تابع الأب الأقدس أن هذا النص يذكّر بتحرير شعب إسرائيل من العبودية في مصر. فهنا أيضا العمل الأساسي يقوم به ملاك الرب الذي يحرّر بطرس. طلب الملاك من بطرس أن يقوم ويشُدَّ وسطه مذكراً بذلك الفصح اليهوديّ. وهو لا يذكّر فقط بتحرير شعب إسرائيل من مصر، بل بقيامة المسيح أيضا. يخبرنا كتاب أعمال الرسل “وإذا ملاك الرب يمثُل، فيشرق النور في السجن. فضرب الملاك بطرس على جنبه فأيقظه” (أعمال 12، 7)، فالنور الذي يملأ الغرفةَ وفعلُ إيقاظ بطرس الرسول يذكّران بالنور المحرِّر لفصح الرب الذي يغلب ظلمات الليل والشرّ.
أضاف البابا أن الدعوة:”البَس رداءك واتبعني” (أعمال 12، 8) تُردّد في قلب بطرس صدى دعوة يسوع الأولى له، والتي كررها بعد القيامة على شاطئ بحيرة طبرية حيث قال له لمرتين متتاليتين:”اتبعني” (يوحنا 21، 19. 22) هي دعوة ملحة لإتّباعه: فبالخروج فقط من ذواتنا للسير مع الرب وصنع مشيئته تكمُن الحرية الحقيقية!
تابع الأب الأقدس أن موقف بطرس لمدهش: فيما كانت الصلاة ترتفع من الكنيسة إلى الله بلا انقطاع من أجله، “كان بطرس في تلك الليلة راقداً” (أعمال 12، 6) فهو يثق بالله ويعرف بأنه محاط بتضامن وصلاة الجماعة ويستسلم بالكامل بين يدي الرب. وأضاف البابا هكذا يجب أن تكون صلاتنا متواصلة ومتضامنة مع الآخرين، ومليئة بالثقة بالله الذي يعرفنا ويعتني بنا، كما يقول لنا يسوع:”شعور رؤوسكم جميعها محصاة. فلا تخافوا إذاً” (متى 10، 30- 31).
تابع الأب الأقدس يقول إن الجماعة التي ترافق وجود بطرس في السجن هي جماعة متحدة تصلّي حقاً. وكم كان كبيرا الفرح الذي غمر قلوبهم حين قرع بطرس الباب. الفرح والدهشة أمام عمل الله الذي يصغي ويستجيب. وهكذا ارتفعت من الكنيسة الصلاةُ من أجل بطرس، وعاد إلى الكنيسة ليُخبر “كيف أخرجه الرب من السجن” (أعمال 12، 17). ففي تلك الكنيسة حيث وُضِع كصخرة يتحدث بطرس عن “فصح” تحريره: فقد اختبر أنه بإتّباع يسوع تكمُن الحرية الحقيقية، ويغمرنا نور القيامة المشرق، ولذلك يستطيع أن يشهد حتى الموت أن الرب هو القائم من الموت وقد “أرسل ملاكه وأنقذه من يد هيرودس” (أعمال 12، 11).
وختم البابا بندكتس السادس عشر تعليمه الأسبوعي بالقول: إخوتي وأخواتي الأعزاء إن سَجن القديس بطرس وإنقاذه العجيب الذي يخبرنا عنه القديس لوقا يقولان لنا إن الكنيسة، كلَّ واحد منا، يختبر ليل التجربة غير أن السهر في الصلاة المتواصلة يساعدنا، وأضاف: “حتى أنا ومنذ لحظة انتخابي خليفة للقديس بطرس شعرتُ على الدوام بدعم صلاتكم وصلاة الكنيسة لاسيّما في الأوقات الأشد صعوبة، ولذا أشكركم من كل قلبي”. فبالصلاة المتواصلة الواثِقة، يحرّرنا الرب من السلاسل ويقودنا عبر ليالي السجن التي يمكن أن تُثقل قلبَنا ويعطينا هدوء القلب لمواجهة مصاعب الحياة. فالصلاة، قال الأب الأقدس، تساعد على تخطّي تجارب الحياة لأن الإتحاد بالله يسمح لنا بأن نتّحد مع الآخرين بشكل أعمق.