كنيسة الغد

رسالة مجلس بطاركة الشرق الكاثوليك الى الشباب (الفصل الثالث)

Share this Entry

بكركي، 5 مارس 2007 (ZENIT.ORG). – ننشر في يلي الجزء الاول من الفصل الثالث من الرِّسالة  الرَاعويَّة  التاسعة التي  يوجّهها مجلس بطاركة  الشرق  الكاثوليك إلى  مؤمنيهم  في  شتـّى  أماكن  إقامتهم، بعنوان شباب اليوم كنيسة الغد. « كَتَبْتُ إلَيكُم، أَيُّهَا الشُّبَّانُ :  إنَّكُم أَقوِيَاءُ، وَكَلِمَةُ الله مُقِيمَةٌ فِيكُم» (1 يوحنا 14:2). سننشر في الايام القادمة اقسام الرسالة المتبقية. لمعاينة النص الكامل لهذه الرسالة يمكن زيارة موقع البطريركية اللاتينية في القدس:   http://www.lpj.org/newsite2006/patriarch/pastoral-letters/2006/jeunes2006_ar.html

الرسالة المسيحيّة

«اذهَبُوا فِي الأرضِ كُلِّّهَا،

وَأَعلِنُوا البِشَارَةَ إلَى الخَلْقِ أَجمَعِينَ» (مرقس 15:16).

 أولاً: إعلان البشارة

 اذهبوا في العالم كلِّه

28.  أسّس يسوع المسيح الكنيسة وأرسلها إلى العالم كلّه، قائلاً لرسله: «اذهَبُوا فِي الأرضِ كُلِّّهَا، وَأَعلِنُوا البِشَارَةَ إلَى الخَلْقِ أَجمَعِينَ» (مرقس 15:16). فَهِم التلاميذ رسالتهم ووصيّة معلّمهم. وبعد أن حلّ عليهم الروح القدس يوم العنصرة وملأهم بمواهبه انتشروا في كلِّ الأقطار ينادون ببشارة الخلاص الذي أتى به الربّ يسوع المسيح، وحملوا إلى العالم الجالس في الظلمة والجائع إلى الحقِّ كلمة الحقِّ والحياة. «فَذَهَبَ أُولَئِكَ يُبَشِّرُونَ فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَالرَّبُّ يَعمَلُ مَعَهُم وَيُؤَيِّدُ كَلِمَتَهُ بِمَا يَصحَبُهَا مِنَ الآيَاتِ» (مرقس 20:16).

شهدوا للربّ بكل حبّ. وبذلوا ذاتهم وكلَّ ما عندهم من أجل نشر ملكوته، غير مكترثين للصعوبات والمقاومات والاضطهاد والموت، حتى إنَّ معظمهم بذلوا حياتهم حبًّا للمسيح، فصارت دماؤهم بذارَ حياةٍ للكنيسة. ولعلّ أفضلَ تعبيرٍ عمّا كان يختلج في قلوبهم، هو كلام بولس الرسول: البِشَارَةُ فَرِيضَةٌ عَلَيَّ «وَالوَيلُ لِي إن لَم أُبَشِّرْ… وَفِي سَبِيلِهَا أُعَانِي المَشَقَّاتِ حَتَّى إنِّي حَمَلْتُ القُيُودَ كَالمُجرِمِ» (1 قورنتس 16:9 و2طيموتاوس 9:2).

 البشارة ورسالة الكنيسة

 29.  بشارة الإنجيل هي رسالة الكنيسة. وإنّه واجب عليها ومسؤوليّة تحملها لخلاص البشر، بناءً على تكليف من ربّها ومعلّمها. يقول البابا بولس السادس: «البشارة هي النعمة الموهوبة للكنيسة، ودعوتها الخاصّة، وهوّيّتها العميقة. وُجِدَت الكنيسة للبشارة بالإنجيل، أي لتَعِظَ وتعلِّم، وتصالح الخاطئين مع الله، ولتُبقِيَ ذبيحة المسيح دائمةً باستمرار، ذكرى لموته ولقيامته المجيدة». رسالة الكنيسة، كما أرادها يسوع المسيح، هي أن تكون في الوقت نفسه «سرًّا وعلامةً ووسيلةً لتحقيق الاتّحاد الحميم مع الله ووحدة الجنس البشريّ بأجمعه».

