مشت خطاك في ربى لبنان وباركتها أيتها الأم الحنونة، لقلبك كرسنا بلدنا فاحفظيه تحت جناحيك…جال تمثال العذراء مريم أم النور على عدد كبير من المناطق اللبنانية على مدى 40 يومًا في جو من الصلاة والفرح، وكان الأهالي يستقبلونه بالأرز والزغاريد مهللين لأم يسوع التي أتت اليهم على مثال اليصابات التي قالت “من أين لي أن تأتي أم ربي إلي”. ما كانت هذه إلا زيارة من مريم الى أولادها الذين أرادوا تكريس بلدهم لقلبها الطاهر فتقيه شر الحروب والمعاناة والآلام، وعاد التمثال بعدها الى بازيليك سيدة لبنان حريصا.
ترأس البطريرك الراعي القداس يوم الأحد 16 يونيو في بازيليك سيدة لبنان واحتفل خلاله بعودة تمثال أم النور الى مقامها، وتدشين بازيليك سيدة لبنان، وتكريس لبنان لقلب مريم الطاهر. شارك في القداس لفيف من بطاركة الشرق الكاثوليك، والسفير البابوي غابرييل كاتشا ورئيس الجمهورية ميشال سليمان وعدد من النواب والوزراء الى جانب أخويات وحركات مسيحية في لبنان.
في بداية القداس مسح البطريرك الراعي الجدران والأبواب بالميرون المقدس ومن ثم ألقى الأب خليل علوان كلمة شدد بها على أنه ولكثرة تعلق اللبنانيين بمريم العذراء أطلقوا على المزار اسم سيدة لبنان وسأل العذراء أن تسهر على لبنان وتحميه. كذلك ذكّر بما قاله البابا بندكتس السادس عشر في زيارته الى لبنان: “اننا نوجه انظارنا الان الى مريم سيدة لبنان التي حولها يلتقي المسلمون والمسيحيون.”
هذا وبعد تلاوة الإنجيل المقدس ألقى البطريرك الراعي عظة أشار خلالها الى تواضع العذراء التي سلمت نفسها للرب، كما عبر عن فرحه بإعادة تدشين البازيليك شارحًا رموز هيكلها فقال: “هي تحمل في هيكليتها رمزين، الأول: رمز الأرزة المرتفعة نحو السماء، وقد تحققت في مريم كلمة الكتاب المقدس: “إرتفعت كالأرز في لبنان” (إبن سيراخ 24: 13)؛ والثاني: رمز السفينة أي الكنيسة والوطن اللذين تقودهما مريم سيدة لبنان، بنعمة ابنها الإلهي يسوع المسيح، لتعبر بهما وسط أمواج الشر ورياحه إلى الشاطئ الأمين”. شدد الراعي في عظته على أن مريم هي الوحيدة التي يمكنها انقاذ لبنان من شر المآسي ومن “أمواج الأزمات السياسية”: “من لا يعرف أنه عندما كرس الطوباوي البابا يوحنا بولس الثاني في 25 آذار 1984 العالم لقلب مريم الطاهر، مع ذكر خاص لروسيا، وهي التي كانت قد طلبت هذا التكريس في ظهورها في بلدة فاتيما بالبرتغال، في 13 تموز 1917، كيف سقط جدار برلين بعد خمس سنوات (سنة 1989) وكيف، في 8 كانون الأول 1991، عيد سلطانة الحبل بلا دنس، حل البرلمان الروسي نفسه وانهار الاتحاد السوفياتي وتفككت جمهورياته.”
أضاف الراعي أن تكريس لبنان لقلب مريم الطاهر هو مطلب مسيحي إسلامي وقال أن مريم أتت الى لبنان مع يسوع ذاكرًا تنقلاتهما في صيدا وصور ومعجزة قانا، ومغارة المنطرة في مغدوشة (حيث انتظرت مريم ابنها يسوع حين جال مبشّرًا في المناطق)…كذلك شدد على أنه واجب علينا أن نكرس لبنان لقلب مريم فهي الأم والشفيعة لتحارب الفساد الأخلاقي المتفشي أينما كان…
بعد العظة مسح الراعي المذبح الجديد بالميرون المقدس وفي الختام تلا السفير البابوي رسالة البابا فرنسيس التي نقل فيها تحياته الى اللبنانيين وأرسل بركته للبازيليك وللمحتفلين…ومن ثم تلا البطاركة والحاضرون صلاة خلاص النفوس وحماية لبنان وتكريسه لقلب مريم الطاهر وجالوا بالتمثال مرة أخيرة قبل أن يعود الى مكانه الدائم.