بقلم روبير شعيب

الفاتيكان، الأربعاء 16 يونيو 2010 (Zenit.org). –  الإيمان والعقل لا يتناقضان لأنهما يأتيان من منهل الحقيقة الواحد، اللوغوس الإلهي، الذي يعمل في إطار الخلق كما في إطار الفداء، هذا هو ملخص التعليم الذي الذي تلاه قداسة البابا بندكتس السادس عشر في ساحة القديس بطرس في الفاتيكان، مقدمًا القسم الثاني من تعليمه حول القديس توما الأكويني.

انطلق البابا في تعليمه مذكرًا بالأهمية التي يوليها المجمع الفاتيكاني الثاني للأكويني، مشيرًا إلى أن الدافع الرئيسي لهذا التقدير يقوم "ليس فقط على محتوى تعليمه، بل أيضًا على الأسلوب الذي اعتمده، وخصوصًا تعليمه الجديد في التجانس والتمايز بين الفلسفة واللاهوت".

أعاد توما النظر بالعلاقة بين الفلسفة واللاهوت، بين الإيمان والعقل. فرغم العناصر التي توحي للوهلة الأولى بعدم تطابق الفكر والإيمان، الفلسفة واللاهوت، أيقن توما أن هناك تطابق وتكامل بين الفلسفة واللاهوت: "كان واثقًا أن فلسفة مبينة بمعزل عن معرفة المسيح هي فلسفة تنتظر نوعًا ما نور يسوع لكي تكون متكاملة".

وشرح البابا أن هذه هي "مفاجئة توما الكبرى، التي خطّت مسيرته كمفكر".

وأضاف: "رسالته التاريخية كمعلم كبير كانت أن يبين استقلالية الفلسفة واللاهوت، وفي الوقت عينه علاقتهما المتبادلة. وهكذا نفهم كيف أن البابا لاوون الثالث عشر، عندما أعلن بقوة عدم التطابق بين العقل الحديث والإيمان، اشار إلى القديس توما كدليل للحوار بين الواحدة والأخرى".

ثم قال: "في عمله اللاهوتي يفترض توما هذه العلاقة ويجسدها. الإيمان يوطد، يدمج وينير إرث الحقيقة الذي يجمعه العقل البشري. الثقة التي يوليها توما إلى عنصري المعرفة – الإيمان والعقل – يمكن رصدها في قناعته بأن كليهما يأتيان من منهل الحقيقة الواحد، اللوغوس الإلهي، الذي يعمل في إطار الخلق كما في إطار الفداء".

هذا واستشهد البابا بمقطع شهير من الخلاصة اللاهوتية يبين فيها الملفان الملائكي الأصل الإلهي للعلم اللاهوتي الذي يجعل منه من ناحية علمًا مثل العلوم الأخرى، من ناحية أخرى يميزه انطلاقًا من أصله. يقول القديس توما: "إن ترتيب العلوم مزدوج؛ بعضها ينطلق من مبادئ معروفة على ضوء العقل الطبيعي، مثل الرياضيات، علم الهندسة وما شابه ذلك؛ البعض الآخر ينطلق من مبادئ معروفة على ضوء علم أسمى: مثل الوجهة التي تنبع من مبادئ معروفة  من خلال الهندسة، والموسيقى من مبادئ معروفة بواسطة الرياضيات. وبهذا الشكل عينه العقيدة المقدسة (أي اللاهوت) هي علم ينبع من مبادئ معروفة من خلال علم أسمى، علم الله والقديسين (I, q. 1, a. 2).

وأوضح بندكتس السادس عشر أن هذا التمييز "يضمن استقلالية العلوم البشرية والعلوم اللاهوتية في آن". فتوما لا يعني الفصل بين العقل والإيمان، بل يشير على العكس إلى تكامل وتعاون مُجْدٍ: الإيمان يحمي العقل من تجربة عدم الثقة بمقدراته، ويحضه على الانفتاح على أفق أوسع، ويحيي فيه البحث عن الأسس؛ وعندما ينكب العقل على التفكير في الجو الفائق الطبيعة وفي العلاقة بين الله والإنسان يغني عمله. </p>