وأضاف في حوار مع جريدة الرأي الأردنية أن ادعاءات إسرائيل إزاء المغطس في الأردن باطلة، مدللا على ذلك أن الكتاب المقدس جاء فيه بصورة قاطعة غير قابلة للشك أن المسيح اعتمد في الضفة الشرقية من نهر الأردن, مبينا أن هدف إسرائيل من هذا الادعاء تجاري وسياحي خصوصا بعد فشل مشروع المغطس الذي أقيم في الشمال عندها.
وأعرب عن أمله في أن يصل التغيير والربيع العربي إلى إسرائيل ولو كان عبر تدفق العرب للمطالبة بالسلام وإقامة الدولتين والعيش بسلام واستقرار.
يواجه أهل القدس صعوبات وظروفا قاسية منها التهجير القسري من قبل إسرائيل وبيع الممتلكات سواء منازل أو أراض فهل لك وصف صورة واقع الحال هناك؟
القدس تلك المدينة المقدسة الجامعة لكل المؤمنين بمختلف الطوائف سواء كانوا سكانها أو غيرهم لأنها المدينة التي تجمع المؤمنين جمعيا وتوحدهم، غير أنها في الوقت عينه تفصل فيما بينهم بصورة مؤلمة لدرجة العنف والتوتر بسبب التنازع عليها من قبل الجميع.
إذن رغم خصوصية القدس واحتضانها لأجمل وكل جميل على غرار كنيسة القيامة، غير أن الحزن والألم الشديد يسيطران على القدس ويجعلان الوضع غير مستقر ومتوترا، لدرجة أن القدس تفقد قداستها عبر المضايقات ولعل أبرزها هو انتشار الجنود والمدرعات أكثر من الرعية وأبناء المدينة وفصل القريب عن قريبه.
ولكن هناك عاملا واحدا ما يزال يعطي القدس بعدا روحيا هو زيارة الحجاج من شتى مناطق العالم للقدس لكن ليس بشكل كبير وشعورهم بالحزن على الواقع.
لكن التهديد الحقيقي للقدس يكمن في التهجير والهجرة التي تفرض علي جميع السكان وليس لدي العدد الذي هاجر لكن المقلق نسبة من بقي وهي على النحو التالي وجود 10 آلاف مسيحي، و245 ألف مسلم، إلى جانب 455 ألف يهودي, وكذلك استمرار بناء المستوطنات ليكون عاملا طاردا وللتضييق على الفئات الموجودة في القدس.
وعامل آخر يساهم في تناقص عدد العرب هو انخفاض معدل إنجاب الأطفال بحكم الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي تمر على السكان.
ومن الصعوبات في القدس جمع الشمل حيث أن إسرائيل لا تسمح لأي شخص غير قدسي السكن في القدس ومن يتزوج من خارج القدس عليه التنازل عن الهوية الأورشليمية القدسية ويلتحق الزوج أو الزوجة بأي قرية فلسطينية والأعداد كبيرة ولكن ما لدينا من أرقام في البطريركية نحو 1000 حالة يعيش أصحابها بشتات خارج القدس ويحظر عليهم الرجوع إليها.
ورغم انه خلال زيارة قداسة البابا الأخيرة طلب من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتياهو لم شمل هؤلاء وذلك للحفاظ على الوجه المسيحي في القدس لكن الجواب جاء بالرفض، وكذلك طالب جلالة الملك عبدالله بهذا الطلب للحفاظ على هوية القدس ولم شمل العائلات المسيحية والإسلامية لكن دون جدوى أو تجاوب من قبل الحكومة الإسرائيلية الحالية التي فقط «تبيع حكي» دون أفعال وأعمال، وعلى ارض الواقع لا يوجد تقدم حقيقي وشواهد تدلل على رغبة في إقامة سلام حقيقي وان تصبح القدس مشتركة بين إسرائيل وفلسطين.
ومن صعوبات مشهد الحياة اليومي والمتكرر هو عند الوقوف عند أي حاجز إسرائيلي بغض النظر عن كونك مسيحيا أو مسلما يكفى انك عربي لتتحمل كل نتائج الهوية العربية ومضايقات متعددة.
وفيما يتعلق ببيع الممتلكات، هناك الكثير ممن يعرضون منازلهم للبيع مما يجعل إسرائيل تلجأ إلى العنف والإغراء المالي بدفع أموال خيالية لهم، لتغلق الأبواب أمام أي جهة عربية وعجزها في دفع الأموال التي تدفعها إسرائيل.