 الشباب رسل البشارة

 30.  البشر، ولا سيّما الشبّان والشابّات الذين يبحثون عن معنى حياتهم وقيمتها ومصيرها ودورها في الخَلق، وكلُّ الذين يعيشون حياة ممزّقة ومنقسمة ومضطربة، هؤلاء كلُّهم ينتظرون الخلاص، ينتظرون مَن يحمل إليهم فرح الرجاء والخلاص. وتعرف الكنيسة أنَّها مرسَلَة ومكلَّفة بهذه المسؤوليّة. لذلك، قام، على مرّ العصور، شبّان وشابّات شجعان وكرماء النفوس قدّموا أنفسهم للبشارة بين شعوب غريبة وبلدان بعيدة وصعبة. فذاقوا الشدائد حتى الموت حبًّا لمعلّمهم ولإخوتهم الذين كلّفهم بمحبّتهم. هؤلاء الرُسُل هم القدّيسون الذين وَلَدُوا للمسيح والكنيسة جماعات وشعوبًا كثيرة.

الحاجات أمام الكنيسة كبيرة. الحصاد كثير. والمسيح الربّ يطلب منّا أن نسأل الآب أن يرسل عَمَلَةً إلى حصاده. فمن يتقدَّم ويقول مثل أشعيا: «هَا أَنَذَا، أَرسِلْنِي!» (أشعيا 8:6).

إنَّ حَمْلَ الرسالةِ إلى القريبين والبعيدين يقتضي تضحية وصدقًا ومحبّة وصلاة. ولا يحمِلُها إلاّ الأقوياء والكرماء. ومَن أقدَرُ على ذلك من الشابّات والشبَّان الملتزمين إيمانهَم وكنيستَهم؟ ومن أكرَمُ منهم في العطاء والبذل والمغامرة والرسالة؟ لِيُباركْكم الربّ يسوع، أيّها الشباب الأعزّاء، هو الذي أحبّكم فدعاكم إلى خدمة ملكوته.

ليس العلمانيّون في الكنيسة موعوظين فقط، يسمعون كلام الربّ على لسان الكهنة والأشخاص المكرَّسين، بل هم أيضًا، كما سبق وذكرنا، أعضاء كاملون في الجسد وأغصان حيّة في الكرمة. لذلك وجب عليهم هم أيضًا أن يعطوا ثمرًا. والنِعَم التي قبلوها لا يجوز أن يُبقوها في مخبإٍ لأنفسهم، بل يجب أن يستثمروها. يجب أن يتاجروا بالوزنات التي تسلّموها وأن يربحوا ويؤدّوا حسابًا إلى ربّ الكرم. في المعموديّة لبسوا المسيح ونالوا الروح القدس، لا ليَضعوا نوره تحت المكيال، بل ليكونوا شهودًا للملكوت أمام الناس أجمعين. وفي سرَّي المعموديّة والتثبيت أصبحوا رُسُلاً للكلمة المتجسّد ولإنجيله، إنجيل الحياة والخلاص. فالعلمانيّون هم أيضًا رُسُل البشارة. ولنا في الكنيسة، منذ عهدها الأول، أمثال على ذلك في أناس ورد ذكرهم في رسائل القديس بولس مثلِ أكيلا وزوجته بْرِسقلَِّة (ر. أعمال الرسل 18 وروما 3:16).

لقد حمل العلمانيّون، على مَرِّ الأجيال، البشارة إلى مختلف البيئات والقطاعات والشعوب، مع الكهنة والرهبان والراهبات والمكرَّسين والمكرَّسات. وما النشاط المفرح الذي نشهده في أيّامنا، يقوم به عددٌ متنامٍ من العلمانيّين، معظمهم من الشباب، في جمعيّات وأخويّات ومجالس
وحركات رسوليّة في الكنيسة، إلاّ دليلُ وعيٍ عندهم لدورهم في الكنيسة واستعدادهم للقيام بما ينمّيها ويحقِّق رسالتها.

