“شعب لا يحترم أجداده، لا ذاكرة له وبالتالي لا مستقبل!” هذا ما أعلن عنه البابا فرنسيس اليوم عندما ألقى عظته الصباحية من دار القديسة مارتا مستوحيًا من قراءة سفر المكابيين الثاني (6: 18 – 31) الذي يتحدّث عن العازار الرجل الطاعن في السن الذي أبى أن يأكل لحم الخنزير واحتمل عذاب الضرب الأليم مسرورًا لأجل مخافة الله ومعطيًا شهادة برّ للشباب.
ركّز البابا على أنّ هذا الرجل الطاعن في السن قد اختار الموت برضى الله بدلاً من أن يخونه رافضًا موقف التظاهر مختارًا الإخلاص. لقد قضى هذا الرجل تاركًا موته قدوة شهامة وتذكار فضيلة لأمته بأسرها فضلاً عن الشبان بخصوصهم بحسب الآية الأخيرة من سفر المكابيين. ولاحظ البابا فرنسيس كم نعيش نحن اليوم في زمن يكثر فيه كبار السن الذين أورثونا الإيمان والشجاعة والنبل ونحن نتجاهل هذا الأمر. إنهم تمامًا مثل النبيذ الذي كلّما تعتّق طاب مذاقه أكثر ولكننا لا ندرك هذه القيمة الثمينة.
وفي هذا السياق، أخبر البابا فرنسيس عن قصة سمعها منذ كان طفلاً تدور حول أم وأب وأولاد كانوا يعيشون في منزل ومعهم يعيش الجد أيضًا. وكان هذا الأخير عندما يتناول الحساء معهم إلى الطاولة يصبح متّسخًا، فما كان على الأب إلاّ أن قام بصنع طاولة له خاصة ليتناول طعامه وحده منعزلاً من دون أن يسبّب لهم الازعاج. وفي يوم من الأيام، عندما كان الوالد عائدًا من عمله إلى المنزل، رأى ابنه يلعب بالخشب. فسأله: “ماذا تفعل؟” أجابه الولد: “أنا أصنع طاولة”. فسأله الوالد من جديد: “لماذا؟” قال له: “من أجلك يا أبي لكي تجلس إليها عندما تصبح مسنًا مثل جدي”.
وأضاف البابا فرنسيس كم تأثّر عندما سمع هذه القصة وعلم عندئذٍ كم إنّ الأجداد هم كنز بحق ومنهم نأخذ العبر وعلينا أن نقلّدهم بإيمانهم عندما عانوا الكثير في أيامهم: “إنّ شعبًا لا يحترم أجداده، لا يملك أي مستقبل بما أنّه فقد ذاكرته”.
واختتم العظة بالصلاة من أجل أجدادنا وجدّاتنا الذين سهروا على نقل الإيمان من جيل إلى آخر بالأخص في أيام الاضطهاد سائلاً أن نحظى بالنعمة لكي نكون رحماء في تعاملنا معهم بشفاعة الأجداد القديسين أمثال سمعان وحنة وألعازر وبأن نحمي ونصغي إلى أجدادنا ونعاملهم المعاملة الحسنة متعلّمين منهم الحكمة.