لكن لا بد من الإشارة إلى دور الكنيسة اللاتينية في الحفاظ على هوية القدس
والوجود المسيحي عبر شراء لبعض المنازل وحسب قدرتنا والإمكانيات المتاحة. ونأمل أن نمتلك الملايين لشراء تلك المنازل من اجل إسكان أبنائنا في القدس سواء من المسلمين والمسيحيين لنحافظ على وجودنا العربي، حيث طلبنا من جلالة الملك المساعدة بهذا الشأن الذي شعر وقدّر صعوبة الوضع.
ما هي إجراءات البطريركية اللاتينية للمحافظة على هوية القدس العربية والجهود التي تبذل وتوضيح طبيعة دوركم إزاء هذه المسألة؟
هناك خطوات كثيرة منها محاولتنا شراء البيوت ضمن المبالغ المتوفرة والتي نستطيع دفعها ضمن هذه الظروف الصعبة، وكما نقوم في بناء مشاريع سكنية بلغت نحو 10 مشاريع سكنية لغاية الآن، حيث أن آخر مشروع سكني يتضمن 82 شقة تم تخصيصها للعائلات الشابة سيتم الانتهاء منه في غضون الأشهر المقبلة. لاسيما أن إسرائيل ترفض ولا تمنح هذه العائلات الشابة إذن بناء، وعامل آخر هو أن أوضاعهم المالية لا تسمح لهم بالبناء ومسألة رفض منح إذن البناء يسري علينا أحيانا ونواجه صعوبات كبيرة حتى نحصل على ترخيص وإذن بناء من إسرائيل ويستغرق من 2الى 3 سنوات.
أما الخطوة الثانية فهي سعينا نحو توفير العمل والوظائف وذلك من اجل تثبيت أهل القدس حيث أن المهمة أساسية عندنا تشبه الهواء والماء لضمان استمرار حياة الناس في القدس.
وكما نقوم بحوار دائم والتحدث مع الرعية بضرورة تحمل الصعوبات والتضحية والبقاء.
<p> أقول ان الجميع يدرك تماما أهمية دورنا المؤثر في المحافظة على الوجود المسيحي ومدى التأثير بحكم أن صوت البطريركية مسموع في أوروبا وأمريكا والفاتيكان، والرئيس محمود عباس شاعر بأهمية ما نقوم به ودورنا حيث اننا نبني ما تهدم إسرائيل، ونقوم بشراء الأبنية ونكون جسر تواصل وفتح حوار فيما بين الإسرائيليين والفلسطينيين يجمع ولا يفرق بين الجميع و
كذلك بين أبناء القدس مسلمين ومسيحيين. وهنا لا بد من ذكر نقطة هامة وتوجيه تحية إلى سكان المخيمات في الضفة الغربية حيث أنهم أشجع الناس وتحملوا كل الظروف الصعبة التي يعيشونها بدون ماء وكهرباء لكنهم يرفضون الخروج من أراضيهم.
ماذا تقول عن دور الأردن إزاء القدس ودوره في المحافظة وحماية المقدسات؟
نقول نشكر الله على دور الأردن الحامي للقدس، ولكنَّ لدينا مخاوف وتساؤلا إلى متى هذه الحماية ومدى هذه الحماية خصوصا في ظل إصرار إسرائيلي على عدم الرد على أي طرف عربي أو دولي، وكذلك غياب السلام والحل العادل للقضية يبقي الدور محصورا لنا جمعيا بخطابات دون خطوات حقيقية على ارض الواقع ونحن نقدّر ونريد التعاون مع الأردن لتعزيز دوره في الحماية.
بماذا تعلق على الادعاءات الإسرائيلية حول موقع المغطس بأنه في الجهة الغربية وليس الشرقية في الأردن؟
أقول أن المسيح عليه السلام تعمد في الجهة الشرقية من الأردن، والجملة التي تساعدنا وتبطل ادعاءات إسرائيل وردت في الكتاب المقدس وهي عبر الأردن من الجهة الشرقية، وكذلك وجود الآثار الدينية من كنائس في الجهة الشرقية وكذلك الغربية.
لكن هناك مسألة مهمة أخرى أن إسرائيل تأخرت في فتح الجزء الغربي لان الأرض مزروعة بالألغام. واعتقد أن خروجهم (الإسرائيليين) بتلك الادعاءات تنطلق من اعتبارات تجارية وسياحية لاقتسام السياح مع الأردن وليست قضية إيمان. والدليل على ذلك تجربتهم بعمل مغطس في شمال إسرائيل وفشل هذا المشروع.
هل تعتقد أن هناك تهجيرا قسريا لمسيحيي الشرق الأوسط وإفراغ المنطقة العربية منهم؟
بصراحة، لا اعتقد أن هناك استهدافا لمسيحيين لأنه حاليا منطقة الشرق الأوسط تمر بأزمة تترجم واقعيا على السكان وتمس الجميع المسلم والمسيحي، لكن مشكلتنا أننا نحن أقليات مما يجعل أي فرد يغادر نشعر بفقدانه أكثر من غيره لان الهجرة تطارد الجميع في الوقت الحاضر.
