أطل قداسة البابا فرنسيس ظهر الأحد من نافذة مكتبه الخاص بالفاتيكان ليتلو صلاة التبشير الملائكي مع حشد من المؤمنين والحجاج غصت بهم ساحة القديس بطرس، واستهل كلمته بالقول: احتفلنا الخميس الفائت بعيد جسد الرب الذي يُحتفل به في إيطاليا وبلدان أخرى هذا الأحد. إنه عيد الافخارستيا، سر جسد المسيح ودمه. وفي إشارة إلى معجزة الخبز بحسب إنجيل القديس لوقا، أضاف الأب الأقدس يقول: أود الإشارة إلى ناحية تستوقفني دائما. لقد أخذ النهار يميل، وقلق يسوع على الجمع الذي معه منذ ساعات طويلة: إنهم بالآلاف وجائعون. ما العمل؟ كما أن الرسل نفسهم طرحوا المشكلة، وقالوا ليسوع "أصرِف الجمع"، ليذهبوا إلى القرى والمزارع المجاورة فيجدوا لهم طعاما"، فقال لهم "أعطوهم أنتم ما يأكلون"، فقالوا "لا يزيدُ ما عندنا على خمسة أرغفة وسمكتين".

ومضى البابا فرنسيس قائلا: إن يسوع يعلم جيدا ما يجب فعله، ولكنه يريد أن يعلِّم تلاميذه. فإن تصرّفهم هو تصرف إنساني يبحث عن الحل الأكثر واقعية، الذي لا يسبب مشاكل كثيرة: أَصِرف الجمع، ليُدبّر كل واحد أمره. لقد فعلت الكثير من أجلهم: علّمت وشفيت المرضى... وأكد الأب الأقدس أن تصرُّف يسوع مختلف جدا، وهو مستوحى من اتحاده مع الآب ومن الرحمة، رأفة يسوع إزاء الجميع: فيسوع يشعر بمشاكلنا وضعفنا، ويعرف حاجاتنا. وتابع الحبر الأعظم قائلا: أمام الأرغفة الخمسة، فكّر يسوع: إنها العناية الإلهية! فمن هذا القليل، باستطاعة الله توفير ما هو ضروري للجميع. يتكّل يسوع بالكامل على الآب السماوي، يعرف أنه يستطيع كل شيء، ولهذا يقول للرسل "أقعدوهم فئة فئة، في كل واحدة منها نحو الخمسين"، ما يعني أنهم ليسوا بعد الآن جمعًا، بل جماعة تتغذى من خبز الله. ومن ثم أخذ الأرغفة الخمسة والسمكتين، ورفعَ عينيَه نحو السماء، ثم باركها وكسرها وجعلَ يناولُها تلاميذَه ليقدِّموها للجمع. ها هي المعجزة: أكثر من تكثير هي مشاركة ينعشها الإيمان والصلاة.

وتابع البابا فرنسيس كلمته قائلا: رأى الرسل ولكنهم لم يفهموا الرسالة جيدا. فرحوا كالجمع بالنجاح. مرة جديدة تبعوا المنطق البشري، وليس منطق الله، أي الخدمة، المحبة والإيمان. يدعونا عيد جسد الرب للإيمان بالعناية الإلهية وتقاسم القليل الذي نملكه وعدم الانغلاق على ذاتنا. لنرفع الصلاة لمريم أمنا كي تساعدنا فنبتع حقا يسوع الذي نعبده في الافخارستيا.

بعد صلاة التبشير الملائكي وجه قداسة البابا فرنسيس نداء عبّر فيه عن قلقه العميق إزاء استمرار النزاع منذ أكثر من عامين في سورية، والذي يصيب خصوصا السكان العزّل التائقين للسلام في العدالة والتفاهم. وأضاف الحبر الأعظم أن هذه الحرب تحمل معها تبعات مأساوية: موت، دمار، أضرار اقتصادية وبيئية جمة، واختطاف الأشخاص. وأكد البابا صلاته وتضامنه مع المخطوفين وعائلاتهم وأضاف: أُناشد إنسانية الخاطفين كي يفرجوا عن الضحايا. لنرفع الصلاة دائما من أجل سورية العزيزة.

وتابع الأب الأقدس قائلا: هناك نزاعات عديدة في عالم اليوم، ولكن هناك أيضا علامات رجاء كثيرة. أشجّع الخطوات الأخيرة المحققة في بلدان عدة في أمريكا اللاتينية نحو المصالحة والسلام. وأرافقها بالصلاة.