التاسع والعشرون من أكتوبر
روما، الأربعاء أكتوبر 2008 (zenit.org). – ننشر في ما يلي تأمل اليوم التاسع والعشرين من أكتوبر للبابا بندكتس السادس عشر، من كتاب “بندكتس”.
حقيقة الكتاب المقدس
تفسير الكتاب المقدس يعني، ليس فقط الاصغاء إلى الكتّاب التاريخيين الذين تعرضهم، لا بل تقدمهم في تعارضهم، بل البحث عن صوت الكلية الأوحد، والتفتيش عن الهوية الداخلية التي تسند وتربط الكل. تحاول الطريقة التاريخية البحت أن تجد لحظة الخلق، فتفصلها بالتالي عن الوقائع الأخرى وتحددها. أما التفسير اللاهوتي، فرغم أنه لا يرفض البحث التاريخي في مجاله، إلا أنه يتجاوزه. فاللحظة لا تتواجد بشكل منعزل. إنها جزء من الكل، ولا يمكنني أن أفهم هذا الجزء ما لم أفهمه في ارتباطه بالكل… الكتاب المقدس يشرح الكتاب المقدس… ولذا فقراءة الكتاب المقدس تحمل معها مبدأ آخر. وهي تعني أن قراءتها يجب أن تكون قراءة واقع هو حاضر الآن، ليس فقط لمعرفة ما جرى في الماضي وما كان الناس يفكرون به في الماضي، بل أيضًا لمعرفة الحق. وهذا هدف آخر لا يستطيع أن يتوصل إليه التفسير التاريخي البحت بشكل مباشر. فهذا النوع من التفسير يركز، في نهاية المطاف، على اللحظة الماضية في تفسير النص وبالتالي يقرأها بالضرورة تبعًا للتاريخ الذي يسبقها… إن مسألة الحقيقة هي مسألة ساذجة وغير علمية. ولكن مع ذلك فهي مسألة حقيقية في الكتاب المقدس… وتحوز المسألة معناها فقط إذا كان الكتاب المقدس واقعًا حاضرًا، إذا كان هناك فاعل حاضر يتكلم من خلال هذا الكتاب المقدس، وإذا كان هذا الفاعل الحاضر يتحدث في الكتاب المقدس، وإذا كان مختلفًا عن كل الفاعلين التاريخيين الأحياء، فذلك لأنه مرتبط بالحقيقة، وبالتالي يمكنه أن يسبغ على الخطاب البشري معرفةَ الحقيقة.