بقلم روبير شعيب
الاثنين، 26 أبريل 2010 (ZENIT.org). – عقد في روما مؤتمر نظمه مجلس أسقاقة إيطاليا بعنوان: “شهود رقميون. وجوه ولغات في عصر تقاطع شبكات الاتصال”. استمر المؤتمر من 22 إلى 24 من الجاري وشارك فيه حوالي 1300 شخص، وحاضر فيه 25 خبير.
تحدث الأب أنطونيو سبادارو اليسوعي في مداخلته عن الانترنت كثورة حديثة وقديمة في آن. موضحًا أنها قديمة لأنها تمد جذورها في الماضي، فهي تردد أشكالاً غابرة من نقل المعلومات والعيش المشترك، وتُظهر حنينًا للماضي، وتترجم رغبات وقيم قديمة قدم الإنسان.
وقد دعا سبادارو في مداخلته إلى التنبه ليس فقط إلى أبعاد المستقبل التي يقدمها الانترنت، بل أيضًا إلى رغبات الإنسان وتطلعاته التي تسعى هذه الظاهرة إلى الإجابة عليها: أي التواصل، العلاقة، الاتصال والمعرفة.
شبكة الانترنت ليست مجرد “وسيلة” للاتصال بل هو “بيئة” ثقافية تقررأسلوب تفكير وتسهم في تحديد أسلوب جديد في إقامة العلاقات.
أن يكون الإنسان حاضرًا على “شبكة” الانترنت هو نوع من أنواع عيش العالم وتنظيمه. وتحدي الكنيسة – بحسب سبادارو – لا يجب أن يكون كيفية استخدام الشبكة، بل كيفية العيش في زمن شبكة الانترنت.
فمصير الانترنت هو أن يضحي أكثر فأكثر متداخلاً وشفافًا في الحياة، أن يضحي ملموسًا. وهذا هو التحدي الحقيقي، أن نتعلم أن نكون متصلين (wired)، بشكل سلس، طبيعي، أخلاقي، وحتى روحي، وأن نعيش شبكة الانترنت كإحدى بيئات حياتنا.
من الواضح إذًا أن شبكة الانترنت تضع الكنيسة أمام عدد من الأسئلة الهامة ذات الطابع التربوي والرعوي. فالانترنت يطرح أسئلة حول تأثير منطق الشبكة على منطق اللاهوت، وحول نقاط التماس بين جدلية الإيمان والشبكة.
“الإبحار” على الانترنت هو إحدى الوسائل الاعتيادية للمعرفة. فغالبًا ما نراجع محركات البحث مثل غوغل أو بينغ وغيرها للحصول على معلومات نطلبها. يبدو وأن الانترنت هو موضع الأجوبة. ولكن الأجوبة التي ننالها هناك قلما تكون متناغمة. الجواب هو عادة آلاف بل ملايين الروابط التي تحمل إلى عوالم مختلفة، متفارقة وحتى متناقضة.
إذا ما أقمنا بحثًا عن كلمة “الله” أو “روحانية” أو “دين” لوجدنا عشرات ملايين الصفحات، شهادة لتزايد الحاجة لأجوبة دينية تلاقي السبل التقليدية الدينية صعوبة في إشباعها. فالإنسان الذي يبحث عن الله اليوم يقوم ببحث على الانترنت متوهمًا ربما أن المقدس والديني هو على بعد كبسة “ماوس”. ولذا يمكن مقارنة شبكة الانترنت بسوبرماركت ديني ضخم. هناك وهم أن ما هو مقدس هو في استخدام المستهلك عندما يحتاج إليه.
يقدم الانترنت كمًا هائلاً من الأجوبة والاقتراحات بحيث يتعرض من يرتاده بحثًا عن أجوبة لإتخام معلوماتي (information overload). ويقترح الأب اليسوعي في هذا الإطار الرجوع إلى خاصية مسيحية هي “التمييز”. كما أن الفرق بين الرادار الذي يترصد أية ذبذبة في إطاره، وبين البوصلة التي تعرف أن تشير إلى الشمال مقدمة للإنسان إمكانية إيجاد طريقه، كذلك يستطيع التمييز أن يساعد الإنسان على إيجاد سبيله في محيط المعلومات التي تقدمها شبكة الانترنت.