أيُّها الإخوةُ والأخواتُ الأعزاء، أبدأُ اليومَ سلسلةَ تعاليمٍ جديدةٍ حولَ الكنيسة، وهي تشبهُ ابنٍ يتحدَّثُ عن أمِّه وعائلته. إنَّ الكنيسةَ في الواقع ليست مؤسسةٌ لها غاياتِها الخاصة بل هي واقعٌ أوسعٌ ينفتحُ على البشريّة ولا يولد فجأة، من العدم. لقد أسَّسها يسوع ولكنها شعبٌ ذو تاريخٍ عريق. نجدُ هذا التاريخ في صفحات العهد القديم. فبحسب سفر التكوين، اختار الله إبراهيم، لكنَّه بهذه الدعوة لا يدعوه وحده كفردٍ وإنَّما يشمُلُ منذُ البدءِ عائلتَه وأهلَه؛ وبالتالي فالعنصرُ الأوَّل هو أنَّهُ بدءًا من إبراهيم أقام الله شعبًا ليحمِلَ بركته لكلِّ عائلاتِ الأرض. أمَّا العنصرُ الثاني فهو أن إبراهيمَ لم يَبنِ حولَه شعبًا وإنما الله هو الذي منحَ حياةً لهذا الشعب. لقد سمِعَ إبراهيمُ وأهله دعوةَ اللهِ وانطلقوا في المسيرة ولكن هذا لا يعني أنَّهم كانوا دائمًا مقتنعين وأمناء... في الواقع، ومنذُ البدء، كان هناك من قِبَل الشَّعبِ مقاوماتٌ وانغلاقٌ على نفسه، لكنَّ الله لا يتعب، إنه صبورٌ ويُتابع، عبرَ الزمن، تربية وتنشئَةَ شعبِه، كأبٍ مع ابنه. وهذا هو الموقفُ عينُه الذي يُحافظ عليه تُجاه الكنيسة. أيُّها الأصدقاء الأعزاء، هذا هو مشروعُ الله: أن يقيم شعبًا مباركًا بمحبَّتِه يحمِلُ بركتَهُ لجميعِ شعوبِ الأرض. لنطلب إذًا نعمةَ البقاءِ أُمناءَ لإتباع الربِّ يسوع، جاهزينَ للانطلاق يوميًّا، على مثالِ إبراهيم، فنُصبِحَ بركةَ وعلامة محبة الله لجميعِ أبنائه.

جميع الحقوق محفوظة لدار النشر الرسولية