حضر الجلسة الافتتاحية السفير البابوي المونسنيور غابرييل كاتشا، رئيس المجلس الحبري “قلب واحد” الكاردينال روبير سارة لفيف من المطارنة من مختلف الطوائف الكاثوليكية، رؤساء الكنائس المحلية، رؤساء ورئيسات الرهبنات المؤمنون والإعلاميون في الكرسي البطريركي الماروني بكركي.
بعد الصلاة الافتتاحية المشتركة التي أقيمت في كنيسة الباحة الخارجية للصرح رحب البطريرك الراعي بالبطاركة القادمين للمشاركة في المؤتمر الذي سيستمر حتى يوم الخميس و شدد على ان للوجود المسيحي بعدان الأول حسي والثاني رسولي.وجاء في كلمته:
أصحاب الغبطة والنيافة، سيادة السفير البابوي،
أصحاب السيادة، قدس الرؤساء العامين وحضرة الآباء،
1. يسعدنا أن نفتتح الدورةَ العشرين لمجلس بطاركة الشرق الكاثوليك، تحت أنوار الروح القدس وشفاعة أمنا مريم العذراء. وهي دورةٌ مخصصة لموضوع سينودس الشرق الأوسط: “الكنيسة شركة وشهادة”، بحيث نبحثُ معاً في آلية تطبيق توصيات السينودس، إنطلاقاً من الأوضاع الراهنة في منطقة الشرق الأوسط، على مستوى الكنائس الكاثوليكية والمجالس الأسقفية في بلداننا، وعلى مستوى الإعلام المسيحي. هذا بالإضافة إلى شؤون راعوية وكنسيّة وتحديداً مشروع مؤتمرات العلمانيين، ونشاطات التعليم المسيحي، والتنسيق بين لجان العائلة، وأعمال مرشدية السجون، بالإضافة إلى شؤون إدارية تختصّ بهذا المجلس.
2. ويسعدني باسم أسرتنا في هذا الكرسي البطريركي، صاحب الغبطة والنيافة الكردينال البطريرك السابق مار نصرالله بطرس الكلي الطوبى، والسادة المطارنة النواب والمعاونين البطريركيين وجمهور الآباء والراهبات والموظفين،أن نرحّب بأصحاب النيافة والغبطة البطاركة ومعاونيهم، ونعرب عن شرف استضافتكم في هذا الكرسي البطريركي، حيث نسكن معاً ونصلّي معاً، ونفكر معاً، ونضع الخطة الراعوية المشتركة في المواضيع المذكورة.
3. إننا نشكر الله ونحمده، وقد ألهم قداسة البابا بندكتوس السادس عشر الدعوة إلى عقد جمعية سينودس الأساقفة الخاصة بالشرق الأوسط في تشرين الأول 2010، وها نحن ننتظر الإرشاد الرسولي الذي سيُصدره قداستُه في أعقاب هذه الجمعية السينودسية. إنها جمعية نبويةتأتي لمعونتنا لكي نحسن قراءة الأحداث الجارية في بلدان الشرق الأوسط وما تنطوي عليه من تحديات في ضوء كلام الله والهامات الروح القدس، ولكي نعطي أجوبة رجاء وعمل لأبناء كنائسنا، ونستنبط آلية تضامننا مع شعوب هذه البلدان، على مستوى التعاون مع الكنائس الأرثوذكسية والجماعات الكنسية المتفرِّعة عن حركة الإصلاح، وعلى مستوى حوار الحقيقة والحياة مع الإخوة المسلمين واليهود، ومع سواهم من أبناء الديانات الأسيوية والإفريقية الذين يعيشون في بلداننا ومعنا.
4. إنَّ موضوع هذا المؤتمر الموحى من جمعية السينودس الخاصّة، أي “الكنيسة الكاثوليكية في الشرق الاوسط: شركة ومحبة”،يقتضي أن نتناول فيه تباعاً ثلاثة مواضيع مترابطة ومتكاملة،
أولاً، الحضور المسيحي في بلدان الشرق الاوسط. وله بعدان الحسّي والرسولي. الحضور الحسّي يعني الوجود حسيّاً ومادّياً ووطنياً، مع ما يقتضي هذا الوجود من حقوق أساسية، وحماية، ومحافظة. فالوجود هو الأساس. والحضور الرسالي هو روح الوجود ومبرّره ومعناه. ويتّصف “بالرسالي” لأنه صاحب رسالة مزدوجة هي الشركة والشهادة. أنَّ مؤتمرنا يقف اليوم أمام تحديات الوجود والحضور. ويلتمس من أنوار الروح القدس جواباً راعوياً عليها.
ثانياً، الشركة.الكنيسة في جوهرها اللاهوتي هي كنيسة الشركة، الغنيّة بتراثات الكنائس وتقاليدها الروحية والليتورجية والتنظيمية والثقافية. وهي متمثّلة في هذا الشرق بكنائسها السبع، الحاضرة هنا الآن ببطاركتها السبعة. لكن الشركة تنطلق من الداخل نحو الكنائس الاخرى الغنية هي أيضاً بتراثاتها وتقاليدها، لتعيش معها الشركة التي من أجلها صلّى الرب صلاته الكهنوتية ليلة آلامه وموته عن خطايانا وانقساماتنا، وقام من بين الاموات ليقيمنا لحياة النعمة والوحدة: “يا أبتِ السماوي، ليكونوا بأجمعهم واحداً، ليؤمنَ العالم أنك أنتَ أرسلتني، وأنك أحببتهم كما أحببتني”(يو 17: 21 و 23).
وبما أن الكنيسة هي كنيسة الشعوب والأمم، فإنَّ الشركة تفتح آفاقها على الأخوة الذين نعيش معهم في بلداننا من مختلف الاديان والمذاهب، في حوار الحياة القائم على حوار الحقيقة والمحبة.
إنَّ هذا المؤتمر يتشاور في تحديد آلية تحقيق المزيد من الشركة في دائراتها الثلاث.
ثالثاً، الشهادة لمحبة المسيح التي تسود العلاقات فيما بيننا، ومع سائر مواطنينا في بلدان الشرق الاوسط. ومعلوم ان الشهادة للمحبة لا تقف عند حدود العلاقات الانسانية، بل تتعداها إلى المحبة الاجتماعية على مستوى التربية والصحة والحالات الخاصة، وإلى المحبة الوطنية في الممارسة السياسية بكل قطاعاتها التشريعية والإجرائية والإدارية والقضائية والاقتصادية والثقافية.
إننا في هذا المؤتمر نرجو أن نرسم مساحات الشهادة للمحبة هذه، من أجل المزيد من شموليتها وفعاليتها.
إن صلاة الإفتتاح التي نقوم بها معكم جميعاً تشمل كل هذه الأهداف. نأمل أن تواصلوا الصلاة معن
ا حيثما كنتم لكي نستطيع السماع لإلهامات الروح القدس، والعمل على تحقيقها بشفاعة سيدتنا مريم العذراء أم الكنيسة وسلطانة الرسل. آمين.