لكن هناك حقيقة أن عدد المسيحيين في الخارج خصوصا في الولايات المتحدة الأميركية كبير جدا وهم يعملون ويعيشون بسلام، لكن دائما نحرص في الزيارات الرعوية تذكيرهم بالكنيسة الأم وجذورهم وأرضهم وتعزيز روح الانتماء وحثهم على مساعدة بلدانهم.
وهجرة المسيحيين في السابق كانت منتشرة بين الفلسطينيين، حاليا يمكن القول أن معظم العائلات الأردنية لديها أبناء في المهجر بحكم الظروف الاقتصادية.
تأثير الربيع العربي على الشعوب العربية خصوصا الأقليات ماذا تقول؟
أرى أن الربيع العربي في كل من تونس ومصر انطلق بمساره الصحيح بهدف تحرير الشعوب والحرية والعدالة والديمقراطية. لكن ما يحدث في الدول العربية الأخرى حاليا لا يمكن اعتباره ربيعا عربيا ناصعا لان لغة المصالح الاقتصادية والسياسية طاغية عليه فمثلا ربيع ليبيا رائحة البترول تخرج منه. واعتقد أن التغيير يسير وسيصل إلى الجميع لكن بطرق سليمة لان الطريق الأخضر الذي تسير فيه الشعوب تكون نهاية مساره الوصول إلى التغيير والاستقرار لا الفوضى والدمار ويحقق أهداف.
لكن ما اطمح إليه هو وصول الربيع العربي لإسرائيل، فما المانع من دخول أربعة ملايين من الدول العربية المجاورة لإسرائيل فقط بأيدٍ مرفوعة، دون حمل أحجار أو أسلحة وطلبهم يكون السلام من اجل العيش حياة كريمة وطبيعية مثل الآخرين.
كيف تنظر إلى تهديد إسرائيل بمقولة الوطن البديل وتصفية القضية على حساب الأردن؟
الأردن ليس عليه خوف بل الخوف الحقيقي على فلسطين لان الوطن البديل هدفه شطب فلسطين أرضا وشعبا, وهذا لا يجوز لان فلسطين موجودة قبل إسرائيل. والأردن بلد قائم له كيانه ومعترف فيه وصوته مهم ومؤثر في المنطقة العربية وكل العالم الغربي.
كيف تصف علاقة التعايش بين الأردنيين وحوار الأديان فيما بينهم؟
علاقة التعايش ميزة تاريخية في الأردن حيث لا تمييز بين أردني مسلم ومسيحي، لكن قضية الحوار أخذت بعدا سياسيا بعد ظهور الحرب على الإرهاب والمصالح الجديدة وتيارات الأطراف التي خلقت مشاكل تتطلب حلولا لكن منذ زمن بعيد وفي الأردن يعيش المسلم والمسيحي دون تفريق ووحدة حال وتشابه في العادات والتقاليد.
هل لك الحديث عن الجامعة الأمريكية في مادبا المملوكة لبطريركية اللاتين؟
أود الإشارة إلى مسألة هامة وهي أن بطريركية اللاتين تهتم بجوانب التعليم منذ زمن بعيد، حيث أنها أنشأت العديد من المدارس في الأردن وقبل وجود وزارة التربية والتعليم، حيث يوجد لدينا أكثر من 100 مدرسة وحوالي 70 ألف طالب ومفتوحة أمام كل المواطنين، وجانب آخر يحظى بالاهتمام وهو إنشاء المستشفيات والجانب الصحي ووجود 14 مستشفى لخدمة جميع سكان الضفة.
والجامعة جاءت لتستكمل خطوة التعليم حيث أن منظومة التعليم والتربية الصحيحة تكون سلاحا قويا بيد المواطن ويخدم دولته بالشكل السليم، والجامعة تستقبل الجميع وفيها عدة تخصصات وبدأت باستقبال الطلبة وأول دفعة لهذا العام الدراسي عددها حوالي 200 طالب والافتتاح الرسمي متوقع في ربيع العام المقبل وتحت الرعاية الملكية السامية.
ما الكلمة التي تريد توجيهها إلى الشعب الأردني؟
أقول أن نعمة الله تجسدت في الاردن عبر الاستقرار الذي يمتاز فيه، ويكفي أن جلالة الملك كان من بدأ بالإصلاح السياسي من تعديلات الدستور وحزمة قوانين، فكان الأردن الأول في المنطقة العربية على درب الوصول إلى الديمقراطية والإصلاح الشامل وتحقيق المصلحة العامة دون أي توتر مع الحفاظ على الأمن والاس
تقرار الأردني.