في سرّ الصليب، قال البابا فرنسيس، نجد تاريخ الإنسان وتاريخ الله، واللذين يلخصهما آباء الكنيسة بالمقارنة بين شجرة معرفة الخير والشرّ في الجنة وشجرة الصليب: فالشجرة الأولى سببت لنا الشر أما الثانية فقد حملت لنا الخلاص والصحة وغفرت ذلك الشرّ الذي سببته الأولى. هذه هي مسيرة تاريخ الإنسان: مسيرة للقاء بيسوع المسيح المخلّص الذي يبذل حياته حبًا لنا. فالله في الواقع لم يرسل ابنه إلى العالم ليدينه بل ليخلصّه بواسطته، وشجرة الصليب هذه تخلصنا من تبعات الشجرة الأخرى حيث بدأ الكبرياء ورغبتنا في معرفة كل شيء بحسب مفهومنا ومقاييسنا. هذه هي قصة الإنسان بين شجرة وأخرى.
في الصليب نجد أيضًا تاريخ الله، تابع الأب الأقدس يقول، ويمكننا أن نتكلم عن تاريخ الله لأنه أراد أن يأخذ تاريخنا ويسير معنا فصار إنساناً وأخذ صورة العبد وأطاع حتى موت الصليب: لقد قام الله بهذه المسيرة حبًّا بنا وليس هناك من شرح آخر: وحده الحب يجعلنا قادرين على فعل أمر كهذا. واليوم ننظر إلى الصليب تاريخ الإنسان وتاريخ الله، لننظر إلى هذا الصليب حيث يمكننا أن نتذوق حلاوة تضحية يسوع المريرة، إنه سرّ كبير ولا يمكننا أن نفهم عمقه وحدنا، لأن هذا السرّ العظيم يمكننا أن نفهمه فقط إذا جثونا على ركبتينا للصلاة ومن خلال الدموع: فالدموع هي التي تقرّبنا من هذا السرّ وبدونها لا نتمكن أبدًا من فهم هذا السرّ، إنه بكاء التائب وبكاء الإخوة الذين ينظرون إلى المأساة البشرية من خلال يسوع.
وختم الأب الأقدس عظته بالقول: لندخل في هذا السرّ نحن بحاجة أيضًا ليد الأم، فلتساعدنا العذراء مريم لنشعر بعظمة واتضاع هذا السرّ ولترافقنا في هذه المسيرة التي على كل منا أن يسيرها.