معرفة المسيح: بحسب الجسد أو بحسب الروح

في تعليم القديس بولس

Share this Entry

بقلم روبير شعيب

الفاتيكان، الأربعاء 8 أكتوبر 2008 (Zenit.org). – “نَحنُ لا نَعرِفُ أَحَدًا بَعدَ اليَومِ مَعرِفةً بحسب الجسد. فإِذا كُنَّا قد عَرَفْنا المسيحَ يَومًا مَعرِفةً بحسب الجسد، فلَسْنا نَعرِفُه الآنَ هذِه المَعرِفَة”، بهذا الشكل يتحدث بولس الرسول، في الرسالة الثانية إلى الكورنثيين، عن معرفة المسيح بشكل عام، منطلقًا من خبرته الشخصية ليسوع. فكما هو معروف، لم يلتق بولس بيسوع خلال حياته العلنية الأرضية، بل كان لقاؤه مباشرة مع يسوع، الرب القائم، على طريق دمشق.

وقد استخلص البابا بندكتس السادس عشر، في المقابلة العامة اليوم الأربعاء، من فكر بولس الرسول طريقتين يمكن بها للمرء أن يعرف بها المسيح بشكل خاص، أو أي شخص بشكل عام، وذلك لدى توقف قداسته اليوم للتأمل بمسألة ما عرفه بولس عن يسوع الأرضي، عن حياته، عن تعاليمه وعن آلامه.

وقال البابا معلقًا على الآية المذكورة أعلاه: “يميز بولس بين أسلوبين لمعرفة يسوع، وبشكل عام بين أسلوبين لمعرفة شخص ما”، فالمعرفة “بحسب الجسد”، بشكل جسداني، تعني أن نعرف فقط بشكل خارجي، وبمقاييس خارجية”

وتابع: “يمكن أن نلتقي بشخص ما مرات عدة، وأن نعرف كل معالمه وكل تفاصيل طريقة تصرفه: كيف يتكلم، كيف يتحرك، إلخ. مع ذلك، رغم معرفتنا للشخص بهذا الشكل، إلا أننا لا نعرفه حقًا، لا نعرف نواة الشخص. فقط عبر القلب يمكننا أن نعرف شخصًا ما حقًا”.

وقدم الأب الأقدس مثل الفريسيين والصدوقيين الذين عرفوا يسوع جيدًا بشكل خارجي، تعرفوا على تعاليمه، واطلعوا على الكثير من التفاصيل بشأنه، ولكنهم لم يتعرفوا إليه على حقيقته.

ولفت بندكتس السادس عشر إلى أن يسوع نفسه يميز بين نوعين من المعرفة. “فبعد التجلي، يسأل يسوع الرسل: “ماذا تقول الناس أني أنا هو؟” و “ما تقولون أنتم أني أنا هو؟”. الناس تعرف يسوع ولكن بشكل سطحي؛ تعرف أشياء عدة بشأنه ولكنها لم تتعرف عليه حقًا. أما الاثنا عشر، بفضل الصداقة التي تتطلب القلب، فهموا الجوهر وبدأوا بمعرفة هوية يسوع”.

وهذا التمايز في المعرفة هو أمر آني لأنه “حتى اليوم أيضًا نجد هذا النوع الآخر من المعرفة: هناك أشخاص مثقفون يعرفون يسوع في الكثير من تفاصيله، وأشخاص بسطاء لا يعرفون هذه التفاصيل، ولكنهم تعرفوا على يسوع على حقيقته: “القلب يخاطب القلب””.

وخلص البابا إلى القول بأن بولس يريد أن يقول أنه يعرف يسوع بهذا الشكل، “بواسطة القلب”، وأنه يعرف بهذا الشكل الشخص في حقيقته؛ ومن ثم، في وقت لاحق، يتعرف على تفاصيله.

“لا يفكر بولس بيسوع كشخص من التاريخ، كشخص من الماضي. بكل تأكيد هو يعرف التقليد الكبير بشأن حياة، وكلمات، وموت وقيامة يسوع، ولكنه لا يتعامل مع هذه الأمور كشيء من الماضي؛ بل يعرضها كوقائع يسوع الحي. إن كلمات وأفعال يسوع بالنسبة لبولس ليست أمرًا من التاريخ الزمني، أو من الماضي؛ فيسوع حي الآن ويخاطبنا الآن ويعيش لأجلنا”.

وختم الأب الأقدس التعليم بالقول: “هذه هي الطريقة الحقة للتعرف على يسوع، ولقبول التقليد بشأنه. يجب علينا نحن أيضًا أن نتعلم أن نتعرف على يسوع لا بحسب الجسد، كشخص من الماضي، بل كربنا وأخينا، الذي هو معنا اليوم ويكشف لنا كيف يجب أن نعيش وأن نموت”.

Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير