شفاعة القديسين هي بركة محبة بين المسيحيين

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

بقلم الأب سميح رعد*

بروكسل، الأربعاء 15 يونيو  2010 (Zenit.org). – عندما نعلن، في قانون الإيمان، أنَّنا نؤمن بكنيسة واحدة جامعة مقدسة رسوليَّة، نعلن أنَّنا شركاء في جسد واحد رأسه المسيح يسوع، وكلّنا أعضاء فيه، وما يجمعنا هو رابطة لا تنقطع، عمادها المسيح.

        ما يشدّ المسيحيين بعضهم إلى بعض، وما يشدّهم إلى الآخرين، هو رباط المحبَّة. المحبَّة هي الصلة التي تجمع الجميع.

        عندما أعلن السيد “ليكونوا واحدًا، كما نحن واحد”، أراد بذلك أن يؤكِّد على شركة سريَّة ما بين أفراد الكنيسة كلّهم… يتشفّعون بعضهم لبعض بالفكر والصلاة… أحياءً وأمواتًا.

        في الدعاء والصلاة والتشفع، يأتي المؤمن بقلب متواضع، بقلب العشّار، لا بقلب الفريسيّ، يطلب بركة المتقدّمين في الكمال الروحانيّ، بركة الذين نالوا نعمة القبول لدى الله.

        البعد الأساسيّ للقداسة في المسيحية هو الآخر، وبدون هذا البعد لا يمكن أن نسميها قداسة. في المسيحيّة الشراكة هي أساس. الفردانيّة ليس لها مكان. لا يمكن في المسيحيّة أن يُؤمِنَ الإنسان لنفسه فقط، أو أن يصلي لنفسه فقط، أو أن يخلص بمفرده فقط، وبالتالي فالقداسة ليست فرديّة في المسيحيّة. البعد الكنسيّ هو الأساس، إذن هو بعد جماعيّ، حيث الآخر له مكان الصدارة.

        القداسة هي توبة، أي انحناء نحو الله ونحو الآخر. من هنا المسيحيّة تعتبر القدّيسين على علاقة قوية بعضهم بالبعض الآخر، ورباطهم هو المسيح يسوع.

        القداسة في المسيحيّة هي شراكة المؤمنين بالحياة الإلهيّة. إنَّ لطف الله نحو البشر هو الذي قدّس الجماعة المسيحيّة التي هي الكنيسة. تحقّقت هذه القداسة بمجيء المسيح الخلاصيّ وبمواهب بالروح القدس التي يهبها لكلّ مؤمن.

        القداسة في المسيحيّة، هي حالة وحدة مع المسيح، الكلمة المتجسّد، الفادي والوسيط الوحيد بين الله والبشر، والذي هو مصدر كل نعمة وكل قداسة.

        يسوع المسيح هو قلب الإيمان المسيحيّ، وهو مصدر كل تقديس. المسيح هو الذي مهّد لنا الدخول في لقاء الآب وتقديس الروح القدس، يقول القديس يوحنا: “الله لم يره أحد قط. الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو عنه خبّر” (يو 1: 18).

        فهم القدّيسون طبيعة الله الكاملة والبسيطة أكثر من غيرهم. كما فهموا دوره في حياتهم. هكذا يعلِّموننا كيف نضع الله أوَّلاً في حياتنا، وكيف نقرأ إرادته، في حياتنا لحظة بلحظة.

        فهم القدّيسون طبيعة الإنسان المعقّدة أكثر من غيرهم. فهموا ما فيها من قوَّة وضعف، ورفعة وضعة… فربّوا أنفسهم تربية قداسة، ترضي عيني الله.

        فهموا أيضًا أكثر من غيرهم لطف الله، وتفاعلوا معه تفاعلاً صائبًا.

        فهموا أيضًا أن القداسة هي مسيرة، وليست محطة. هي طريق يسلكه المؤمن برويّة نحو الهدف المنشود.

        القدّيس، وإن كان فريدًا في حياة الكنيسة ولكنه ليس منفردًا. القدِّيس هو قديس في وسط الكنيسة. يتلألأ كما تلألأ المسيح من أجل الآخرين.

        القديس هو قدّيس مع الكنيسة… ما يستوقفني دائمًا في الذبيحة الإلهية حسب الطقس اللاتيني هذه الكلمات عند التناول: “لا تنظر، يا الله، إلى خطيئتي، بل انظر إلى قداسة كنيستك.” مع الكنيسة يتقدّس المؤمن أكثر.

        القديس هو قدِّيس من أجل الكنيسة، على مثال يسوع الذي أحبَّها أقصى حبّ ممكن أن يتخيّله الإنسان.

        هكذا هم القدّيسون بدعائهم وصلاتهم وشفاعتهم، هم بركة محبة بين المسيحيّين.

– – –

*خوري رعية القديس يوحنا فم الذهب للروم الملكيين الكاثوليك – بروكسيل

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير