حاوره فابريسيو بيتشاريلّي
روما، الخميس 24 مايو 2012 (ZENIT.org). – التقينا بالبروفيسور جوزيبيّ رومانو، أحد كبار خبراء إيطاليا في لألعاب الإلكترونية، للقيام برحلة داخل هذا العالم الساحر والمتغير باستمرار، ولكن المليء بالخطر والمجهول.
أمّا المقصود فهو التعمق بموضوع دقيق ودائم الوجود داخل عائلاتنا، ومحاولة معرفة ما قد يدفع الفتيان والكبار على تمضية ساعات من النهار أمام وحدة التحكم. ما الذي يغريهم ويقنعهم إلى هذا الحد، وما هي المخاطر التي قد يواجهونها؟ هل يمكننا اعتبار الألعاب الإلكترونية هذه فرص جديدة للنمو أم إنها تشكل تهديدا حقيقيّا لأولادنا؟
***
بروفيسور رومانو، يزداد عدد الأطفال اللذين يقضون أوقاتهم بمفردهم أمام الألعاب الإلكترونية في المنزل، وذلك على حساب ألعاب حقيقيّة ككرة القدم مع الأصحاب ونزهة في الحديقة. إنها ظاهرة أمام أعين الجميع ولا يمكن انكارها. هل إنها الموضة وبدعة تجاريّة حاليّة أو نحن بخضم ثورة اجتماعيّة وثقافيّة موجّهة لتغيّر جذريّا ليس فقط طريقة تقضية وقت الفراغ لدينا، بل أيضا انخراطنا في المجتمع وعلاقاتنا مع الآخرين؟
رومانو: لا يمكن بدء الإجابة دون تقويض افتراض للسؤال: ألا وهو الألعاب الأخرى هي “حقيقيّة” أمّا الألعاب الإلكترونية فليست حقيقيّة.
إذاً ما هي هذه الألعاب؟ تشمل أشخاصًا حقيقيّن، يحتلّون وقتاً حقيقيّاً والأهم يدخلونا في سيناريوهات من تصوّر الناس. إذا لم يكونوا حقيقيّين يعني ان الروايات والأفلام ليسوا حقيقيّين. ولا حتى لعبة قرة القدم، بما أنها تنصّ على قواعد وهميّة وتعسفيّة.
لقد غيّر العصر الرقمي بالتأكيد بعض قنوات التواصل والخبرة لدينا، والعديد منها يمرّ عبر الكومبيوتر. البعض يتعلق بالألعاب، والبعض الآخر يتعلق بالعمل والإجتماعيات. قبل أن نتساءل إذا ما كانت تساعدنا أم لا، يجب ان نتساءل كيف قد تغيّر حياتنا. لأنها حقيقية حقاً.
دون الرغبة بتشويه صورة عالم الألعاب الإلكترونية والأهل الذين يشترونها لأبنائهم، ما هي المخاطر التي قد تواجه، بالأخص في مجال الصحّة. بعض البحوث الحديثة أظهرت بأن الإفراط بالجلوس أما وحدة التحكم قد يسبب اضطرابات عصبيّة خطيرة، بالأخص لدى الأطفال وقد يسبب نوبات زناد للأشخاص المعرضين للخطر. كما أن الإفراط قد يؤدي إلى الإدمان، أو حتى إلى الإكتئاب. هل نحن أمام “آكلات دماغ” حقيقيّة أو هناك مبالغة في الإنتقادات؟
رومانو: حتى من هذا المنطلق لا يمكن للإجابة أن تكون سطحيّة. من المؤكد بأن الإفراط بألعاب الكومبيوتر يؤدي إلى اضطراب بالصحّة: بالتأكيد جسديّة –لأنه قد تمّ العثور على أمراض عديدة ممكنة، من النظر إلى التهاب مفاصل اليدين – ولكن أيضا إلى أمراض اجتماعيّة. هناك نقطة أكثر خطورة والتي على قد تؤدي بالباحثين للرجوع على خطاهم، لاكتشاف الخطر الأصعب الذي هو التخلي. بالنسبة لطفل أو لصبيّ يشعر بالوحدة، ويجد حوله مساحة قليلة واهتمام قليل به، الهروب هو أسهل حلّ بين “باقي الحلول”، وذات استجابة فوريّة. ومن هذا المنطلق إن ألعاب الكومبيوتر هي الأمثل، لأنها تمنح غرق النظر، والسمع، والخيال وحتى السرد الذي يحمل فعلاً إلى مكان آخر.
ولكن، كما قلت، المصدر هو المشكلة. والكلمة المفتاح هي “الإستخدام المتوازن”، والعائلة هي الوحيدة التي قد تعلّم التوازن. لأنه دون توازن أيّ نشاط قد يؤدي إلى أضرار جسديّة، نفسيّة واجتماعيّة.
(سننشر القسم الثاني يوم الجمعة)
* * *
نقلته إلى العربية ماري يعقوب