أبتِ الأقدس 
سلام المسيح يسوع في قلبك 
كشابةٍ مسيحية علمانية من كنيسة العراق تعيش في مهجر الولايات المتحدة الاميركية .آثرتُ أن أكتب لك بعض الكلمات تعبيراً عن محبتي و محبة شبابٍ و شاباتٍ كُثر من شرقنا المسيحي المتألم . 
إبتهجت نفوسنا بإعلان الكاردينال خورخي ماريو برغوليو أباً أقدس للكنيسة الكاثوليكية في العالم بتاريخ 13-3-2013 و أتخذ البابا الجديد إسم فرنسيس . و منذ ذلك اليوم ، دخلت قلوبنا بلا استئذان بإنحائة صلاة طلبتَ منا أن نقوم بها من أجلك . دخلت قلوبنا و أنت تعلم إننا أبناء و بنات يوحنا بولس الثاني و تلاميذ و تلميذات بندكتس السادس عشر و بين القلب و العقل ، ملكتَ فينا شيئا آخر . اذ ببساطتك و تواضعك تسللتَ الى أعماق "طفولتنا الروحية" و أوعزتَ لها للإفاقة من غفوتها في عالم الكِبر . حيث الأيام تخطو بنا سريعاً في ركبها ، و إمتحانات الحياة تطرح علينا أسئلة إجبارية علينا الاجابة عليها ، و تقولبنا في نمط عيش ننسَى فيه في بعض أو الكثير من الاحيان بساطة الانجيل . 
فجئتَ يا " خورخي " جورج –فارساً من فرسان الكنيسة تحمل كلمة الانجيل ترساً ، متشبعاً بروحانية أغناطية – يسوعية – ، محباً لمار شربل القديس المشرقي ، أخترت لحفل تنصيبك أن يكون في يوم عيد القديس يوسف "مدبر العائلة المقدسة و شفيع العوائل" ، متخذاً لك أسم القديس فرنسيس منهجَ حبريةٍ و عمل. و ما خفي من الروحانيات كان أعظم!!!! ، جئت مرتدياً ( حذائك القديم الذي كنتَ قد أصلحته قبل المجئ الى روما !!!!! ) و رفضتَ تغيره !!! و بقيتَ بالبنطلون الأسود !!! لتذكرنا إن البابا هو كاهن قبل أي شيء آخر . 
مئة يوم كانت حافلة بالأحداث و اللقاءات و الأخبار اليومية التي تصلنا بصورة متلاحقة بوجود جميع وسائل الاتصال و التواصل الاجتماعي . فمع الآي فون و وجود تطبيقات مثل The pope App نستطيع أن تكون في قلب الحدث بثانية واحدة و موقع الكاميرا يجعلنا في سيارة البابا شخصياً !!!!! . مئة يوم مرت علينا مسكونية الطابع حافلة باللقاءات مع أخوتنا من الارثدوكس و البروتستانت ، مئة يوم كلها نشاط و حيوية و حماس لرسالة الإنجيل لنشمر السواعد بالصلاة و العمل الذي لم يتوقف أبداً، لكن جائتهُ جرعة روحية مضاعفة مشبعة بالبساطة و روح الحكمة و التواضع . مئة يومٍ ترك حفل التنصيب فيها أثراً بحضور شخصيات لم تزر روما قبلاً. فما الذي رأون حتى جعلهم يتخذون خطوة كهذه ؟؟!! 
و بمرور الأيام بدأنا نكتشف سر هذا الحب الذي تسربل الى اعماقنا ألا و هو " محياك الذي يطفحُ فرحاً " و إبتسامتكَ الخلابة لا بل ضحكتك الصادرة من القلب بلا تكلف أو دبلوماسية، يداك الي تمتد مصافحة كل من يريد ، نزلوك من السيارة لتبارك المرضى و ذوي الاحتياجات الخاصة ، توقفك عدة مرات و مرات لتقبيل الاطفال الصغار الذي جاءوك مرة بمسبحة ، او صورة و حتى برسالة صغيرة مكتوبة بالحبر و معانيها صادرة من العين و القلب . في مئة يوم أصبح البابا اقرب . أنه قـُرب من الوجدان و لكل شعور بالألم ، فالبابا فرنيسيس و روحانية التواضع التي يحيى بها لم يتوانى عن تقبيل يد المونسنيور روفائيل قطيمي الشهيد الحي من مجزرة كاتدرائية سيدة النجاة في بغداد 2010 ، مما أدهش المونسينور الذي بكى و هو يحتضنه . و هل يوجد تضامن في الوجدان و المشاعر و تواضع أجمل من هذا ؟!!!! .تحب أن تزور العراق و هو في ظروف حالكة و تقول لأبينا البطريرك مار لويس الأول ساكو الذي طلب منك الصلاة و الدعم الروحي و المعنوي : "إنّها فكرة جميلة أن أزور أور مدينة ابراهيم أبي الإيمان!". أما الناطقين باللغة العربية فأحبوا هذا الجزء الذي تخصهم به من كلمات و ان كانت صغيرة لكنها معبرة ، و قدَرَ الأرمن لك تضامنك مع مذابحهم حين أعلنت عنه بصراحة و شجاعة . ونحن اذ نتابع هذه السلوكيات المسيحية ،نتسائل بيننا و بين أنفسنا : أين أنا مما يجسده الأب الأقدس من حنوٍ على الآخرين ؟؟ أوليس عليّ و من واجبي تجاه " معموديتي و مسيحيتي " أن أعمل مراجعة حياة ؟ . أو ليس من واجبي أن اقترب أكثر من اخوتي في الانسانية ، أن أفكر في كل "لقمة " قبل أن القي بها القمامة ، أن أتصرف بشجاعة و عزم ضد الألم و من يسببه لأخوة يسوع الصغار ؟؟!!! و نكون شبيبة من " نورٍ و نار" ؟ 
في الختام و أنا أكتب هذه السطور ، أستوقفتني كمية علامات " التعجب " التي وردت في هذا المقال . فلا " عجباً " إن " تعجبنا " من البابا فرنسيس !! فهذه الأيام المئة التي عشناها معه " بدهشة ٍ ممزوجة بالفرح " من تعامله معنا، ما هي في الحقيقة الا " دهشةً من مقدرته على عيش الإنجيل بحذافيره" . 
فشكرا لك أيها الأب الأقدس .. بابا فرانشيسكو  
إبنتكم 
وسن ( كرستينا) وارتان 
ولاية مشيكان الأميركية 

-