“لو أنه كان ليَّ الإيمان الذي لكم أيها المسيحيون فما كنت أعطي لنفسي راحة ليلاً أو نهاراً دون أن أنادي للجميع بالعقيدة التي أؤمن بها و أعلن المسيح” هي عبارة لأحد الملحدين.
“الموتُ ولا العيشُ كنصف مسيحي” هي عبارة أخرى لقديس عتيد هو الطوباوي يعقوب الكبوشي.
ما قصة أنصاف المسيحيين هذه؟؟؟
إنها قصة كل نفس مترددة ، تعيش بلا مبدأ: تترنح بين قرار الإيمان و اللا إيمان، رمادية تخلو من الخوف و لا تملك الحب!! يصدق فيها تقيّؤ الرب على ما يقول في سفر الرؤيا: “هكذا لأنك فاتر، ولست باردا ولا حارا، أنا مزمع أن أتقيأك من فمي”!!
أنها قصة العديد من بيننا: يبقى الرب واحد من أدوات الزينة التي تساعد بتخريج (المظهر الجميل) الذي نبغيه محط إعجاب الجميع؛ و كالفريسي المتكبر نردد (اللَهمَ شكراً لك لأَنِّي لست كسائر الناس…) و عندما يأتي الإمتحان تدخل مسيحيتنا بزار المساومات: فالحلي تتبدل بحسب “الحاجة”!!!
مأساوي وضعنا حين يصبح صليبنا مجرد زينة، أو مجرد علامة نزايد في إبرازها (نكاية) بالآخر وننسى أن هذا الآخر ثمنه دم المسيح على الصليب ذاك!!!
محزنٌ حين نتباهى بالمصلوب و نحن لم نشعر ولم ندرك أن خطايانا هي المسامير في يديه…مثير للشفقة أن نجادل “دفاعاً عن الدين” و نحن ندين الآخرين ونصبح في ما تعلمنا إياه الكنيسة “إنتقائيين”…
لا مسيحية مع “أنصاف مسيحيين”!! هو الطوباوي يعقوب الكبوشي يعلنها!! هو من زرع تلالنا صلبان، و لكنه لم يتركها هناك بل أدخلها صميم حياته : مع المسيح صلب في صعوبات المحبة ومات عن العالم … دقَت على أرجله مسامير التعب وحلّت جميلة كأقدام المبشيرين بالسلام : لم يفرّق في عنايته بين طوائف و أديان و هو القائل :” طائفتي لبنان و المتألمون”… إنفطر قلبه وجُرح مثلما كان قلب المسيح مجروح على المتروكين في برية العالم الذي نسي و جه الطيبة!!
فيما يبشر كثيرون منا بصليب مسلح بقوة و منطق العالم : رمز لدفاع لا يحتاجه الرب ، ألقى الطوباوي الأب يعقوب النور على حقيقة الصليب كجسر تواصل: يصل أرضنا بالسماء و يصل الإنسان بأخيه الإنسان بالمنطق الإلهي للغفران… هناك يغلب الحب “فيعطينا الرب أن نجلس معه في عرشه، كما غلب هو أيضًا وجلس مع أبيه في عرشه، ومن له أذن فليسمع ما يقوله الروح “
(رؤ 3: 21- 22 )
يقول نشيد الأناشيد : “افتحي لي يا أختي يا حبيبتي، يا كاملتي، لأن رأسي امتلأ من الطل، وقصصي من ندى الليل ” (نش 5: 2) و ها هو الرب واقف على قلب كل منا يقرع فهل نتركه على قارعة طريق حياتنا و نتباهى أنه هناك؟؟؟ أم نفتح له و نحوّل حياتنا منارة ترشد الأنفس الهائمة في بحر العالم ؟؟؟