الفاتيكان، 21 مارس 2007 (ZENIT.org). – عرض الأب فيديريكو لومبادري، مدير دار النشر التابعة للكرسي الرسولي، على وسائل الإعلام إطلاق “حوار الحقيقة العظيم”.
ننشر في ما يلي الأفكار التي عرضها:
منذ أشهر عدة ويختبر من يتابع الأخبار والصحافة في إيطاليا، سيلاً لا ينقطع من المداخلات المنوعة المتعلقة مباشرة أو بشكل غير مباشر بموضوع اتحادات الأمر الواقع.
وغالبًا ما يجد العاملون في مجال الاتصالات الاجتماعية أن هذه المداخلات لها ركيزة موضوعية، ولكن، بالوقت عينه، غالبًا ما تكون هذه المداخلات مضخمة بشكل واضح، لا بل إن بعضها يخضع للتحوير وتستغل كلمات ونصوص ونوايا “الجهة المقابلة”.
ويعود هذا الاستغلال إلى الحماسة المتحزبة، ولكنها تكون أحيانًا مقصودة ومحسوبة. يبدو وكأننا نصبح أكثر فأكثر أسرى حلقة منحرفة: ويضحي موقف الإصغاء واحترام المحاورين أكثر صعوبة، وفهم نوايا الآخر أمرًا مستحيلاً عمليًا. بات “الحوار” كلمة مفرغة.
يود الكثيرون تغيير هذا الوضع، ولكنهم لا يعرفون من أين يجب أن ينطلقوا: يخافون أن يتعرضوا للاستغلال حالما يفتحون أفواههم. ويتفشى بالتالي مناخ من العجز.
وقد يفرح البعض بسبب فقدان الكنيسة شعبيتها. إن دناءة وقصر نظر كذا موقف لا يستحق أن يسترعي انتباهنا.
المسألة تتعلق بنا جميعًا وبكل المجتمع الإيطالي، ويذهب – في هذه الحالة – أبعد من ارتباط الكنيسة وشخصياتها. فالمسألة هي مسألة قدرتنا المشتركة على الحوار البناء حول مواضيع هامة، بغية إحقاق الخير العام، دون الانزلاق في سجن من التعارض لا مخرج منه.
لذا تضحي القدرة على ضبط النفس وعلى ضبط ردّات الفعل طارئة في هذه الآونة. ينبغي أن نحرص على عدم التصعيد الكلامي، وعلى احترام أكبر لما قاله المحاور ولما أراد قوله، وأن نحترم الملفات آخذين بعين الاعتبار إطارها وطبيعتها.
نحتاج إلى جهد يفوق الجهد العادي – إذ ان الحالة باتت فائقة العادة – لتطبيق أصول الأخلاق المهنية بين العاملين في المواصلات والمدراء، والانفتاح بين مختلف المواقف السياسية الاجتماعية.
قد يبدو هذا الحديث أخلاقيًا متزمتًا. ولكن من يعمل في حقل الاتصالات الاجتماعية يعرف أن هذا الأمر هو جد عملي. حتى دون التوصل إلى تحوير مواقف وكلمات الآخرين بشكل مقصود، هذه المسألة تتعلق باختيار المواضيع التي يتم عرضها، مع العناوين وإعادة التوزيع وبناء النقاشات.
إلى أين نريد أن نصل؟ لطالما برهنت الكنيسة عن كونها جزءاً حيوياً ونبيهاً في حياة المجتمع الإيطالي ولذا لا يمكن لأحد أن يعتقد أنه خير أن تهمّش الكنيسة أو أن تكون في موقف انكسار.
وعلاوة على ذلك، فإن المسألة أكبر من ذلك وتطال الانحطاط الجماعي في قدرة المواجهة المدنية والبناءة لأجل التوصل إلى الخير العام. ولهذا فالقضية متعلقة بنا جميعًا: كاثوليك وعلمانيين، مؤمنين وغير مؤمنين، ولا يمكن لأحد أن يعتبر نفسه مستثنىً.
وإذاعة الفاتيكان يجب عليها ألا تعتبر نفسها مستثناة، بل ينبغي عليها أن تقدم مساهمتها بأمانة وشجاعة، ولكن دومًا عبر جهد يحترم مواقف الآخرين ونواياهم.
إن هذا لالتزام يومي ضروري وواجب، لكي يُفهم تداخل الكنيسة في نسيج مجتمعنا بشكل إيجابي كاقتراح وخدمة لخير الجميع.