إنهيار إمبراطوريات المال وثبات كلمة الله

Share this Entry

البابا يعلق على سقوط البنوك الكبرى

بقلم روبير شعيب

الفاتيكان، 9 أكتوبر 2008 (Zenit.org). – إذا ما نظرنا إلى الكتاب المقدس من وجهة نظر القراءة اللاهوتية، الروحية والصوفية للوجود يفاجئنا أسلوب الكتاب المقدس الجريء والبسيط في الوقت نفسه، إنه أسلوب يمكن أن نقول فيه “سهل ممتنع”. فمن السهل نسبيًا كتابة التاريخ، أو تأليف اللاهوت النظري، أما ما يعرف بـ “لاهوت التاريخ” فهو فن قلّ متقنوه، إلا أن المسيحي، باسم دعوته “النبوية” لا يستطيع أن يتملص من قراءة أحداث التاريخ قراءة على ضوء كلمة الله.

هذا ما قام به البابا بندكتس السادس عشر نهار الاثنين عند افتتاحه الجمعية العامة لسينودس الأساقفة عندما علق على مقطع المزمور 118 الوارد في صلاة الساعات، وتطرق في تعليقه إلى الكارثة المصرفية والمالية التي تضرب العالم في هذه الفترة.

 قوة الكلمة

ففي تعليقه على الآية: “للأبدِ يا رَبُّ كَلِمَتُكَ في السَّماءَ ثابِتَة… قد ثبَّتَّ الأَرضَ فهي قائِمة”، أشار البابا إلى أن المزمور يتحدث عن رسوخ الكلمة وذكر بكلمة يسوع التي تتابع كلمة المزمور هذه: “السماء والأرض تزولان، وكلامي لن يزول أبدًا”.

وتابع: “بالحديث من وجهة نظر بشرية، الكلمة، كلمتنا البشرية، هي تقريبًا لا شيء في الواقع، هي نسمة. ما إن نتلفظ بها حتى تزول. تبدو وكأنها لا شيء. ولكن حتى الكلمة البشرية لها قوة لا تصدق. فالكلمات هي ما يخلق التاريخ، والكلمات هي التي تجسد الأفكار، الأفكار التي منها تصدر الكلمات. الكلمة تشكل التاريخ والواقع”.

ثم تحدث عن كلمة الله فقال: “أكثر من ذلك بكثير، كلمة الله هي ركيزة كل شيء، هي الواقع الحق. ولكي نكون واقعيين، يحب أن نعتمد على هذه الحقيقة. يجب أن نغير فكرتنا بأن المادة، والأمور الصلبة الملموسة، هي أمور أكثر صلابة، ومضمونة أكثر”.

 المال إلى اضمحلال

ولم يتردد الأب الأقدس عن الإشارة إلى الحالة الآنية، منطلقًا من كلمات يسوع في ختام عظة الجبل، حيث يخبرنا الرب عن إمكانيتين لبناء بيت الحياة: على الرمل وعلى الصخر.

وشرح البابا: “يشيّد على الرمل من يبني فقط على الأمور المرئية والملموسة، على النجاح، على الوظيفة، على المال. فظاهريًا هذه الأمور هي الواقع الحق. ولكن كل هذه الأمور ستزول يومًا ما”.

وتطرق في هذا الإطار إلى أزمة السيولة الحالية إذ قال: “نرى هذا الأمر الآن مع سقوط البنوك الكبرى؛ هذه الأموال تضمحل، فهي هباء. وهكذا الأمر مع كل الأشياء، التي تبدو الواقع الحق الذي يجب الاعتماد عليه، ولكنها بالحقيقة أمور ثانوية”.

وأضاف: “من يبني حياته على هذا الواقع، على المادة والنجاح، وعلى كل ما هو ظاهري، يبني على التراب. وحدها كلمة الله هي ركيزة كل الواقع، وهي ثابتة مثل السماء وأكثر من السماء، هي الواقع”.

 تغيير مفهومنا للواقعية

وبالنظر إلى هباء الأموال، وإلى “وجه هذا العالم الذي هو إلى زوال” بحسب كلمات القديس بولس، شدد البابا إلى أنه يجب أن “نحول مفهومنا للواقعية”.

وشرح: “الواقعي هو من يقر بأن في كلمة الله، في هذا الواقع الذي يبدو ظاهريًا هشًا جدًا، هناك ركيزة كل شيء. الواقعي هو من يبني حياته على هذه الركيزة التي تبقى دومًا. وبهذا الشكل تدعونا هذه الآيات الأولى من المزمور إلى اكتشاف ماهية الواقع وإلى إيجاد ركيزة حياتنا، واكتشاف كيفية بناء الحياة”.

Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير