الفاتيكان، الاثنين 6 أكتوبر 2008 (Zenit.org). – عن إذاعة الفاتيكان – مائتان وثلاثة وخمسون من آباء السينودس بين كرادلة ورؤساء أساقفة وأساقفة، سيُمثِّل واحد وخمسون منهم أفريقيا واثنان وستون القارة الأمريكية أي أمريكا الشمالية والجنوبية، وواحد وأربعون آسيا، وتسعون أوروبا، وتسعة أوقيانيا. واحد وأربعون خبيرا بينهم ست نساء؛ سبعة وثلاثون مراقبا بينهم تسع عشرة امرأة؛ وموفدون من عشر كنائس وجماعات كنسية من مختلف أنحاء العالم. بهذه الأرقام وبعد تلاوة صلاة مشتركة وتصفيق الحاضرين بدأت صباح اليوم برئاسة قداسة البابا بندكتس السادس عشر في قاعة السينودس بالفاتيكان أعمال الجمعية العادية الثانية عشرة لسينودس الأساقفة وموضوعها “كلمة الله في حياة الكنيسة ورسالتها”. بروحٍ ديني سيُصغي آباء السينودس لكلمة الله التي هي يسوع المسيح بهدف إعلانها من خلال التعليم الديني والكرازة بالإنجيل وخصوصا في سر الإفخارستيا على جميع البشر، قريبين كانوا أم بعيدين، في العالم كله انطلاقا من العائلة ومن البيئة الاجتماعية لكل إنسان في رسالة تطال جميع الشعوب التي لا تعرف حتى الآن يسوع المسيح، البشرى السعيدة.
وما يزيد من هيبة هذا السينودس حضور شخصيات بارزة شأن بطريرك القسطنطينية المسكوني برتلماوس الأول وحاخام حيفا الأكبر وعضو اللجنة المشتركة الإسرائيلية الفاتيكانية، شائر يتشوف كوهين، كعلامةٍ هامة للحوار الديني المشترك لأن الجذور مشتركة تنبع من ينبوع واحد، من الكتاب المقدس، على الرغم من الانشقاقات ما يعني أن كلمة الله تحتل الصدارة في حياتنا وكنائسنا ولدى جميع المسيحيين. لقد نشأ السينودس في إطار المجمع الفاتيكاني الثاني في الخامس عشر من سبتمبر 1965 بإرادة السعيد الذكر البابا بولس السادس ليعالج أوضاع الكنائس المسيحية في بقاع العالم كله. نستشف من حضور آباء السينودس اهتماما خاص بالكنائس المتألمة، بالكنيسة في أفريقيا، التي يوليها الأب الأقدس بندكتس السادس عشر عناية خاصة. علامةٌ هامة أخرى هي حضور رئيس أساقفة كينشاسا المطران لورانْ موزينغو لأن أفريقيا تحمل معها دفعا جديدا وحيوية فائقة للكنيسة جمعاء على الرغم من مشاكلها غير القليلة ما يعني في نهاية المطاف تفاعلا حيويا بين الكنيسة الجامعة والكنيسة في أفريقيا بهدف النمو معا في تناسق كامل. هي المرة الأولى يُدعى فيها حاخامٌ إلى تولي الكلمة أمام السينودس. سابقةٌ يُبررها موضوع السينودس الذي يشمل تفسير الكنيسة الكاثوليكية للعهد القديم في الكتاب المقدس.
لم يتمكن أي أسقف من الصين على غرار ما حصل في عام 2005، حسب ما أعلم أمين سر السينودس رئيس الأساقفة إيتيروفيش، من المشاركة بسبب غياب التطبيع في العلاقات بين بكين والفاتيكان. ويُمثل الصين أسقف هونغ كونغ جوزف زنْ زي كيوم وأساقفة من تاي وان وماكاو.
ـ في كلمته الافتتاحية تطرق قداسة البابا، رئيس سينودس الأساقفة، إلى موضوع السينودس فقال إن كلمة الله هي الواقع الحقيقي لحياتنا المسيحية. كلمة الله ترسم تاريخ الإنسانية، إنها أساس كل شيء وعلينا أن نتمسك بها طوال حياتنا. نوّه البابا بالأزمة المالية العالمية التي تُشكل واقعا ثانويا إذ تدل على هشاشة الحياة المادية وبالتالي علينا اللجوء إلى كلمة الله لبناء حياتنا لأن كل شيء يتأتى من الكلمة والواقع يولد من الكلمة. تاريخ الخلاص يسبق الخلق وهنا يظهر سر المسيح ومفهوم الخليقة. ندخل في عملية الخلق من خلال اتحادنا بالمسيح. بعدها استشهد البابا بكلمات القديس أغسطينوس حول الخليقة ثم دعا إلى اكتشاف الحاضر في الماضي. وأضاف يقول: للخبرات البشرية نهايةٌ خلافا للأبعاد الروحية. علينا أن نتخطى الحدود البشرية لنَعْبر إلى البُعد الروحي. إعلان الإنجيل ثقافةٌ دينية تفتح آفاق البشرية كلها.
ـ في نهاية كلمة الحبر الأعظم تحدث الكردينال وليام جوزف ليفادا عميد مجمع عقيدة الإيمان، وأحدُ رؤساء السينودس الثلاثة المفوَّضين، فقال إن حياة الكنيسة ترتكز إلى كلمة الله التي منها نستوحي حياتنا المسيحية. بعدها أشار إلى تعليم الكنيسة في خدمة الشعب المسيحي وخلاص العالم. وقال: نحن الأساقفة نعي مدى مسؤولياتنا وما ينتظره منَّا المجتمع اليوم لأن المجمع الفاتيكاني الثاني يُعلِّمنا أن من واجبنا إعلانَ الكلمة.
ـ أمين عام السينودس رئيس الأساقفة إيتيروفيش تمنى في تقريره الافتتاحي، بعد أن شكر قداسة البابا بندكتس السادس عشر وجميع الأساقفة الحاضرين، أن تساهم المشاركة في هذا الحدث الديني الهام في التعمق في كلمة الله كي يكتشف كل واحد منا محبة الله له وينمو في الروح ليسير على درب القداسة لما فيه خير الكنيسة والعالم كله، وأن يرافق الرسول بولس ورسالتُه أعمالَ هذا السينودس تزامنا مع السنة البولسية.
�ـ شهدت التحضيرات لهذه الجمعية مراحلَ عدة. مواضيع كثيرة وجَّهت اختيارَ موضوع الجمعية ومنها الرباط الوثيق بين الإفخارستيا وكلام الله، فثُبِّتَت الرغبة التي كانت حاضرة منذ زمن بعيد، بتكريس التفكير في كلام الله في إطار السينودس. وهكذا، بعد سينودس الأساقفة حول الإفخارستيا، الينبوع والذروة في حياة الكنيسة ورسالتها، الذي انعقد من 2 حتى 23 تشرين الأول عام 2005، بدا منطقيا تركيز الانتباه على كلام الله في حياة الكنيسة ورسالتها والتعمق في ما بعد بمعنى المذبح الواحد للخبز والكلمة. وهذا الموضوع يعكس الرغبة الأولى لدى الكنائس
الخاصة، كما عبَّر عنها رعاتها الأساقفة. فاختيار موضوع اللقاء السينودسي قد حُدِّد جماعيا. وبحسب الممارسة المختبَرة، كلَّف قداسة البابا بندكتس السادس عشر أمانة السر العامة لسينودس الأساقفة بأن تستشير في هذا المجال جميع الأساقفة في الكنيسة الكاثوليكية. وصلت الأجوبة من الكنائس الشرقية الكاثوليكية ذات الحق الخاص، ومن المجالس الأسقفية، ومن مؤسسات الكوريا الرومانية، واتحاد الرؤساء العامين، فاتضح أن الموضوع المفضَّل هو كلام الله، مع تنويهات مختلفة. وقد حُلِّلت المواد الوفيرة خلال الجلسة الحادية عشرة العادية للأمانة العامة لسينودس الأساقفة. فقد اختير اثنا عشر عضوا بواسطة زملائهم خلال الجلسة الحادية عشرة العامة. وبحسب ما يلحظ ترتيب سينودس الأساقفة سمّى قداسة البابا بندكتس السادس عشر ثلاثة أعضاء من المجلس. جُمعت نتائج المناقشة الخصبة في المجلس العادي في ثلاثة موضوعات أخضعتها الأمانة العامة في ما بعد لقرار الحبر الأعظم.
والموضوع الذي اختاره الأب الأقدس، رئيس سينودس الأساقفة، نُشر في 6 تشرين الأول عام 2006. بعد ذلك، انكب المجلس العادي للأمانة العامة على العمل من أجل تهيئة الخطوط العريضة، وهي وثيقة تنوي تبيانَ النواحي الإيجابية في حياة الكنيسة ورسالتها، دون إخفاء تلك التي تُكوِّن مشكلة، أو أقلَّه تحتاج أن تُعَمَّق من أجل خير الكنيسة وحياتها في العالم. ولهذا بالذات تعود الخطوط العريضة مرارا إلى الدستور العقائدي في “الوحي الإلهي، كلام الله” وتتبع بشكل خاص المقاربة التي اختارها آباء المجمع، والتي تقوم في موقفِ الإصغاء الديني لكلام الله، لكي تستطيع، في ما بعد، إعلانَه بجرأة، وإعادةَ قراءة كلام الله في إطار رعائي، ترافقه إعلانات متتالية من قبل السلطة التعليمية في الكنيسة، التي تهتم بتفسير وديعة الإيمان المقدسة التي يتضمنها التقليد والكتاب المقدس تفسيرا صحيحا.
وإذْ أرادت الوثيقة تسهيلَ التفكير في الموضوع ومناقشتَه على مستوى الكنيسة، أرفقته بجملةِ أسئلة مفصلة وعائدة إلى الطروحات التي تعالجها الفصول المختلفة. فجميع المؤسسات المجمعية التي سُمِّيت سابقا، قد طُلب منها أن تودِع أجوبتها على هذه الأسئلة قبل شهر نوفمبر من عام 2007. ويستعين المجلس العادي بخبراء عديدين، فيدرس الوثائق، ويرتِّب المواضيع في وثيقة ثانية تدعى “ورقة عمل”، تُتَّخذ كجدول لأعمال الجمعية العامة العاديَة الثانية عشرة لسينودس الأساقفة.