وأشار قداسة البابا إلى أن المدرسة لا تساعدهم فقط على تنمية ذكائهم، إنما تقدّم أيضا تنشئة متكاملة لجميع مكونات شخصيتهم، وأكد أنه باتباع تعليم القديس اغناطيوس، فإن العنصر الجوهري في المدرسة يكمن في تعلّم فضيلة سمو النفس أي التحلي بقلب كبير ومثل سامية، ورغبة إتمام أشياء عظيمة للإجابة على ما يطلبه الله منا، والإتمام الجيد للأعمال اليومية، والالتزامات، وبالتالي القيام بالأشياء اليومية الصغيرة بقلب كبير منفتح على الله والآخرين. وشدد الأب الأقدس هكذا على ضرورة الاهتمام بالتنشئة الإنسانية الهادفة إلى سمو النفس، وأشار إلى أن المدارس اليسوعية تهتم بتنمية الفضائل الإنسانية: النزاهة؛ الاحترام؛ الأمانة والالتزام، مسلطا الضوء بنوع خاص على قيمتين جوهريتين: الحرية والخدمة.
وبهذا الصدد، أكد البابا أن الحرية تعني التفكير بما نفعل، والقدرة على التمييز بين الخير والشر، واختيار الخير دائما، ودعا التلامذة لعدم الخوف من السير بعكس التيار، حتى وإن لم يكن الأمر سهلا. وتوقف الأب الأقدس بعدها عند الكلمة الثانية: الخدمة. إنكم تشاركون في نشاطات عديدة في مدارسكم تساعدكم على عدم الانغلاق على ذاتكم، أو في عالمكم الصغير، بل الانفتاح على الآخرين لاسيما الفقراء والمعوزين، والعمل لتحسين العالم الذي نعيش فيه. وبالتالي حث البابا الجميع على أن يكونوا أبطالا حقيقيين في خدمة الآخرين، وشدد على أهمية التنشئة الروحية ومحبة يسوع المسيح أكثر فأكثر، ولفت إلى أن حياتنا جواب على دعوته، وسيكونون فرحين وسيبنون حياتهم، إذا أدركوا الإجابة على هذه الدعوة، وأضاف: اشعروا بحضور الرب في حياتكم، فهو قريب من كل واحد منكم كرفيق وصديق، ويعرف مساعدتكم ويشجعّكم في الأوقات الصعبة، ولا يترككم أبدا. وستكتشفون في الصلاة والحوار معه وقراءة الكتاب المقدس أنه قريب منكم حقا. تعلّموا أيضا قراءة علامات الله في حياتكم. فهو يكلّمنا دائما، حتى من خلال أحداث كل يوم من أيام حياتنا، ويتوقف علينا الإصغاء إليه.
وتوجه البابا فرنسيس بعدها إلى اليسوعيين والمربين والمعلمين والعاملين والأهلين: تشجعوا لمواجهة المصاعب التي يطرحها التحدي التربوي. فالتربية تقتضي خروجا من الذات لتكونوا وسط الشباب وترافقونهم في مراحل نموهم وتقفون إلى جانبهم. وأشار الأب القدس إلى أن المربي ينقل المعارف والقيم بكلامه، لكنه يكون أكثر قوة عندما يجمع بين الكلمة وشهادة الحياة الحقيقية، كما وأكد أن التعاون بروح اتحاد بين مختلف المكونات التربوية لهو ضروري وينبغي تشجيعه. وأشار قداسة البابا إلى أن باستطاعة المدرسة، لا بل عليها، أن تكون مكان لقاء مع هدف التنشئة والمساعدة للنمو كأشخاص ناضجين، متواضعين، أكفياء ونزيهين، يحبون بأمانة، ويعيشون الحياة كإجابة على دعوة الله، والمهنة المستقبلية كخدمة للمجتمع. ودعا الحبر الأعظم اليسوعيين لتعزيز التزامهم في العمل التربوي، وأشار إلى أن المدارس وسيلة ثمينة للإسهام في مسيرة الكنيسة والمجتمع بأسره، وشجعهم على البحث عن أشكال جديدة من التربية بحسب “احتياجات الأماكن، الأزمنة والأشخاص”، وفي الختام، أوكل البابا فرنسيس الجميع لشفاعة أمنا مريم العذراء.