المسيحيّة على مفترق طرق في الشرق الأوسط (الجزء الثالث)

مقابلة مع الأب سمير خليل سمير، خبير في العلوم الإسلاميّة والثقافة العربيّة

Share this Entry

روما، الاثنين ١٤ مايو 2012 (ZENIT.org). – تمّ نشر القسم الثاني من المقابلة مع الأب سمير خليل سمير يوم الجمعة ١١      مايو.

* * *

أودّ العودة بالحديث إلى هجرة المسيحيين بسبب التمييز والإضطهاد. ما هي الأرقام التي نتحدّث عنها؟

الأب سمير خليل سمير: من الصعب تحديدها. لأنها تختلف من بلاد إلى أخرى، ولكن ما هو مؤكد أن الهجرة تزداد سنة بعد سنة وان عدد المسيحيين يقلّ في كل مكان. لقد تحدثت لتوّي مع أسقف صور في لبنان، حيث لا وجود للتمييز وقد قال لي: “عندما كنت طفلاً، في الخمسينات، كان يسكن صور 10.000 نسمة، 5000منهم مسيحيّ والـ5.000 مسلم. أمّا اليوم فالمسيحيين هم 3.000 على مجموع 80.000”.

يمكننا القول بأنها مسألة اقتصادية بما أنك أكدت بأنه لا وجود للتمييز.

سمير خليل سمير: بالتأكيد. لا وجود للتمييز وأكرر أن الإنخفاض بالعدد لا تسببه دوماً الأديان؛ هاجرت عائلتي نحو الولايات المتحدة الأمريكيّة ونحو كندا. ولا يزال إخوتي هناك حتى ولو لم يجبرهم أحد على الهجرة؛ ولكن ببساطة لا يشعرون ولا حتى أنا بأنه وطننا. تتغير الأجواء: إنه واقع نفسيّ. نشعر وكأنه لم يعد هناك وجود للحرية التي كانت تسود في الماضي. ولذلك، إذا سنحت الفرصة أمام المسيحيين بالهجرة من أجل أسباب ثقافية، سياسيّة واجتماعية فلا يترددون. أو لأنهم يملكون أقارب هاجروا في القرن التاسع عشر أو أوائل العشرين أو يتكلمون اللغات الغربية بطلاقة. أما عائلتي فلم تجد صعوبة في التأقلم والاندماج الثقافي في الولايات المتحدة الأمريكيّة بسبب إتقانها الفرنسية والقليل من الإنجليزيّة. في بلدان أخرى، قد يكون السبب دينيّا.

قولك هذا يؤدي إلى تشاؤم قويّ: إنه تيّار باتجاه التزايد. إنه أمر لا رجوع عنه؟

الأب سمير خليل سمير: إذا ما تركنا الأمور على طبيعتها، عندها يكون لا رجوع عنه، لأن الوضع لن يتغيّر بغضون 20 عاماً. ولن تهبط الديمقراطية فجأة من السماء. علينا بناء الأجيال المقبلة على حب الحريّة لأن الحرية هي عنصر مهمّ. تنمو هذه الحركة الإسلاميّة التي تحاول أسلمة المجتمع، ولن تتوقف خلال حياتنا.  وإذا تابعت النمو إلى حدّ ما، كما حصل بتركيا بالتحديد،  حيث عدد المسيحيين في أوائل القرن العشرين كان %20 والـ %24، واليوم أصبح %0.2، 100 مرّة أقل بالنسبة إلى القرن الماضي، لذلك فإن وصوله لحد ما يعني %1.1 أو %2 …

إنها حلقة مفرغة تتغذى بذاتها.

الأب سمير خليل سمير: نعم. لذلك ينبغي إيقافها فوراً وربما طلب العودة من الذين هاجروا. ولكن هذا صعب.

إنه أمر مستحيل. أعني، أنه بالوقت ذاته الذي نسجل به ميل “طبيعيّ” إلى هجر البلاد، يشجّع العنف الهجرة، كالحرب في العراق، والوضع في فلسطين، والتي تسبب المزيد من التطرّف بين المسلمين وبالتالي المزيد من الضغط على المسيحيين؟

الأب سمير خليل سمير: سأعطيك مثالا لأظهر لك أنه من الممكن إيقافه. لبنان على سبيل المثال. أذكر أنه من حوالي الـ 10-15 عاماً كان حزب الله (الذي هو حزب الشيعة في لبنان) يحاول جعل المجتمع مسلماً على الشكل الإيرانيّ. وكانوا يقولون بأنهم ينتمون لإيران أكثر من لبنان. وكان آنذاك أكبر ممثل للمسلمين إسلام الشيعة في لبنان الإمام شمس الدين (الإمام الشيخ محمد مهدي شمس الدين)، الذي توفي منذ ثلاث سنوات. أعلن شمس الدين في سيرته الذاتيّة التي نصّها قبل أسبوع من وفاته: “كنت واثقا بأن المجتمع المثاليّ هو إسلاميّ، ولكن الآن، وبعد مرور 10 و-15 عاماً، أعترف بأن المجتمع كما هو اليوم في لبنان، هو الأفضل، لأن المسيحيين يساهمون في تقديم نهج لطريقة تعايشنا”. ولأسباب أخرى، يقول حزب الله الشيء ذاته، أي لا يريدون المجتمع إسلاميّ. وهذه هي أول وجهة نظر لي: يمكن إيقاف هذا التيار في العالم العربي والإظهار للمسلمين، بأن المسيحيين يشكلون لهم الفرصة من أجل التقدم في مجتمع منفتح. وإذا ارادوا، يمكننا العمل معهم.

*** نقلته إلى العربيّة م.ي.

Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير