الأردن، الأربعاء 9 يونيو 2010 (Zenit.org). – “ابنتي الحبيبة، اكتبي… أعلني للعالم أجمع عن حبي ورحمة قلبي. إن شعلة رحمتي تحرقني وأريد أن أسكبها على النفوس. حاولي يا ابنتي قدر المستطاع أن تنشري عبادة رحمة قلبي، وقولي للبشرية المعذبة أن تلتجئ إلى قلبي الرحيم وأنا أهبها السلام”.
هذه هي كلمات السيد المسيح للقديسة فوستينا، فحبه لبني البشر، لا حدود له، حبه دعوة سلام وغذاء وتضحية وخلاص لنا جميعا.
نحن نعلم، أن أمنا الكنيسة الكاثوليكية الواحدة، احتفلت يوم الأحد الماضي، بعيد جسد ودم الرب يسوع المسيح، أي “عيد سر القربان المقدس”، دعونا نفتح الحوار ونتقاسم ونتشارك معا كعائلة مسيحية واحدة عبر هذا الموقع المبارك: “العالم من روما” ، حول هذا السر العظيم ، سر الحب اللامتناهي، والحب مصدره القلب، والقلب هو نبع الحياة.
لو سألنا أنفسنا، لماذا رسم السيد له المجد سر القربان المقدس؟ لكان جوابنا بديهيا:” لأنه يريد أن يشركنا في حبه في نعمه”. ولولا هذا الإشراك، لما وجد هذا السر العظيم.
فسيدنا يسوع المسيح ، بإعطائه لنا ذاته ، أعطانا مجموع النعم، كما قال القديس يوحنا الحبيب: “رأينا مجده، مجد وحيد من الاب مملوءا نعمة وحقا”.
ففي قلب يسوع إذا نجد كل الخيرات والبركات وكل المساعدات، التي نشتهي الحصول عليها، وفقا لقول الرسول: “به انتم استغنيتم في كل خير، حتى انه لا ينقصكم من المواهب شيء”.
ففي هذا القلب يوجد مخزن النعم، وهو القلب السخي الذي تجري منه انهار نعم لا تنضب، تلك التي يتكلم عليها النبي اشعيا، قائلا:” تستقون المياه بفرح من ينابيع المخلص” والحال يمكننا أن نعتبر أربعة ينابيع نعم في قلب يسوع:
1. الينبوع الأول: هو ينبوع الرحمة، حيث يمكننا أن نغتسل من كل الخطايا، التي اقترفتاها في حياتنا، فهذا الينبوع يتكون من دموع مخلصنا الإلهي ودمائه: “لقد أحبنا وغسلنا من خطايانا بدمه على الصليب”.
2. الينبوع الثاني: في يسوع ينبوع السلام والتعزية في شدائدنا: ” إذا كان احد عطشان فليأت إليّ ويشرب”، أي إذا عطش احد إلى التعزيات، حتى في هذه الحياة الفانية ، فليشرب لان الذي يشرب من ماء محبتي ينسى لذات العالم الزائلة، ويحتقرها، ويجد الارتواء حينما يصعد إلى السماء.
فالسلام ، الذي يعطيه الله ، ليس هو نظير الفرح الحسّي الزائل الذي يعطيه العالم والذي ننتظره من بني البشر، والذي يجلب وراءه المرارة، بل الفرح هو فرح يفوق الحواس:” طوبى للعطاش إلى هذا الينبوع الإلهي”.
3. الينبوع الثالث: هو ينبوع عبادة، لان المرتوي منه يصبح تقيا، كلي الانقياد إلى صوت الله. فكم يرتقي من فضيلة إلى فضيلة، ذلك الذي يتأمل شدة محبة هذا القلب لنا؟
4. الينبوع الرابع: يوجد في قلب يسوع، ينبوع محبة، فعندما نتأمل العذابات والاهانات التي احتملها قلب يسوع محبة لنا، لا بدّ من أن نشعر بان قلبنا يحترق بهذه المحبة التي جاء يلقيها على الأرض ولا يريد إلا اضطرامها.
هذه هي ينابيع النعم الموجودة في قلب يسوع وإياها يريد أن يعطينا إذا دنونا من قلبه الطاهر ينبوع النعم.
فهذا هو الشهر المخصص لإكرام قلبه الطاهر والتعبد له، هيا لندنو من هذا القلب الكلي الرحمة والعطاء ، وننهل من نعمه وخيراته، ونضع فيه، كل خطوات حياتنا، ولنتعلم منه، معنى الحب الصادق المضحي، والذي لا ينتظر بالمقابل أي شيء، سوى مقابلة الحب بالحب.
أيها القلب الإلهي، ينبوع النعم ، املك على عقولنا بالإيمان ، واملك على قلوبنا بالمحبة الصادقة المضطرمة، واملك على أديرتنا ، بفيض من الدعوات الكهنوتية والرهبانية، خاصة في هذه السنة، سنة الطوباوية ماري الفونسين، مؤسسة رهبنة الوردية المقدسة، والتي مازلنا نحن بناتها، نعيش ثمرة هذا التطويب، بفرح وارتداد وبعزيمة تدفعنا إلى السير على منوالها، وعيش حياة القداسة والتجرد، وبالرجوع إلى الينابيع.
واملك أيضا على كنائسنا في الشرق العربي ، كي تجسّد السنودس الأبرشي، بالشهادة الحقة لإنجيلك الطاهر، وبالإيمان الحي الصادق بيسوع المسيح رأس إيماننا، وبعيش الشراكة الواحدة بين كنائسنا، وبتفعيل الحوار البناء بين الجميع.
واملك على أفواهنا ، كي تنشر حبك بين الناس وفي العالم اجمع، لكي نكون أداة سلام وحب ووئام أينما حللنا، ولكي نؤسس عهدا جديدا، عهد الإيمان والشراكة والحوار والشهادة لربنا يسوع المسيح.
وامنحنا فضيلة الطاعة والتجرد والصمت ، ففي عيش هذه الفضائل نلقاك، وندخل في شراكة مع حمل صليبك الطاهر ، والسير على طريق الجلجلة بفرح، طريق الحب، والتضحية، طريق الشهادة لقيامة الرب، كما عاشته مؤسستنا، الطوباوية ماري الفونيسين، مؤسسة رهبنة الوردية المقدسة. آمين
“فيا اله الحب، اجعل قلبنا واحدا معك وفيك، كما أردت أن نكون”