بقلم روبير شعيب

الفاتيكان، الجمعة 16 أكتوبر 2009 (Zenit.org). – إذا كان الشكران وقود المحبة، فالكتاب المقدس هو نفحة الروح التي تؤجج نار الحب. يعتبر القديس غريغوريوس الكبير الكتاب المقدس كـ "رسالة حب" يوجهها الله لخليقته، ويدعو البابا القديس المؤمن على قراءة الكتب المقدس بالشغف عينه الذي يقرأ فيه الحبيبة المتيمة رسالة الحبيب.

كلمة الله تساعدة على التفكير بمحبة الله وعلى اختبارها ولكن – كما ينصح الأب غاسبارينو – يجب أن نصحح نقيصة شائعة في أسلوب قراءة الكتاب المقدس. يلفت معلم الصلاة الإيطالي أننا "معتادون وللأسف على قراءة كلمة الله من منظار أخلاقي" ويدعو على عكس ذلك إلى قراءة كلمة الله من منظور المحبة. "الكتاب المقدس هو رسالة حب".

ويتوسع غاسبارينو في تقديم وسيلة عملية لقراءة كلمة الله، إذ يدعو إلى قراءة "مثلثة الأبعاد":

- البعد الأول هو القراءة البسيطة المليئة بالإيمان والخضوع والاحترام والانتباه. وينصح هنا بقراءة الكتاب المقدس مع الاستعانة بالملاحظات التي يتضمنها الكتاب المقدس (مثل الملاحظات التفسيرية التي تتضمنها الطبعة الكاثوليكية-اليسوعية على سبيل المثال). فمن الصعب علينا أن نفهم كلمة الله دون مساعدة خبير يبني جسرًا بيننا وبين النص الإلهي الذي يقوم على مسافة زمنية وتاريخية وثقافية لا يمكن تجاهلها.

- البعد الثاني: قراءة الكلمة قراءة ثانية والتساؤل: ماذا تعلمنا هذه الصفحة البيبلية عن حب يسوع؟

- البعد الثالث: قراء الكلمة والتساؤل: ماذا تعلمنا هذه الصفحة الكتابية عن حب الآب؟

قراءة الكتاب المقدس تتطلب جهدًا لا يمكننا أن نوفره. لا يمكننا أن نمر بكلمة الله كسواح. فاللآلئ لا تعوم على سطح الماء، ومن أراد حيازتها يجب عليه أن يغوص في العمق.

إن القديسة تريز الطفل يسوع في ريعان شبابها أدركت غنى الكتاب المقدس، وبشكل خاص الأناجيل. وبينما كانت الكتب المعقدة تقود نفسها إلى اليبوسة، كانت تجد في الكتاب المقدس الغذاء المناسب لنفسها: "الإنجيل هو الذي، فوق كل شيء، يغذيني خلال تأملاتي. ففيه أجد كل ما هو ضروري لنفسي الصغيرة فاكتشف فيه دومًا أنوارًا جديدة، ومعاني خفية وسرية..." (القديسة تريز الطفل يسوع، قصة نفس، مخطوط أ، ص 83ش).

المعاني الخفية والسرية ليست خبرات إيزوتيرية أو غريبة، فمكنون الكتاب المقدس هو واضح رغم أنه دائم التجدد: جوهر الكتاب المقدس هو "الله محبة" (1 يو 4، 16). وقد صدق الأب بيار تارديف عندما قال في إحدى عظاته خلال لقاء صلاة وشفاء في شمال لبنان عام 1996: إذا ما أضعنا كل الكتاب المقدس ولم يبق لدينا شيئًا منه في أية مكتبة في العالم، يكفينا أن نذكر آية واحدة هي خلاصة كل الكتاب المقدس: "الله محبة".

الله محبة، وجوهر الحياة المسيحية هو – بحسب القديس الأرثوذكسي العظيم سيرافيم الساروفي – الحصول على الروح القدس. هذا الروح هو محبة الآب والابن، "محبة الله التي أفيضت في قلوبنا" (راجع روم 5، 5)، والذي يقودنا إلى الحقيقة كلها، حقيقة أن الآب يحبنا كما يحب ابنه يسوع (راجع يو 16، 27). من أقام في هذه المحبة، أقام في الله وأقام الله فيه.