بقلم غريغوريوس يوحنا ابراهيم
متروبوليت حلب
حلب، الجمعة 14 سبتمبر 2012 (ZENIT.org).
قداسة البابا
يرحب الموطنون من المسيحيين والمسلمين في لبنان وسوريا وكل بلدان الشرق الاوسط بزيارتكم التاريخية للبنان
واهم مرحلة في هذه الزيارة هو اصدار الارشاد الرسولي بعد مرور حوالي السنتين على السينودس الخاص للشرق الاوسط
ان عيون المسيحيين تتطلع الى نجاح الزيارة بكل ابعادها الروحية والدينية والاجتماعية
وان تحمل رسالة خاصة نحو مستقبل مشرق لكل المنطقة
وهذه تمنياتي اوجهها الى قداستكم راجيا لكم زيارة موفقة
اولا
لسنة ونيف والسوريون يعيشون اعنف الاوقات بسبب الحراك الشعبي الذى بدا في اواسط اذار 2011
وامتدت الى كل المدن الكبرى والصغرى وخلفت وراءها عشرات الالاف من الضحايا والشهداء
ومئات الالاف من الجرحى , ومئات الالاف من النازحين والوافدين من مكان الى اخر
وعشرات الالاف من المفقودين , هذا الى جانب خسارات مريعة على صعيد الحارات والاسواق والبيوت
وضرب حقيقي لاقتصاد البلد منها مليارات من الدولارات التي دفعت من دماء السوريين
ولم يكن سيف العنف بعيدا عن المسيحيين في كل مدينة ساخنة خاصة حمص وحلب
ففي حمص هجر قسرا عدد كبير من المسيحيين وهم اليوم مشردون في مدن سوريا وقراها الامنة
اما حلب فلم يشهد تاريخها المعاصر زمنا عصيبا ومؤلما كما في هذه الاسايبع الاخيرة
لقد اعتدي على بعض المسيحيين وخطفوا باسليب وحشية ودفع اهلهم مبالغ كبيرة من اجل الافراج عنهم
وهذا النوع من الخطف اثر كثيرا على البقية الباقية لهذا فمئات العائلات المعروفة من كل الطوائف تركت حلب الى اي مكان امن اكثرهم الى لبنان وبعضهم الى تركيا ومصر وقبرص
واخر الجازر مقتل بعض الارمن وجرح عدد اخر في طريق عودتهم الى حلب من ارمينيا
ولكن الاهم من هذا وذاك هو ان الرعب والخوف دخلا في قلوب المسيحيين واديا الى التفكير بالهجرة
عائلات ارمنية حصلت على جوازات سفر ارمنية استعدادا للهجرة الى ارمينيا
وعائلات كانت تحمل جنسيات مختلفة وكرين كارت تركت الوطن في الوقت الحاضر
اما الاستهداف فمن المعروف ان كنائس عدة في حمص استهدفت وسقطت قذائف على كنائس ومراكز دينية مسيحية في حلب
والاخطر ان بيانين الاول موجه الى المسيحيين عامة والاخر الى الارمن انتشرا على مواقع الانترنت وفيها لغة التهديد والوعيد
كل هذه الامور خلقت حالة من الكابة عند المسيحيين
ثانيا
حتى قبل اشهر لم يكن يخطر على بال المسيحيين ان الهجرة هي الحل
ولكن بعد ان اشتدت حالة الخطر اصبحت الهجرة هي الحديث الاهم بين الناس
وفعلا عادت نغمة السويد وهولندا واميركا وكندا واي بلد يساعد على الهجرة تتكرر على افواه المسيحيين
وبدات موجات من العائلات تغادر الى لبنان استعدادا للتوطين في بلد اخر عن طريق مؤسسات عالمية معروفة
انه سيناريو العراق يتكرر اليوم وبقوة والمسيحيون من كل الطوائف يخافون من المجهول ولهذا نرى
في منطقة الجزيرة السورية غادرة مئات العائلات , بعضها تنتظر في لبنان , وبعضها الاخر في تركيا , وكل هذا لتوفير الامان للابناء
فاذا تكرر سيناريو العراق وساهمت جهات من الخارج مثل الامم المتحدة والكنائس في اوروبا واميركا في هذا الامر
ستخسر سوريا لونا مهما من الوان الفسيفساء , وستكون كارثة للمسيحية في الشرق كله وفي سوريا بصورة خاصة
نرجو ان تهب الكنائس والحكومات من اجل ايقاف موجات الهجرة القسرية
فيعيش المسيحيون في سوريا بامان ويستقرون في وطنهم ويساهمون في بنائه واعادة الالفة الى مجتمعهم الذى يتغنى بالتعددية
ثالثا واخيرا
توقعاتنا ان يتضمن الارشاد الرسولي كل اهتمامات الكنائس منها
وحدة المسيحيين وابراز السمات التي تجمع بينهم منها :توحيد عيد الفصح , وعيد للشهداء المسيحيين , وتفعيل الحوار المسيحي _المسيحي في المنطقة
والحوار المسيحي _الاسلامي
واعطاء الاهمية البالغة لنشر رسالة المحبة والتعاون بينهم ,والتاكيد على ان الحضور المسيحي في الشرق هو مسؤولية اسلامية , وعلى الاخوة المسلمين
ان يدركوا بان المواطنة هي الطريق الوحيد ليضمن حقوق الجميع تحت سقف الوطن الواحد, وهذه المسؤولية هي اهم من مسؤولية السلطات والحكومات
ولا نكتفي بشجب واستنكار الهجرة بل ان تقوم الكنائس والمؤسسات التابعة لها والمهتمة
بالحضور المسيحي لوضع خطة عمل للحد من هجرة المسيحيين من المنطقة وسبل المحافظة على البقية الباقية
وربما المساهمة في مساعدة المسيحيين بمشاريع تربوية وثقافية واعلامية وبناء مساكن للشبيبة وغيرها من المشاريع تشجع على البقاء وتثبت شهادتهم في المجتمعات التي يعيشون فيها
وامر اخر وهو التاكيد على الحكومات العربية والاسلامية بتغيير المناهج المدرسية حيث توجد اشارات الى اضعاف دور المسيحيين
وابراز حضورهم ودورهم على انهم اصلاء ومن سكان البلاد قبل وبعد الاسلام
وادخال مواد مدرسية ضد العنف والاضطهاد والقمع والقتل على الهوية وغيرها
ومن المفيد مخاطبة الحكومات للحد من القمع والقتل
وفك اسر المساجين, ومنح مساحات اوسع للحريات العامة , وخاصة في مجال الاعلام
وجعل الديموقراطية دربا من دروب تحقيق المساواة والعدالة في المجتمع
ويكون احلال السلام والامن والاستقرار في كل بلدان الشرق الاوسط من اولويات الخيارات
واخيرا دعوة كل
الاطراف المتناحرة للجلوس الى طاولة المفاوضات ووضع ميثاق شرف من اجل سلام عادل يؤمن حياة المواطنين كافة
مع تمنياتني في ان تكون الزيارة موفقة وسبب بركة للمنطقة كلها