الأنبا إبراهيم اسحق : الكنيسة تعيش أجواء تحدي على صعيد التكوين الإنساني والإيماني بالمعنى الصحيح (1)

في مقابلة مع وكالة زينيت

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

حاوره إميل أمين

المنيا، مصر، الأربعاء 30 يونيو 2010 (Zenit.org). – من بين أهم الأبرشيات القبطية الكاثوليكية في جمهورية مصر العربية تأتي أبرشية المنيا ” هيرموبوليس ” والتي تستمد  أهميتها من حضور كاثوليكي مصري عريق يعود الى نهايات القرن التاسع عشر ، وتعد من أهم الابرشيات المزدهرة حجرا وبشرا  وبخاصة في العقود الثلاثة الاخيرة .

في هذه المقابلة التي أجرتها وكالة زينيت في مقر إقامته في مطرانية المنيا تحدث الأنبا إبراهيم اسحق مطران ابرشية المنيا عن أحوال المسيحيين على نحو عام والكاثوليك بشكل خاص.

** بداية ماذا عن الحضور المسيحي  في المنيا بشكل عام  في ظل تعايش إسلامي مسيحي ، ومسيحي مسيحي مغاير عن العقود السابقة في اضعف تقدير ؟

 الحضور المسيحي بشكل عام في محافظة المنيا حضور قوي  من الناحية العددية  ، رغم عدم وجود  إحصائيات رسمية واضحة سواء عن عدد المسلمين أو المسيحيين ، لكن الأهم من العدد هو  التساؤل المطروح عن شكل وآليات هذا التعايش ومستقبلياته؟ .

 وهذا السؤال  عن حال العيش المشترك هو سؤال جديد على المجتمع المصري ، فمصر  في العقود السابقة اتسمت برؤية إنسانية  كان الجميع يستظل بها ، تحمل احتراما  لعقيدة الأخر  ، ودعوة للتسامح وخلق جسور المودة المتبادلة  ، كانت مصر تحتمي وقتها بعقول كثير من كبار المثقفين التنويريين ، هذا بدوره خلق مناخا فكريا وثقافيا لا يعرف الإقصاء أو العزل والإبعاد  وكذلك يرفض الفرز الديني العنصري .

  نعم المناخات تغيرت ويمكنك ان تضيف  لاسباب التغير التي تؤثر ولا شك  على أحوال مسيحي مصر على نحو عام والمنيا بوجه خاص  قضايا مثل ” المشكل الاقتصادي ” الخانق للناس ، ثم الانفتاح السطحي على العالم بمعنى معرفة سهلة لكنها سطحية ،  تؤدي لفهم مغلوط  أو مضمون مفرغ ، في هذه تعيش الكنيسة في المنيا  أجواء تحدي على صعيد التكوين الإنساني  والإيماني بالمعنى  الصحيح ، وهي تكافح من اجل بلورة  رؤية فكرية إستراتيجية لها في قادمات الأيام .

** في تقدير سيادتكم،  ما هي أهم المعوقات والتحديات التي تواجه رسالة الكنيسة الكاثوليكية في ابرشية المنيا بصعيد مصر  على نحو عام ؟

 جئت الى محافظة المنيا منذ نحو ثمان سوات  وقد سبقني آباء  أساقفة من أصحاب المقامات السامقات شكلا وموضوعا ، كل منهم ساهم في ميدان التنوير والتعليم والتنمية  والتكوين  في الايبارشية   وأنا أحاول  ان أكمل المسيرة ، على ان الطريق  لا يخلو من الصعوبات   والعقبات   وربما في مقدمتها صعوبات واضحة  في العلاقات  الكنسية – الكنيسة أي بين الطوائف المسيحية وبعضها البعض  ،  فعلى المستوى الشخصي هناك لطف وابتسامات ومجاملات  لكن الواقع العملي  والحياتي على خلاف ذلك ، كانت العلاقات بين المسيحيين  في المنيا حتى عقود  قريبة  على غير ما هي كائنة الآن  ، كان هناك تداخل وتشابك  واختلاط وتزاوج  بين كل المسيحيين من كل الطوائف ، اليوم هناك أصوات أصولية مسيحية ومن أسف  تدعو الى  إقامة الحواجز مع الآخر ، لا تصلي عند الطائفة  هذه ، لا تشارك الجماعة تلك في طقوسها ، تنذير وترهيب ،  هناك واقع مسكوني مأزوم  وهذا نتاج لسطحية الأفكار المغلوطة  التي تروج وتصل الى درجة التشكيك في الإسرار لكنيستنا الكاثوليكية .

**  الى أي حد يمضي هذا الواقع المؤلم  ؟ وهل من أي مبادرات تعطي أملا في   غد أكثر محبة بين المسيحيين  وبعضهم البعض في المنيا على نحو التخصيص؟

بكل أسف أقول ان الازمة الاقتصادية العالمية الاخيرة استغلها البعض الذي يملك إمكانيات مادية في الترويح لعقائده بصورة  في حقيقتها خاطفة ، والناس تحت  الضغوطات المادية القاتلة في جهوزية للتغير ، لأي منحى وفي أي اتجاه طالما هناك من يقدم لهم فسحة من الأمل الاقتصادي  ، على سبيل المثال لا الحصر  هناك من يرسل سيارات للقرى والنجوع والكفور  لجمع أولاد كنائسنا  ولتقديم أفكار  وعقائد مغايره لإيماننا ، نحن لسنا ضد أي عمل أي جماعة مسيحية في ” الأرض المتعطشة ” للعمل ألرسولي ، لكن العمل في حقل الآخرين أمر غير مقبول ، هذا تحدي للحضور الكاثوليكي في محافظاتنا من جراء توافر المال لكنائس أخرى من تبرعات تأتي من الداخل والخارج على حد سواء .

لكن الأمل يظل موجودا  ففي عيد القيامة  الماضي  فوجئنا  في مقر كاتدرائية يسوع الملك الخاصة بنا  بزيارة من الأنبا ارسانيوس  والأنبا مكاريوس من الكنيسة الأرثوذكسية  لنا ومن اجل تهنئتنا  بالعيد ، كانت هذه لفتة طيبة  تمحي من القلب كثير من المنغصات  ، وتركت بالفعل في نفوس الناس اثر ايجابي ن ولطفت من الأجواء المحتقنة  ولو شكليا على الأقل .

**  لماذا تكثر في محافظات صعيد مصر  على نحو عام الخلافات بين المسلمين والمسيحيين وهل تعزوها جميعا لأسباب دينية عقائدية ؟

في واقع الأمر لا ارجع  مثل تلك الصدامات بسرعة الى أسباب دينية ، وأيضا إذا كان للأمر خلفية اقتصادية  من جراء ضيق ذات اليد ، وتأزم الأحوال المعيشية ، فان ما يغيب عن الكثير هو نظام الحياة القائم هناك بما فيه من تقاليد مرعية وقواعد  فرعية  في الأصول  والمعاملات يغلب  عليها طابع البداوة  لا الحضر ، .

 على سبيل المثال البدو والعرب في المناطق الصحراوية في مصر  يعتبرون كل الأراضي هناك ملكا لهم ، وأنت لست حرا في البناء أو التعمير أو التشييد بدون ان تنال رضاهم مع ما يستتبعه من ترضيات  مالية هي واقع الأمر ” اتاوات أي ضرائب
غير شرعية  “.

  الأمر الأخر هو تسرب أفكار غريبة عن المجتمع المصري  وباتت هناك أجندات ينبغي تنفيذها بحسب نية الممول ،  وفي هذه الأوساط يسود المثلث المرعب الجهل والفقر والمرض  ، ومعه  تغيب الفطرة الإنسانية السليمة  وتسود روح الافتراق عوضا عن الاتفاق .

 لكن ورغم ذلك تبقى   العلاقات بين الكنيسة والمسؤولين  الرسميين على مستوى المحافظة تتسم بالود  ، وتبادل المجاملات  في الأعياد ، وتجد دائما عند كبار المسؤولين الاستعداد الطيب  للتعاون والتعايش المشترك وان كان صغار الموظفين  يمثلون أحيانا عقبة على الطريق .

(يتبع)

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير