مونديال القداسة

ربما لأول مرّة في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية يوجه قداسة البابا، رسالة يشرح فيها عن معنى الحدث، حيث إعتبره «عيداً يحتفل بالتعاضد بين الشعوب…فرصة للحوار، للتفاهم وللمشاركة…»[1] معتبراً الرياضة، مدرسة سلام «تعلّمنا  بناء السلام»[2]. لذا فلنعلب « بروح الأخوّة الحقيقيّة»[3]، ولكن  هذه المرة على الطريقة “الكنسية”.

Share this Entry

 يشبه مونديال كرة القدم، مونديال التنافس في عيش القداسة، حيث جميعنا نشكل سويًاً فريقًاً واحداً، نلعب بإسم وطننا السماء، رايتنا الصليب، شعار بطولتنا محبّة الله والقريب. ملعبنا- حياتنا الكنسيّة والإجتماعية والأسريّة، المشجعون هم القديسون والشهداء والملائكة، كلّهم «في حفلة عيد» (عب12: 22) لأننا بمعونة شفاعتهم سنحظى بالنصر. مدربتنا هي عروسة المسيح،  يرأسها قداسة البابا المشرف المباشر على تدريبنا وإعدادنا للفوز. ولكي ننتصر وننال إكليل المجد المعد لنا منذ البدء (1كور9: 25؛ 2تم4: 9؛ 1بط5: 4؛ رو3: 11) علينا الإلتزام بتوجيهات المدرب، والتي تتضمن تطبيقًا صارمًا، لتوصيات الكتاب المقدس ورسالة فرح الإنجيل[4]  ولكلمته حول معنى المونديال[5]، نختصرها في إثنتي عشر وصية: 1)  أن نمتلك ذاكرة شاكرة وواعية ومنتبهة[6]؛  2) وأن نحذر الوقوع في شرك الأوهام التي تبثها وسائل الإعلام،  لئلا تنهار عزيمتنا فنخسر الكأس[7]؛ 3) علينا ألا نركن الى خطط بالية وهزيلة بل أن يكون لنا قدرة إبداع وطرق رعوية جديدة، تحقق لنا الفوز[8]؛ 4) فعندما يخطئ أحد منّا علينا عدم إقصائه عن أرض حياتنا أو نعامله كمعاملة دعاة «ثقافة النفاية»[9] ؛ 5) عدونا ليس الإنسان الذي من أجله جادَ يسوع بحياته «فليس صراعنا مع اللحم والدم، بل مع أصحاب الرئاسة والسلطان وولاة هذا العالم، عالم الظلمات، والأرواح الخبيثة في السموات» (أف6: 12) 6)، فلنستفد من ضربات الجزاء التي نحققها في أرضه، ولكن فلنحذر من تسللاته وعنفه… وألا نترك مرمى فريقنا وحيداً، بل فلنحمه بمالدافعين الأقوياء البواسل، والمهاجمين الإشداء… وأن يسعى كل واحد منّا إلى مساعدة الآخر، إنها روح الجماعة، نسكيّة العيش معاً في أخوّة نسكيّة فيها الشفاء الأكيد، تمكننا من العودة سريعاً الى أرض الملعب[10]؛ 7) مثالنا هو الجماعة الأولى قضيتنا واحدة ألا وهي التبشير بفرح الإنجيل ، code النجاح هو أن نملك«قلباً واحداً وروحاً واحدة» (أع 3: 32) ؛ 8) ولكي تزيد قوّتنا علينا ألا نلجأ إلى الافراط في الملذات الأرضية، لأنها ترهقنا وتتعبنا، بل بالحري علينا أن نمتلك رئة ثالثة تساعدنا في الجري والصمود طويلاً في أرض ملعب- الحياة، إنها رئة الصلاة[11] التي تزيدنا نشاطاً وخفّة (راجع، أف6: 14: 17) ؛ 9) ولا يغبنّ عن بالنا أن عدونا لا يهدأ فإنه كالأسد يتربص لإنتزاع سر نجاحنا ليسرق منا الجائزة الكبرى أي الحياة الأبدية (راجع، 1بط5: 8) وعلينا ألا نذعن لتهديداته لأن يسوع أعطانا سلطاناً نضحد به كلّ قوة العدو (راجع لو10: 19)؛ 10) فإذا شعرنا أننا نخسر علينا أن تمتلك هذا اليقين أن « الله قادر على أن يعمل في كل الظروف، وفي وسط الفشل  الظاهر، لأنّا “نحمل هذا الكنز في آنية خزفيّة“»[12].  11)، أجنحة الفريق وقلبه هم دوماً تحت مرمى الخصم… إن كل عضو كسلان لا يريد التكرّس لإنجاح الجماعة،  سيؤثر حتما في معنويات الفريق، فمن الصعب إذاً مع «هذه الذهنية أن نكون مرسلين…إنه لموقف يدمّر الذات…»[13]؛ 12) علينا التحرّر من ذهنية الإنهزام والإحباط، لأن قوّتنا لا تأتي منّا بل من رئيس حياتنا يسوع المسيح، قيامته حياته «تزخر بقوّة حياة إخترقت العالم»[14] وهذه الحياة، بإمكانها أن تخترق فرق العدو بسهولة محققة به الهدف تلو الآخر؛ وعند نزولنا الى ملعب- معترك الحياة- ولكي نحسن الفوز،علينا التحلي بـ «التمرين، الروح الرياضيّة الصادقة وإحترام المنافس»[15]  وتفعيل روح الجماعة، عبر تشجيع ودعم موهبة كل واحد منّا، على ما قسمه لنا الروح لبنيان الكنيسة (راجع، 1كور 12: 12- 30). 13) وعند الوقت المستقطع – مع أنه لا يدوم فترة طويلة- فلنسمع نصائح من سبقنا إلى الفوز،لأنها تمدنا بتطوير قدراتنا لتحقيقه. تنتهي المنافسة عند إنطلاق صفارة- بوق المجيء (رؤ11: 15) فإما أن نحظى بالدخول الى قاعة الإحتفال- العرس، أو لا سمح الله  نكون على مثال العذارى الجاهلات خارج حفل- العرس (راجع، لو 24: 1- 13).  

