القارة الآسيوية في الألف الثالث هي عبارة عن فسيفساء من البلدان، تتواجد فيها الكنيسة الكاثوليكية كأقلية – في غالب الأحيان – وتعيش ضمن واقع مطبوع بتنوع الثقافات والأديان، ناهيك عن الصراعات والمشاكل الاجتماعية وصولا إلى حد التطرف الديني والعلمنة المفرطة. الجماعات الكاثوليكية في آسيا هي أقليات من حيث العدد باستثناء بلدين هما الفيليبين وتيمور الشرقية. ويعود الفضل لوجود الكنيسة في تلك البقاع إلى المرسلين اليسوعيين، في طليعتهم ماتيو ريتشي وفرنسيس كسافاريوس، خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر. ولهذا السبب بالذات ينظر العديد من الآسيويين إلى الكثلكة كـ”ديانة أجنبية”، مع أن وجود المسيحية في مختلف أنحاء القارة، لاسيما في الهند، يعود إلى القرون الأولى.
وإزاء هذا الواقع المعقد، وضع الأساقفة الكاثوليك الآسيويون نصب أعينهم أهدافا ثلاثة: الحوار بين الأديان، الانثقاف والاعتناء بالفقراء. وقد أضيف مؤخرا تحد رابع إلى هذه التحديات الثلاثة، ألا وهو العلمنة – التي تسهلها ظاهرة العولمة – التي تعني اليوم بلدانا تجذر فيها التقليد الكاثوليكي شأن الفيليبين. وبالتالي فقد دقت في آسيا أيضا ساعة الكرازة الجديدة بالإنجيل. في هذا السياق نضجت فكرة تنظيم أيام الشبيبة الآسيوية منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي، على غرار الأيام العالمية للشبيبة التي شاءها البابا الراحل يوحنا بولس الثاني.
وقد أطلقت هذه المبادرة خلال اليوم العالمي للشباب في شستوكوفا ببولندا في العام 1991، عندما عبرت وفود تمثل ثلاثين بلدا آسيويا عن رغبتها في تنفيذ مبادرة مماثلة على صعيد اتحاد المجالس الأسقفية الآسيوية، وتنظيم حدث خاص للشباب في القارة الآسيوية. وفي العام 1994 تم إنشاء “قسم الشبيبة” داخل المكتب المعني بشؤون العلمانيين والعائلات لدى اتحاد المجالس الأسقفية الآسيوية. وقد أطلق هذا القسم منذ إنشاءه سلسلة من المبادرات الهامة، من بينها تجمّع الشبيبة الآسيوية على هامش الأيام العالمية للشباب. وبعد خمس سنوات، أي في العام 1999 أبصر النورَ اليوم الأول للشبيبة الآسيوية في هوا هين بتايلاند.
يُنظم هذا الحدث الكنسي – الذي يستغرق ثلاثة أيام – مرة كل سنتين أو ثلاث سنوات، وتتخلله لقاءات تحمل طبعا روحيا وثقافيا. وبعد تايلاند، نُظم الحدث مجددا في تايباي بتايوان عام 2001 ثم في بنغالور بالهند عام 2003، فهونغ كونغ عام 2006 ثم مانيلا بالفيليبين عام 2009 حيث شهد يوم الشبيبة الآسيوية في نسخته الخامسة مشاركة أكثر من ألفي شاب قدموا من اثنين وعشرين بلدا آسيويا. وكان من المرتقب أن يُنظم يوم الشبيبة الآسيوية عام 2011 في إندونيسيا أو في كوريا، لكن تم إرجاؤه بسبب تضاربه مع اليوم العالمي السادس والعشرين للشباب الذي جرى في شهر آب أغسطس من ذلك العام في العاصمة الإسبانية مدريد.
أما يوم الشبيبة الآسيوية في نسخته السادسة فسينظم هذا العام في كوريا، بحضور البابا فرنسيس ويستغرق خمسة أيام، إذ يبدأ في الثالث عشر من الجاري ليُختتم في السابع عشر منه. يُفتتح اللقاء يوم الأربعاء المقبل بقداس إلهي يُحتفل به في معبد سولومو، وهي المنطقة التي وُلد فيها أندريا كيم داي يونغ، أول كاهن كوري، وحيث سيكون للبابا فرنسيس لقاء مع شبيبة آسيا في الخامس عشر من الجاري.