روما 9 مارس 2007 (ZENIT.org). – ألقى الكاردينال ترشيسو برتوني، أمين دولة القاتيكان، كلمة أثناء حفل تقديم كتاب لعضو مجلس الشيوخ الإيطالي لويجي بوبا، بعنوان “موقع الكاثوليك”.
استشهد الكاردينال في مطلع حديثه بشسترتون القائل: “ليس صحيحًا أن من لا يؤمن بالله، لا يؤمن بشيء، لأنه بالحقيقة يبدأ بالإيمان بكل شيء”.
وأشار الكاردينال إلى أهمية التساؤل عن موقع ودور الكاثوليك السياسي في المجتمع. وتساءل: “ما هو السبيل للحؤول دون جعل التزام الكاثوليك من دون معنى ومن دون تأثير؟ “.
وأضاف: “صحيحٌ أن على الكاثوليك الملتزمين في العمل السياسي أن يتبعوا ضميرهم. ولكن من الأهمية بمكان أن يعوا أن الضمير ليس مطلقًا يسمو على الحقيقة وعلى الضلال، على الخير والشر. لا بل إن طبيعة الضمير الجوهرية هي أن يحترم القيم التي لا يمكن التغاضي عنها، لأنها قيم مرتبطة بحقائق موضوعية، شمولية ومتساوية لدى الجميع”.
وأضاف الكاردينال: “إن الحس الخلقي الحي هو بعد أساسي في المسيحية لا يمكن الاستغناء عنه. وبهذا الشكل فقط من الممكن القيام بالعمل الاجتماعي انطلاقًا من احترام الشخص البشري وحقوقه الرئيسية”.
“لا نستطيع أن ننسى تعليم شِارل بيغي القائل: “الديمقراطية: إما أن تكون خلقية أو لا تكون” (راجع فرح ورجاء، 75؛ تعليم الكنيسة الكاثوليكية، 1807).
وأشار الكاردينال أنه أمام الانحطاط الاجتماعي الذي تعيشه مجتمعاتنا، لا يكفي أن نقوم بشهادة فردية وحسب، بل ينبغي الالتزام “بعمل جماعي واسع النطاق من أجل بناء أسلوب عيش مطبوع على احترام القوانين يهدف، لا إلى القضاء على التصرفات المشينة وحسب، بل إلى تعزيز العيش الشريف”.
واعتبر برتوني أنه من الضروري العمل على مفهوم ناضج للضمير يعمل لا انطلاقًا من الخوف من العقاب بل يرسي خياراته على إيجابية القيم وصلاحها.
وأعطى الكاردينال أمثلة عن القيم التي يجب تنميتها والتعمق في فهمها: كموضوع احترام الحياة منذ لحظة الحبل بها وحتى لحظة انتهائها الطبيعية، وموضوع العائلة المبنية على الزواج بين رجل وامرأة، وصولاُ إلى مواضيع العدالة والتضامن الاجتماعي، معتبرًا إياها كقيمٍ “ميزت المسيحية السياسية عبر التاريخ، بحسب قول صاحب المزامير عن ملك إسرائيل القديم: “يحرر الفقير الذي يدعوه والبائس الذي لا عون له، يرأف بالمسكين والفقير ويخلص حياة البؤساء” (مز 72 [71]، 12- 13).
“تشكل الكنيسة والمسيحية رفيق درب لمن يسعى لتحقيق الخير الممكن”.
“إن عملاً سياسيًا يسيء إلى هذه القيم لا يفيد أحدًا، ولذا يخطئ من يدافع عن كذا عمل سياسي باسم الضمير وباسم ما يعرف بالعلمانية، مدعيًا أن هذا التصرف هو تعبير عن النضج الاجتماعي”.
ودعا الكاردينال السياسيين ذوي الإرادة الطيبة، لا الكاثوليك فحسب، “إلى تخطي منطق النافع والفوري، والسعي إلى تحقيق المآرب الشخصية” وإلى الالتزام بالقيم البنّاءة.
وأنهى برتوني كلمته مستعيدًا قول شسترتون متمنيًا أن يساهم الكتاب في توعية الكاثوليك على دورهم في مساعدة المجتمع على عدم “الإيمان بكل شيء”. “فعلى الكاثوليك أن يغذوا المجتمع بتلك القيم الخلقية التي لا يستطيع المجتمع السياسي أن يستغني عنها”.