فلتبقِ أنظارنا شاخصة نحو الهدف، متحررين من روح الفردانية لأننا في شركتنا مع الله، والتحلي بمواهب الروح القدس، بإمكاننا أن نمرر الكرة- الفرص لكل واحد منا، بتنفيذ خطة المدرب  وعندما تتاح فرصة التسديد علينا ألا نتردد في تسديد الكرة  في المرمى ممزيقين الشباك، فلنتذكر أن البطلولة ثمرة قداسة الجماعة، لهذا فالقديس المرفوع على مذبح الكنسية هو ثمرة من ثمار نجاح الكنيسة.

وفي الختام، تحثنا لعبة كرة القدم، على أن نتأمل من جديد في طريقة عيش حياتنا، ولاسيّما على مستوى الحياة الجماعية والأسريّة، فالحياة تشبه هذا التنافس العالمي على المرتبة الأولى، هناك من قرر أن يكون الأوّل ولكن على طريقة يسوع (راجع،لو22: 24- 30 ) وهناك كالرجل الغني من قرر أن يكون الأول على طريقته الضيّقة (راجع، لو 16: 19- 31). فما اجمل أن نكون من فريق القديسين الأبطال!

ملاحظة:  هناك من يشاهدنا دوماً من على شاشات حياتنا.    

[1] – شعيب روبير (د)، ثلاث قيم نتعلمها من كرة القدم بحسب البابا فرنسيس، www.zenit.org، آخر تفحص الجمعة 13 حزيران 2014؛ س: 9:10 صباحاً.

[2] – المرجع ذاته.

[3] – تغريدة البابا على شبكة التواصل تويتر.

[4] – الرسالة الحبرية الأولى التي أصدرها قداسة البابا فرنسيس سنة 2013، تجدونها على موقع زينيت روما، أو www.vatican.vat

[5] – شعيب روبير (د)، ثلاث قيم نتعلمها من كرة القدم بحسب ا
لبابا فرنسيس
، www.zenit.org، آخر تفحص الجمعة 13 حزيران 2014؛ س: 9:10 صباحاً.

[6] – البابا فرنسيس، فرح الإنجيل، فقرة 13.

[7] – البابا فرنسيس، فرح الإنجيل، فقرة 52.

[8] – المرجع ذاته، فقرة 33.

[9] – المرجع ذاته، فقرة 48 و 53 .

[10] – البابا فرنسيس، فرح الإنجيل، فقرة 87 و 92.

[11] – المرجع عينه، فقرة  262.

[12] – البابا فرنسيس، فرح الإنجيل، فقرة 279.

[13] – المرجع ذاته، فقرة 275.

[14] – المرجع ذاته، فقرة 276.

[15] – شعيب روبير (د)، ثلاث قيم نتعلمها من كرة القدم بحسب البابا فرنسيس، www.zenit.org، آخر تفحص الجمعة 13 حزيران 2014؛ س: 9:10 صباحاً.

Share this Entry

الخوري جان بول الخوري

1

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير