الموصل، الجمعة 16 ديسمبر 2011 (ZENIT.org). – ما اهمية وجود نسب ليسوع؟ ما اهمية ذكر نسب يسوع في الإنجيل؟… عند قراءتنا لإنجيل متى، نتعجب من قائمة الأسماء التي قد نبتسم عند قرائتنا لها ولفظنا للأسماء المتضمنة فيها، والتي الكثير منها يصعب لفضها….. ما معنى هذه القائمة؟ لماذا كل هؤلاء الأشخاص الذين يذكرون في القائمة؟ ما قصة الرجال والنساء المذكورين فيها؟…
تعلن هذه القائمة بان ربنا يسوع هو إنسان حقاً، وهو منحدر من بشر حقيقيين لهم تاريخ وحضارة، أحياناً فيها من الأمور المخجلة التي لا نستطيع حتى سماعها… بشر فيهم عيوب وأخطاء وربما لبعضهم جرائم، ولكنها لن تكون يوما عائقاً أمام حب الله كقصة داؤد مع بثشبع زوجة أوريا الحثي، التي قتل داؤد زوجها ليأخذها امرأة له… و الكثير من الأشخاص الخطأة والمشوهين فالخطيئة لن تمنعنا من الوصول إلى الله الذي يريد أن يصل إلينا بدعوة بادر بها هو ليحتضن كل تاريخنا بكل عيوبه وخيوره، لانه يحبنا….
ربنا لا يخجل أبداً من إنسانيتنا، وهو يشمئز من خطايانا، لهذا يأتينا ويحمل الجسد ليكون تقدمة شكر لله الذي أعطانا إياه… ربنا يخلصنا عن طريقه تجسده إنسانا حقيقياً، وهذا يتطلب عائلة، أب وأم…. عائلة ينشأ فيها مثل أي إنسان آخر… ليختبر وضعنا الحقيقي، يتألم ويفرح، يرقص ويغني، إنسان بالحقيقة… نستطيع القول بان الله يموت علينا مثل ما نقول بالعامية، يموت من أجل أن يكون بجانبنا…. حب كبير جداً ولا يوصف ويصعب على أي أحد ان يتكلّم عنه، ولكن من الممكن أن نعيشه….
بالرغم من ابتعادنا من الله، بالرغم من تركنا وانفصالنا عنه في كثير من الأحيان، إلا أنه يريد ان يتصالح معنا، ولم يستطع الله ان يكون صديقنا بالحقيقة، إلا بان صار إنساناً، حتى يكون قريباً منّا… أستنفذ كل الحلول، بالرغم من اننا خونة مقارنة لأمانته، إلا أنه لا يقطع الأمل، بل يبقى إلى النهاية معنا، لأنه يحبنا…. الحب هو الجواب الوحيد لقرب الله منا….
قلنا في الأحد السابق، من خلال موقف القديس يوسف، الذ كان حاميا لخطيبته مريم، بأن على كلٍّ منا أن يكون أباً حقيقياً، يفهم أولاده ويفهم الآخرين كما هم في الواقع، لا أن يبني عليهم أفكار مسبقة ويعاملهم على أساس هذه الأفكار…. الإنسان دائما يتغيّر وهو اليوم لا كما كان يوم أمس…. علينا ان نكون مثل الله، آباء، نحب، ونعطي فرصة للآخر حتى يتغير ويعبّر عن تغيّر حياته نحو الأفضل…. في كثير من الأحيان نخجل من تاريخنا الأسود، نخجل من ضعفنا، نخجل حتى من بؤسنا…. علينا أن لا نخجل من هذه كلها، بل علينا أن نعترف بها، ونقبلها، نقبل ضعفنا، ومن ثمّ سننهض من جديد حاملين شعلة الحب في قلوبنا، فنكون بالحقيقة أناس….
والله لا يخجل من هذه كلها، هو يدعونا اليوم إلى أن ننهض من جديد، علينا ان لا نسجن الآخرين في أفكار وقوالب نكوّنها عنهم نتيجة موقف معين حدث لنا معهم…. هذا هو القتل الحقيقي، ان تضع إنسان داخل قوالب…. نعم هذا هو القتل الحقيقي…. كثيرا ما تكون هنالك مواقف مخجلة من قبل اناس آخرين، فتتحمل العائلة التي ينتمي اليها الشخص العيوب والاخطاء،…. حقيقة، من يخطأ، يتحمل خطأه هو، وليس الآخرين… والآخرين وجودا ليساعدوا الانسان الخاطيء لينهض من سقطته ويرجع للطريق، ومن يخطأ، يبقى محبوب في عيني ربنا، فمن نحن حتى ندين، إذا كان ربنا القدوس لا يدين؟……..
علينا من اليوم حتى نبدأ بداية جديدة نستقبل فيها عيد الميلاد، ان نقبل تاريخنا الأسود الذي أصبح من الماضي، حتى نقيّمه، وهذا لا يكون إلا بفحص الضمير والتوبة الحقيقة، التي تعبّر عن هذا الاعتراف بالضعف، والقبول بها كما حدثت، ومن ثم اخذ القرار الحقيقي بالتغيّر نحو الأفضل، مع الله، مع يسوع، كانا حقيقيين، وليس أناس مزيّفين….
إذاً، فلنكن مثل الله، دائما يبادر إلى ان يكون متصالحا مع الإنسان حتى ولو كان الإنسان هو السبب، لا بل كان الإنسان دائما هو السبب…. دعوة لنا لان ننظر إلى الآخرين نظرة جديدة بعيون جديدة، لا أن أتكلم دائما عن الآخر على أساس موقف سابق…. واذا كان اجدادنا اخطئوا، فبأعمالنا وأفعالنا الايجابية، نصحح أخطائهم، ونبني عالما حسنا كما أراده الله منذ البدء، علينا أن نعيش هذا الجديد، الجديد هو مبدا المسيحية، والذي لا يؤمن بالتغير والتجديد هو إنسان ميت، هو ليس مسيحي… المسيحي هو هذا الانسان الذي يؤمن بالولادة الجديدة، لان كل ولادة تخبرنا بحقيقة جديدة، وكل ولادة تخبرنا عن امر واحد يقول طاغور: ولادة كل طفل جديد في العالم يخبرنا بان الله لم ييأس من الإنسان….
فلنصلي إلى الرب ليهب لنا عيون جديدة ننظر بها على العالم بطريقة جديدة فيكون العالم كله جديداً وجميلاً…. آمين