ولقد لفت هذا الأمرُ انتباهَ آباء المجمع الفاتيكاني الثاني، فأكّدوا «أنَّ الرعاة يدركون جيّدًا أهمّية مشاركة العلمانيِّين لخير الكنيسة كلّها».

 بشارة جديدة

 31.  لا تتوجَّه البشارة في أيّامنا إلى غير المعمّدين فقط، بل إلى المعمَّدين أيضًا والذين آمنوا بيسوع المسيح ثم فقدوا حرارة الإيمان أو الإيمان كلَّه لأسباب عدّة، منها اللامبالاة الدينيّة والمبادئ المعارِضة للإنجيل، وروح العلمنة والإلحاد والوقوع تحت سيطرة المال والاستهلاك والغريزة والسلطة. وهناك أسباب أخرى كثيرة تضعف أيضًا إيمان أبنائنا مثل الفقر والبؤس والمرض والمظالم والكوارث والحروب… في وجه هذا التراجع في الإيمان نادى البابا يوحنا بولس الثاني «ببشارة جديدة»، تهدف إلى إعطاء الإنجيل إلى مَن هم أصلاً أبناء الإنجيل، ولكنّهم تخلًّوْا عنه. وقد أوصى قداسته أيضًا باتّخاذ وسائلَ وطرقٍ جديدة لذلك.

 افتحوا أبوابكم للمسيح

 32.  هذه البشارة المتجدّدة تقدِّم للمعمَّد ولغير المعمَّد، من جهة، القِيَم التي بها تَخْلُصُ البشريّةُ فتحيا، ومن جهة ثانية، تقدِّم شخصَ يسوع المسيح الذي هو «الطريق والحقّ والحياة».

<p>ممّا لا شك فيه أنَّ الكنيسة التي هي من البشر، والمكرّسةَ لتمجيد الله، إنما هي للإنسان ولخدمته. صارَ ابنُ الله إنسانًا ليُكسِبَ الإنسانَ مجدَ الألوهية. وإنَّ المسيح، الإنسان الحقيقيَّ الكامل والأمثل، «لمَّا كشف عن سرّ الآب ومحبَّته، بيّن للإنسان حقيقة الإنسان في وضوح كامل، وبيَّن له سموَّ دعوته»… فالكنيسة مدعوّة لخدمة الإنسان انطلاقًا من رسالتها الإنجيليّة، المتأصّلة أولاً في واقع التجسُّد العجيب والمذهل، والذي به «اتَّحد ابنُ الله نفسُه، على وجهٍ ما، بكلِّ إنسان».

في عظةٍ افتتح بها البابا يوحنا بولس الثاني خدمته كراعٍ أعلى للكنيسة، في 22 تشرين الأول سنة 1978، وجّه إلى جميع أبناء العصر، النداء التالي: «لا تخافوا! افتحوا أبوابكم على مصراعيها للمسيح! افتحوا لقدرته المخلّصة حدود بلادكم، وأنظمتَكم الاقتصاديّة والسياسيّة، وحقولَ الثقافة والحضارة والتنمية الواسعة. لا تخافوا! إنَّ المسيح «يعرف ما في الإنسان» (ر. يوحنا 25:2). هو وحده يعرف. والإنسان غالبًا ما لا يعرف، في أيّامنا، ما يحمله في داخله، في قرارة نفسه وفي أعماق قلبه. ولهذا كثيرًا ما تساوره الشكوك في معنى وجوده على هذه الأرض. ثم يتحوّلُ الشكُّ لديه إلى إحباط ويأس. فأنا أدعوكم، بل أناشدكم، بكل تواضع وثقة، أن تسمحوا للمسيح بالتحدُّث إلى الإنسان. هو وحده، عنده كلام الحياة، نعم، الحياة الأبديّة». هذا نداءٌ موجَّهٌ إليكم اليوم أيضًا، أيّها الشبّان والشابّات الأعزّاء.

 

Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير