"تعلّم أن تتعرف على قلب الله في كلمات الله"

من الرسالة الرعوية لسنة 2006- 2007 لرئيس أساقفة كياتي-فاستو، اللاهوتي برونو فورتي.

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

كياتي ، 28 فبراير 2007 (ZENIT.org). – ننشر في ما يلي تأملاً من الرسالة الرعوية لسنة 2006- 2007 لرئيس أساقفة كياتي-فاستو، اللاهوتي برونو فورتي، عضو اللجنة اللاهوتية العالمية، حول موضوع: “الكلمة للحياة: الكتاب المقدس وجمال الله” (La Parola per vivere: La Sacra Scrittura e la bellezza di Dio).

6. طاعة الإيمان لكلمة الله

تستطيع التجاوب بشكل حقيقي مع كلمة الله عندما تتقبلها بإصغاء طوعي، هو طاعة الإيمان، “التي بها يسلّم الإنسان نفسه بالكلية لله، مقدّمًا خضوع العقل والإرادة ومجيبًا بحرية على الوحي الذي تلقاه” (المجمع الفاتيكاني الثاني، كلمة الله، 5).

فالله الذي يتوجه إلى قلبك، يدعوك لكي تقدم له، لا شيئًا من ذاتك، بل ذاتك برمّتها. وهذا الإصغاء الطوعي يوصلك إلى ميناء الحرية: “إذا حفظتم كلمتي، كنتم حقًا تلاميذي؛ تعرفون الحق والحق يحرركم” (يو 8، 31- 32).

الله نفسه يأتي إليك في كلمته ويحول كيانك: “إِنَّ كَلمَة اللهِ حَيّة ناجعة، أَمْضى مِن كُلِّ سَيفٍ ذي حَدَّين، تَنفُذُ إِلى ما بَينَ النَّفْسِ والرُّوحِ، وما بَينَ الأَوصالِ والمِخاخ، وبِوُسْعِها أَن تَحكُمَ على خَواطِرِ القَلْبِ وأَفكاره” (عبر 4، 12).

سلّم نفسك إذًا لكلمة الله. ثق بها. فهي أمينة إلى الأبد، تمامًا كالله الذي يتفوه بها والذي يقيم فيها. لذا، إذا قبلت الكلمة بالإيمان، لن تكون وحيدًا أبدًا: في الحياة كما في الموت، تدخل من خلالها إلى قلب الله: “تعلّم أن تتعرف على قلب الله في كلمات الله” (القديس غريغوريوس الكبير، ملفّ الرسائل، 5، 46).

الإصغاء للكلمة، قراءتها، تأملها؛ تذوقها، الولع بها، الاحتفال بها، عيشها، إعلانها بالقول والعمل: هذا هو السبيل الذي ينفتح أمامك إذا ما فهمت أن نبع الحياة يكمن في كلمة الله. الله نفسك يأتي إلى زيارتك في الكلمة: لذا فالكلمة تمسّك، تخطف قلبك، وتهب ذاتها لك في الإيمان كعون ومجنٍّ في درب النمو الروحي.

 

7. وسيلة لتقبًل كلمة الله: ‍”القراءة الإلهية”

كيف يمكننا أن نقرأ كلمة الله؟

هناك وسيلة مختبَرة للتعمق في الكلمة ولتذوقها، وهي “القراءة الإلهية”، التي تشكّل برنامجًا لمسيرة روحية متعددة المراحل.

المرحلة الأولى هي القراءة بحد ذاتها (lectio): اقرأ بانتباه، مرارًا وتكرارًا مقطعًا من الكتاب المقدس، واسأل نفسك: “ماذا يقول هذا النص بحد ذاته؟”

ثم انتقل إلى التأمل (meditatio)، التي هي بمثابة وقفة داخلية. استجمع نفسك واسأل الله: “ماذا تقول لي شخصيًا هذه الكلمة المحددة من كلماتك؟”. اتخذ لنفسك موقف صموئيل الشاب: “تكلم يا رب، فإن عبدك يسمع!” (1 صم 3، 10).

ثم أجب من خلال الصلاة (oratio)، متجهًا إلى الله الذي خاطبك: “ماذا عساي أقول أنا لك يا رب؟”. والجواب ستعطيه داعيًا الرب ليأتي فيقيم في بيت قلبك، لكي يحوّل أفكارك وخطواتك.

وتصل عندها إلى التطلع (contemplatio)، ذلك التطلع الفاعل، الذي يتساءل فيه قلبك بعد أن مسّه حضور المسيح: “ماذا ينبغي عليّ أن أفعل الآن لكي أحقق هذه الكلمة؟”، وتسعى لعيش ما تتوصل إلى إدراكه.

الانتباه، الفهد، الحكم والقرار: من خلال هذه المراحل الأربع التي تعيشها في اللقاء مع الكلمة، تصبح كلمة الله “سِراجًا يُضيء في مَكانٍ مُظلِم، حتَّى يَطلَعَ الفَجْرُ ويُشرِقَ كَوكَبُ الصُّبحِ في قُلوبِكم” (2 بط 1، 19).

بهذه الطريقة بالضبط يقودك الكتاب المقدس ويرافقك في طريق الحياة: “كلمتك مصباح لخطاي ونور لسبيلي” (مز 118 [119]، 105).

وقد يبدو أحيانًا وكأن الكلمة المقروءة لا تعني لك شيئًا: لا تفقد عزيمتك! عد إليها واستدع الرب: “يا رب، هبني حياةً بحسب كلمتك!” (مز 118 [119]، 107).

لقد عاش هذه الصعوبة نفسها العديد من الأشخاص قبلك: إبراهيم، سارة، موسى، إرميا، استير، المعمدان، بطرس، بولس: هؤلاء وغيرهم من شخصيات الكتاب المقدس، يمكنهم أن يحدثوك عن تعب وعن فرح الإيمان. حاول أن تلتقي بهم من خلال التأمل بالنصوص التي تخبر عن سيرتهم، مستعملاً مراحل القراءة الإلهية: ستكتشف كم أنهم قريبون من تساؤلاتك، وكيف أن خبرتهم تحاكي خبرتك.

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير