الأردن، الثلاثاء 13 ديسمبر 2011 (ZENIT.org). – و أخيراً، نستطيع القول _ و بحمد الله _ أن مجلس كنائس الشرق الأوسط قد خرج من عنق الزجاجة و من ” غرفة الإنعاش” و ذلك بعد حالة ( فترة ) من الترهل الإداري و الأزمة المالية الخانقة. و لكن علينا ألا نبالغ بالتفاؤل كثيراً، لأن انعقاد الجمعية العمومية العاشرة للمجلس في أواخر نوفمبر الماضي لا تعني لوحدها حلاً للمشاكل كلها و بسرعة البرق.
إلا أن للتفاؤل اليوم أسباباً عديدة، و أولها عودة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية إلى الاجتماعات و ما يترتب عليها من تصويت و اكتمال للنصاب القانوني، و الأهم من ذلك اكتمال ” حلقة المحبة ” التي جمعت كل كنائس الشرق الأوسط منذ تأسيس المجلس، أي قبل 37 عاماً. و ثاني أسباب التفاؤل هو انتخاب الأمين العام الجديد، و هو الأب الدكتور بولس روحانا، و هو عميد سابق لكلية اللاهوت في الكسليك و كذلك هو ناشط في العمل المسكوني و عضو في لجنة الحوار بين الفاتيكان و الكنائس الشرقية الأرثوذكسية. و عليه فإن العمل المسكوني مع الأمين الجديد- شريطة أن يعمل بروح الفريق- مرشح لنهضة جديدة و لأن يكون المجلس كما كان سابقاً ” البيت الجامع ” على حد تعبير روحانا في كلمته الأولى عقب انتخابه . و مع انتخابه أيضاً تم انتخاب لجنة تنفيذية جديدة، حوت العديد من الشخصيات السابقة و أيضاً الجديدة التي سترافق المجلس بنفس جديدة ستغيّر أوضاع اليأس و القنوط التي أصابت المجلس و موظفيه و كوادره و اجتماعاته و نشاطاته ، ممّا أدى في السنوات السابقة… إلى غياب صوته.
أجل… لقد غاب صوت مجلس كنائس الشرق الأوسط في وقت تعرّض فيه مسيحيو الشرق الأوسط إلى كثير من الأزمات الممتدة أو الجديدة. فالاحتلال الإسرائيلي ما زال بما يحمل من ويلات و مآسي على مسيحيي الأرض المقدسة، و ليست أخرها ( تعرّض أراضي من بيت جالا و الكريمزان للمصادرة لصالح جدار الفصل) . و ثانيا لقد تعرّضت العديد من الكنائس في العراق و مصر و غيرها لأعمال تفجير راح ضحيتها العديد من المصلين من مسيحيي الشرق، و كانت الحاجة إلى صوت المجلس لكنه اكتفى ببيانات خجولة لا تليق بجسامة الأحداث.
و اليوم، و أثر الثورات العربية العارمة في أكثر من بلد عربي، يقف رؤساء الكنائس في الشرق عاجزين – أو أقله مترددين وحائرين – عن إعطاء موقف واضح و صريح للمسيحيين في كنائسهم حول ما يجري، وحول وجهة نظر المسيحيين في ثورات “الربيع العربي” : أتراهم يتمسكون بأنظمة دكتاتورية ظنّوها لعقود تحميهم و تؤمّن لهم نسبة من حرية ” العبادة ” ؟ أم تراهم يشاركون المعتصمين في ميادين التحرير و ساحاته ويرغبون بالتغيير الجذري لأنظمة الحكم الحالية لصالح أنظمة الجديدة تحمل لهم، في دساتير جديدة أو معدلة ، الحرية الدينية كاملة غير منقوصة و تضمن لهم تطبيق مبادئ المواطنة و المساواة و تكافؤ الفرص ؟
غاب مجلس الكنائس إزاء ذلك كله و يبقى التفاؤل سيّد الموقف الآن و له مبّرراته رغم أن له عثراته . فالأزمة الإدارية قد تكون في طريقها إلى الحل ، لكنّ الأزمة المالية الخانقة ما زالت موجودة، وجاثمة في درب الإصلاح والتغيير ، وهو ما سمّي مؤخرا بإعادة الهيكلة للمجلس. إلا أنّ اجتماع الكنائس في قبرص و بدون غياب يُذكر ، ينبئ ببداية جديدة وجدية ، وقد جعل المحراث يوضع على السكة. و قد قال السيد المسيح الذي تتبعه كل كنائس الشرق: ” من يضع يده على المحراث ، لا ينظر إلى الوراء ” . فإلى الأمام…