بقلم الأب رفعــت بدر
الفاتيكان، الاثنين 13 أكتوبر 2008 (Zenit.org). – ابتهجت كاتدرائية قلب يسوع في أبرشية الجزائر بحضور فسيفسائي رائع ، في قداس حاشد، يوم الجمعة، تم فيه تنصيب المطران غالب بدر ، رئيسا لاساقفة الجزائر ، خلفا للمطران هنري تيسييه.
ابتدأت المراسم باستقبال كاهن رعية الكاتدرائية جوليان اومجيكان الذي قدم للمطران الماء المبارك ، فرش به نفسه والمؤمنين الحاضرين من مختلف الجنسيات . وبعد صلاة شخصية قصيرة، دخل الموكب الحافل الى كنيسة الكاتدرائية المشادة منذ عام 1992 ، وابتدأ المطران المستقيل تيسييه القداس ، معربا عن فرحه بتسلم المطران الجديد مهامه اليوم . وقدم المطران مارون لحام، أسقف تونس ، نبذة عن حياة المطران بدر ، وقال ان هذا التعيين قد أدخل الفرح والارتياح الى نفوس الجميع في الجزائر والمغرب العربي . وقال ان المطران الجديد قد نال شهادات كثيرة، وأبلى بلاء حسنا في كل المواقع التي شغرها الى اليوم.
أما السفير البابوي لدى الجزائر وتونس، توماس ييه ، فعبر بكلمته عن تحيات قداسة البابا للمطران الجديد ، معلنا خبر التعيين الرسمي من قبل قداسته .
وتوجه المطران غالب، الماسم أسقفا في السابع عشر من تموز الماضي ، من كرسيه الجانبي ، ليجلس على كرسي رئيس الأساقفة في صحن الكنيسة ، ووضع كاهن الرعية تاج الاسقفية على راسه ، وسلمه عصا الرعاية ، معلنا تنصيبه ومتسلما مهامه الرسمية ، رئيسا لاساقفة الجزائر . وأكمل بنفسه الذبيحة الالهية ، فيما أنشدت الجوقات المشاركة ، نشيد المجد لله في العلى .
وقال المطران غالب بدر ، في عظة القداس الرئيسية ، انني هنا لأحقق معكم أربعة أمور ، أو أفعال ، وكلها أطلبها بنعمة الرب الحنان ، وبصلوات المؤمنين في الجزائر وفي كل مكان : فانني هنا أولا لأعرف وثانيا لأحب وثالثا لأخدم ورابعا لأجمع . فرسالة الاسقف، هي أن يعرف خرافه أولا ، وأن يحب الجميع ، بدون استثناء، اذا أن المحبة بوسعها أن تنقل الجبال وأن تصنع العجائب، وأضاف ان الاسقف هو الذي يخدم لا أن ينتظر أن يكون مخدوما، وأن يجمع ويوحد.
وأضاف أول أسقف عربي يخدم في الجزائر ، مفسرا النقطة الأخيرة ، انني هنا أجمع الكنيسة الكاثوليكية ، ومعا أعمل مع أخوتي الاساقفة في الجزائر ، وفي المغرب ، وفي الكنيسة الجامعة حول خليفة القديس بطرس ، قداسة البابا.
ولم يخفِ المطران أنه تردد في حمل هذه المسؤولية التي ألقتها الكنيسة على عاتقه، طالبة منه أن يأتي الى كنيسة جديدة وأبرشية جديدة، الا أنه قال ” لانني أحب الجزائر ، أتيت أخدم بينكم “.
وأضاف موجها حديثه الى الجزائريين، اننا معا نجمع، ومعا نبني مجتمعنا الجزائري العزيز، ان الكنيسة وأخوتكم المسيحيين هنا ، هم جزء لا يستهان به من المجتمع الجزائري الكبير ، لهم كامل الحقوق وعليهم كامل الواجبات. دعونا نعمل معا ، ونبني المجتمع الواحد الذي نخدمه ونعمل معا من أجل خيره ونمائه . وقال ان واجبي هو أن أخدم المسيحيين في الجزائر، لكني لن أتوانى ، بنعمة الرب ، عن تقديم كل عون ممكن الى كل انسان يطرق بابي، فباب القلب ، كما باب الاسقفية سيكونان مفتوحين للجميع وفي كل وقت، وبروح الانفتاح هذا آتي اليكم اليوم.
وبعد أن حيا السلطات الجزائرية، ممثلة برئيس الجمهورية ووزارة الخارجية والسفارة الجزائرية في عمان، على تسهيلات السفر للوفد المرافق ، حيا المطران الجديد، سلفه المطران تيسييه، على خدمته لأكثر من ثلاثين عاما في أبرشية الجزائر، فوقف الحاضرون يصفقون له ، ودموع التأثر بادية على وجوههم، فيما عانق تيسييه خليفته ، داعيا له بالتوفيق في عمله الجديد. كما صفق الحضور بحرارة للوفد الأردني المشارك ، من كهنة وعلمانيين ، والذين قدموا ترنيمة باللغة العربية ، وعقب القداس، ملأوا فضاء الكنيسة بالزغاريد والأغاني الاردنية تحية لبلدهم الي أنجب العديد من الاشخاص المتفانين في عملهم ومسؤولياتهم في كافة القطاعات.
وحضر الاحتفال الحاشد وزير البيئة في الجزائر ، شريف رحماني ، ممثلا عن رئيس الجمهورية الجزائرية، عبد العزيز بوتفليقة ، وأمين عام وزارة الأديان، ممثلا عن الحكومة الجزائرية، ورئيس المجلس الأسلامي الأعلى ، وعدد كبير من السفراء المعتمدين لدى الجزائر، والقائم بأعمال السفارة الأردنية ، وشارك به الى جانب المتحدثين المذكورين ، أساقفة الثلاثة أبرشيات في الجزائر ، وأسقف الرباط فانسان لانديل، ومطران كليرمون في فرنسا ، ممثلا عن رئيس أساقفة فرنسا ، والمطران بولس ماركوتسو ، ممثلا عن البطريركية اللاتينية التي يأتي المطران الجديد منها. الى جانب عدد كبير من الكهنة العاملين في أبرشيات الجزائر والذين ينتمون الى جنسيات مختلفة.
وفي نهاية الاحتفال ، تقبل المطران الجديد ، تهاني الحاضرين، في باحة الكنيسة ، واجتمع الاساقفة والكهنة والوفد الأردني وعدد من الأصدقاء ، على طعام الغداء في بيت الأبرشية حيث مقر رئيس الأساقفة ، تلاه القاء عدد من الكلمات التي حيت كلا من المطران تيسييه وخلفه الجديد غالب . وبعد الظهر، رافق الوفد الأردني الأساقفة الحاضرين، بزيارة تعرف على مدينة الجزائر ، وبخاصة منطقة القصبة ، قلب المدينة القديمة، وبعض المراكز التابعة للكنيسة في الجزائر ، والكاتدرائية السابقة ، والمقر القديم لرئيس الأساقفة . ومساء أقام السفير البابوي لدى الجزائر وتونس ، المطران توماس ييه، حفل عشاء على شرف المطران الجديد
بحضور الاساقفة الحاضرين والكهنة الموافقين للوفد الأردني.
ويوم السبت صباحا، زار المشاركون مدينة تيبازا الغنية بالآثار الرومانية التي تبين التاريخ المسيحي القديم في الجزائر ، وفيها أكبر كنيسة أثرية في شمال أفريقيا .