بقلم روبير شعيب
الفاتيكان، الأحد 12 أكتوبر 2008 (Zenit.org). – احتفل البابا بندكتس السادس عشر بقداس إلهي في ساحة القديس بطرس رفع فيها إلى المذابح 4 قديسين جدد هم مقدمًا إياهم لتكريم الكنيسة الجامعة وهم: غايتانو أريكو، ماريا برناردا بوتلر، ألفونسا للحبل بلا دنس، ونرشيسا ليسوع مارتيلو موران.
وقال الأب الأقدس في مطلع عظته أن الكنيسة تقدم لنا هؤلاء القديسين في الليتورجية مع مثل الإنجيل الذي يتحدث عن المدعوين الذين يشتركون بالوليمة وهم لابسين ثياب العرس. شارحًا أن “صورة الوليمة – وهي صورة نجدها أيضًا في القراءة الأولى وفي صفحات أخرى من الكتاب المقدس – هي صورة فرحة لأن الوليمة تواكب فرحة عرس، عهد الحب بين الله وشعبه”.
وشرح البابا البعد البيبلي لصورة الوليمة فقال: “لطالما وجه أنبياء العهد القديم انتظار إسرائيل نحو هذا العهد. في زمن تجارب متنوعة، وعندما كانت المصاعب تهدد بإحباط عزيمة الشعب المختار، رفع النبي أشعيا صوت كلمته: “في هذا الجَبَلِ سيَضَعُ رَبُّ القُوَّات لِجَميعِ الشُّعوبِ مَأدُبَةَ مُسَمَّنات مَأدُبَةَ خَمرَةٍ مُعَتَّقَة مُسَمِّناتٍ ذاتِ مُخٍّ ونَبيذٍ مُرَوَّق” (25، 6). سيضع الله حدًا لحزن وخزي شعبه، وسيعيش هذا الشعب بالحبور في شركة مع الله. الله لا يتخلى أبدًا عن شعبه: لذا يدعو النبي الشعب إلى الفرح: “هُوَذا إِلهُنا الَّذي آنتَظَرْناه وهو يُخَلِّصُنا هُوَذا الرَّبُّ الَّذي آنتَظَرْناه فلنَبتَهِجْ ونَفرَح بِخَلاصِه” (الآية 9)”.
وبالحديث عن الإنجيل قال: “إذا كانت القراءة الأولى تتغنى بأمانة الله لوعده، فالإنجيل، عبر مثل وليمة العرس يجعلنا نفكر بالجواب البشري. لقد رفض بعض مدعوي الساعة الأولى الدعوة لأنهم كانوا متعلقين باهتمامات مختلفة؛ وقد احتقر غيرهم دعوة الملك، وتسببوا بعقاب لم يطلهم وحدهم بل تسبب بخراب المدينة بأسرها. إلا أن عزيمة الملك لم تخر بل أرسل خدامه لكي يبحثوا عن ندماء آخرين لكي يملأ صالة العرس. وهكذا كان توسيع العزيمة إلى الجميع نتيجة لرفض الأولين، عبر أفضلية خاصة للفقراء والمشردين”.
وربط تصرف الله هذا بالسر الفصحي فقال: “هذا ما حدث في السر الفصحي: لقد هزم حب الله الكلي القدرة سلطان الشر. يستطيع الرب القائم الآن أن يدعو الجميع إلى وليمة فرحه الفصحي، ويقدم هو بالذات إلى ندمائه لباس العرس، الذي هو رمز لهبة النعمة المقدِّسة المجانية.
ولكن يجب على الإنسان أن يجيب على سخاء الله عبر التزامه الحر”.
وبالعودة إلى القديسين الذين تعلن قداستهم اليوم قال: “وهذا هو بالضبط المسيرة السخية التي سار فيها أولئك الذين نكرمهم اليوم كقديسين. لقد تلقوا في العماد ثوب عرس النعمة الإلهية، وحافظوا عليه نقيًا وجعلوه ناصع البياض خلال حياتهم من خلال الأسرار. وهم يشاركون الآن في وليمة عرس السماء. مائدة الافخارستيا هي استباق لوليمة السماء، ويدعوها الرب إلى هذه المائدة كل يوم، ويجب علينا أن نشترك فيها ونحن لابسين ثوب عرس النعمة. إذا ما وسخنا أو حتى مزقنا هذا الثوب بسبب الخطيئة، فصلاح الله لا يتركنا وشأننا نواجه مصيرنا، بل يقدم لنا مع سر المصالحة إمكانية إعادة ثوب العرس إلى كماله الضروري للمشاركة في الاحتفال”.
وفي ختام العظة قال الأب الأقدس: “أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، نشكر الرب لأجل هبة القداسة، الذي يسطع اليوم في الكنيسة بجمال فريد. يدعو يسوع كل منا إلى اتباعه، تمامًا مثل هؤلاء القديسين، في مسيرة الصليب، لكي ننال في ما بعد إرث الحياة الأبدية الذي وهبنا إياها بموته. فلتشجعنا أمثلتهم؛ ولتهدنا وتعزينا تعاليمهم؛ فلتعضدنا شفاعتهم في أتعابنا اليومية، لكي نتمكن من التوصل يومًا إلى الاشتراك معهم ومع كل القديسين في فرح الوليمة الأبدية في أورشليم السماوية. فلتنل لنا هذه النعمة بوجه خاص، مريم، سلطانة القديسين، التي نكرمها في شهر أكتوبر بهذا بتقوى خاصة. آمين”.