جوهر الافخارستيا هو أن الله يهب ذاته طوعيًا فيغلب نزعة الشر في البشرية

بقلم روبير شعيب

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

الفاتيكان، 2012 (Zenit.org). – التقى البابا بندكتس السادس عشر المؤمنين اليوم الأربعاء في “المقابلة العامة” المعتادة في قاعة بولس السادس في الفاتيكان، وتابع الحديث عن الموضوع الذي رافق التعاليم الماضية، أي صلاة يسوع.

توقف الأب الأقدس اليوم على صلاة يسوع في العشاء الأخير. وقدّم قداسته تأمله مذكرًا بالإطار الذي رافق ذلك العشاء الأخير. فيسوع كان قد تحدث مرات عدة مع تلاميذه عن آلامه. إنجيل مرقس يخبرنا أن يسوع بدأ الحديث عن الآلام منذ انطلاقه إلى أورشليم من قيصرية فيليبس (راجع مر 8، 31). هذا وإن الإطار العام لكل الأحداث هو عيد الفصح اليهودي، تذكار خروج الشعب من مصر على يد موسى.

ينظر يسوع إلى حدث آلامه “بوعي كامل”، ولذا يأخذ العشاء الأخير مع تلاميذه “طابعًا مميزًا ومختلفًا عن كل الولائم الأخرى التي شاركها وإياهم”: هذا عشاؤه هو بالتحديد، الذي من خلاله يستبق صلبه وقيامته.

هذه الجدة تأتينا مع إنجيل القديس يوحنا، حيث يتعمد الإنجيلي إغفال وصف العشاء الفصحي التقليدي، لكي يشدد على فكرة أن هذا العشاء هو عشاء يسوع، وفيه “يفتتح يسوع واقعًا جديدًا، يحتفل بفصحه، المرتبط بالتأكيد بحدث الخروج. فبالنسبة ليوحنا، يسوع مات على الصليب في الوقت الذي تُذبح فيه الحملان في هيكل أورشليم”.

ما هو جوهر هذا العشاء؟ هناك بوادر كسر الخبز، إعطاؤه ومشاركة كأس الخمر مع ما يرافقه من كلمات في إطار تأسيس سر الافخارستيا. التعابير المستعملة: “شكر وبارك” ترتبط بـ “البِرَخا” العبرية، اي صلاة الشكر والبركة في تقليد إسرائيل التي تفتح الولائم الكبيرة.

قبل كلمات التأسيس تأتي بوادر يسوع حيث يكسر الخبز ويقدم الخمر. هذه البوادر تعبّر عن قبول الغريب وضيافته، وعليه تأخذ هذه البوادر معنى جديدًا مع يسوع: فهو يقدم علامة مرئية لقبول البشر في الوليمة التي يهب الله فيها ذاته.

ولكن كيف يتم ذلك؟ كيف يُعقل أن يهب يسوع ذاته، وهو مزمع أن يموت الميتة الأسوأ التي قد ينالها عبد ذليل؟ في هبة الخبز والخمر يستبق يسوع ما سيجري، ويعطيه معناه. يقول الرب في خطاب “الراعي الصالح”: “أبذل نفسي لأنالها ثانية ما من أحد ينتزعها مني بل إنني أبذلها برضاي. فلي أن أبذلها ولي أن أنالها ثانية وهذا الأمر تلقيته من أبي” (يو 10، 17 – 18). وعليه، يقدم يسوع الحياة التي ستُنزع منه، وبهذا الشكل يحول الموت العنيف الذي سيتعرض له إلى فعل هبة ذاته من أجل الآخرين وإليهم. بهذا الشكل يتحول العنف الذي يتعرض له إلى ذبيحة فاعلة، حرة وخلاصية.

ثم تحدث البابا عن الحميمية مع الآب التي تميز صلاة يسوع في العشاء الأخير. وأشار أيضًا إلى بعد الشفاعة الذي عاشه يسوع، مستشهدًا بما حفظه لنا الإنجيلي لوقا عن صلاة يسوع لأجل بطرس: ” سمعان سمعان، هوذا الشيطان قد طلبكم ليغربلكم كما تغربل الحنطة. ولكني دعوت لك ألا تفقد إيمانك. وأنت ثبت إخوانك متى رجعت” (لو 22، 31 -32). صلاة يسوع تسند ضعف التلاميذ وضنكهم في فهم سبل الله التي تمر في السر الفصحي، سر الموت والقيامة، الذي أعطي مسبقًا في تقدمة الخبز والخمر. يذكرنا لوقا بأن عيون يسوع هي التي بحثت عن وجه بطرس بعدما خانه، لكي يعطيه القوة لينهض ويتابع مسيرته.

ثم قال الأب الأقدس للمؤمنين: “من خلال الاشتراك في الافخارستيا، نعيش بشكل مميز الصلاة التي تلاها يسوع وما زال يتلوها لأجل كل منا، لكي لا يستطيع الشر الذي نلاقيه في حياتنا أن يغلب، ولكي تعمل فينا قوة موت وقيامة يسوع المحوّلة”.

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير