بماذا نفكر عندما نسمع كلمة هيكل؟ نفكر بمبنى أو ببناء. وبشكل خاص يعود العديد في أذهانهم إلى تاريخ شعب الله الذي يُخبر عنه العهد القديم. ففي أورشليم، كان هيكل سليمان العظيم مكان اللقاء بالله في الصلاة، وفي داخل الهيكل نجد تابوت العهد علامة حضور الله في وسط الشعب، وفي التابوت نجد لوحي الشريعة، والمنَّ وعصا هارون التي أفرخت: كعلامة لحضور الله الدائم في تاريخ شعبه، فقد رافق مسيرته وقاد خطواته.
تابع البابا فرنسيس يقول: ما كان يمثله الهيكل القديم تحقق بقوة الروح القدس في الكنيسة: فالكنيسة هي "مسكن الله"، مكان حضوره، حيث نجد الرب ونلقاه، الكنيسة هي الهيكل الذي يقيم في الروح القدس الذي ينعشها يقودها ويعضدها. وأضاف البابا يقول: لقد بُني الهيكل القديم بواسطة أيدي البشر: لقد أرادوا أن يعطوا مسكنًا لله، ليكون لديهم علامة مرئيّة لحضوره وسط شعبه. أما بتجسّد ابن الله فتتمّ نبوءة ناتان النبي للملك داود (راجع 2 صم 7، 1- 29): إذ ليس الملك ولسنا نحن من نعطي مسكنًا لله، وإنما هو الله نفسه الذي يبني مسكنه ويأتي ليقيم بيننا كما يكتب القديس يوحنا في بداية إنجيله (راجع يو 1، 14). المسيح هو هيكل الآب الحي، وهو يبني "مسكنه الروحي" أي الكنيسة، المبنيّة بـ "حجارة حيّة" أي نحن كما يكتب القديس بولس الرسول إلى مسيحيي أفسس: لقد "بُنيتُم على أَساسِ الرُّسُلِ والأَنبِياء، وحَجَرُ الزَّاوِيَةِ هو المسيحُ يسوعُ نَفْسُه. فيه يُحكَمُ البِناءُ كُلُّه وَيرتَفِعُ لِيَكونَ هَيكلاً مُقدَّسًا في الرَّبّ، وبِه أَنتُم أَيضًا تُبنَونَ معًا لِتَصيروا مَسكِنًا للهِ في الرُّوح" (أف 2، 20- 22). وأضاف الأب الأقدس يقول: نحن حجارة مسكن الله الحيّة، نتحد بالمسيح حجر الزاوية وببعضنا البعض.
تابع البابا فرنسيس تعليمه الأسبوعي بالقول: إنه الروح القدس الذي بمواهبه يرسم تنوع الكنيسة وغناها، ويوحد الكلَّ ويبني هيكلا روحيًّا لا نقدم فيه الذبائح، بل نقرّب أنفسنا وحياتنا (راجع 1 بط 2، 4- 5). فالكنيسة ليست شبكة أشياء ومصالح بل هيكل الروح القدس، الهيكل الذي يعمل الله فيه وحيث كلٌّ منا هو حجر حي بموهبة المعموديّة. أضاف الأب الأقدس: هذه دلالة أنه ما من أحد غير نافع في الكنيسة، ما من أحد ثانوي أو مجهول: جميعنا متساوون في نظر الله! جميعنا نكوّن ونبني الكنيسة، وهذا يدعونا للتفكير أيضًا أنه إن غاب حجر حياتنا المسيحيّة فقدت الكنيسة شيئًا من جمالها. لذا أود أن نتساءل معًا: كيف نعيش كوننا كنيسة؟ هل نحن حجارة حيّة أم حجارة تعبة، ضجِرة وغير مبالية؟ هل ننفتح على عمل الروح القدس لنكون جزءا نشيطًا في جماعاتنا أم ننغلق على أنفسنا ونقول: "لدي الكثير لأقوم به وهذا ليس واجبي؟"
وختم البابا فرنسيس تعليمه الأسبوعي بالقول ليعطنا الرب نعمته وقوته لنتّحد بعمق بالمسيح حجر الزاوية، الحجر الذي يعضد حياتنا وحياة الكنيسة بأسرها، ولنصلِّ لكي ما نكون دائمًا، بنفح روحه، حجارة حيّة في كنيسته.