الفاتيكان، 27 مارس 2007 (ZENIT.org). – ننشر في ما يلي الأعداد 16 و 17 من القسم الأول من الإرشاد الرسولي “سر المحبة” لقداسة الحبر الأعظم البابا بندكتس السادس عشر حول موضوع الافخارستيا مصدر وغاية حياة الكنيسة ورسالتها.
الافخارستيا والأسرار
أسرارية الكنيسة
16. لقد ذكر المجمع الفاتيكاني الثاني بأن “جميع الأسرار، مع جميع أعمال الخدمة الكنسية وأعمال الرسالة، مرتبطة صميميًا بالافخارستيا المقدسة وتصبو إليها. فالافخارستيا المقدسة تحوي كل خير الكنيسة الروحي، أي المسيح فصحنا والخبز الحي الذي يعطي الحياة للبشر بجسده الذي يحييه الروح القدس. وبهذا يدعى البشر كلهم ويُقادون إلى تقدمة أنفسهم وأعمالهم وكل الخليقة مع المسيح”.
نستطيع فهم مبدأ العلاقة الحميمية القائمة بين الافخارستيا والوجود المسيحي عندما نتأمل سر الكنيسة نفسه في بعده الأسراري. في هذا الصدد، يقول المجمع الفاتيكاني الثاني “إن الكنيسة هي، في المسيح، بمثابة السر، أي الرمز والأداة للاتحاد الصميمي بالله ووحدة الجنس البشري برمته”. الكنيسة من حيث هي، – بحسب القديس قبريانوس – “الشعب المجتمع بوحدة اللآب والابن والروح القدس” هي سر الشراكة الثالوثية.
كون الكنيسة هي “سر الخلاص الشامل” يبين لنا أن “التدبير” الأسراري يحدد أخيرًا الطريقة التي يتواصل فيها المسيح، المخلص الوحيد، بواسطة الروح القدس، مع وجودنا في خصوصية ظروفه. تتلقى الكنيسة هويتها وتعبر عنها من خلال الأسرار السبعة، التي، من خلالها، تؤثر نعمة الله بشكل عملي على وجود المؤمنين لكي تصبح الحياة بأسرها، وقد افتداها المسيح، عبادة مرضية لدى الله.
في هذا الإطار، أود أن أسلط الضوء على بعض العناصر التي شدد عليها آباء السينودس والتي بامكانها أن تساعدنا لنفهم علاقة جميع الأسرار بسر الافخارستيا.
أ. الافخارستيا والتنشئة المسيحية
الافخارستيا، ملء التنشئة المسيحية
17. إذا كانت الافخارستيا بالفعل مصدر وغاية حياة الكنيسة ورسالتها، هذا يعني أن مرجعية مسيرة التنشئة المسيحية هي إمكانية الإقبال على هذا السر.
بهذا الصدد، كما قال آباء السينودس، يجب علينا أن نتساءل إذا ما كان هناك فهم كافٍ، في جماعاتنا المسيحية، للعلاقة الصميمية التي تربط المعمودية والتثبيت والافخارستيا. لا يجب أن ننسى أبدًا أننا ننال العماد والتثبيت بهدف قبول الافخارستيا. هذا الأمر يدفعنا إلى الالتزام بتعزيز وعي أكبر في النشاط الرسولي لوحدانية مسيرة التنشئة المسيحية.
يشكل سر المعمودية، الذي من خلاله نصبح مطابقين للمسيح، وندخل في جسد الكنيسة ونصبح أبناء لله، باب الدخول إلى جميع الأسرار. به نضحي أعضاء في جسد المسيح الواحد (راجع 1 قور 12، 13)، وشعبًا كهنوتيًا.
ولكن، وحده الاشتراك في ذبيحة الافخارستيا، يكمل فينا ما قد نلناه بالعماد. فحتى عطايا الروح القدس، إنما تُمنح لبناء جسد المسيح (1 قور 12) ولتعزيز الشهادة المسيحية في العالم.
لهذا تشكل الافخارستيا كمال التنشئة المسيحية، وتؤلف محور وغاية كل الحياة الأسرارية.