السلطة التعليميّة في الكنيسة مقياس للتصرّف المسيحيّ: سلطانها في مسائل الإيمان

الإيمان ، يجبُ أن يُعبّر عنه ، لإنه بدون التعبير يبقى الإيمانُ غامضا . لكنّ هذا التعبير ، قبل أن يكون تعبير الشخص المؤمن ، هو أوّلا تعبير الجماعة المؤمنة – أي الكنيسة . فالإنسان يولد في كنيسة مؤمنة قد سبقته في الإيمان . والكنيسة منذ زمن الرسل ، قد أعلنت إيمانها في تعابير استقتها من أقوال المسيح ، وأقوال الرسل الذين عاشوا معه وآمنو به . وقد تطوّرت تلك التعابير إلى أن صاغها آباء الكنيسة الآولى وأعلنتها المجامع المسكونيّة في عقائد إيمانيّة

Share this Entry

الكنيسة لا تعملُ بمزاجيّة منفردة ، ولا تقرّر بإنفعاليّة … الكنيسة تستمدّ سلطانها من سلطة الرسل التعليميّة. وهذه ، كما يدلّ عليها اسمها ، ترتكز على رسالة . فالرسل وخلفاؤهم لا يمارسون سلطانهم باسمهم الخاصّ ، إنّما سلطانهم ، هو بالحريّ ، سلطانُ مرسَلين ، عليهم أن ينقلوا رسالة باسم الذي أرسلهم . فصاحبُ السلطان في الكنيسة هو يسوع المسيح ، ويبقى كذلك ، وهو حاضرٌ ، بروحه في الكنيسة .

لكن ، ما هي الرسالة التي يتوجّب على الكنيسة أن تسلّمها ؟  

بشارةُ الإيمان. ولذلك تنطبق صلاحيّة الوظيفة الكنسيّة ، قبل كلّ شيء ، على مسائل الإيمان . فمهمّتها الخاصّة والأصليّة ، هي نقلُ الإيمان والمحافظة عليه. فمنذ أوائل الكنيسة ، تبيّن أنه من الضروريّ أن يكون في الجماعات سلطةٌ يستطيع المؤمنون أن يركنوا إليها . وقدظهرت هذه السلطة ، في جماعات العهد الجديد ، ليس فقط في أنّها كانت تشهدُ للإيمان بسلطان مطلق ، بل أيضا بأنّها كانت توضّح الإلتباسات وتحذّر من الأخطاء . فبمهمّة الشهادة للإيمان ترتبطُ ، ضرورة ً ، مهمّة تحديد الصواب من الخطأ

لكن ، الطريقة التي كانت السلطة الكنسيّة تمارس بها وظيفتها منذ أوائل المسيحيّة ، فهذا يتبيّن من مهمّتين كانت تقول بهما : فمن جهة يتوجّب عليها ، انطلاقا من مهمّتها النبويّة ، أن تنقل ، على مدى التاريخ ، بشارة الإيمان ، كما يتضمّنها الوحي . ولا وجود لأيّ ضمان بنجاح هذه المهمّة نجاحًا كاملا ؛ فالمرسلون ، بصفة كونهم بشرًا ، هم محدودون . وكذلك الذين تتوجّه إليهم البشارة . ومن جهة ثانية للسلطة التعليميّة الكنسيّة ، مهمّة وضع ” تحديدات ” لمنع تحريف الإنجيل . وفي هذه المهمّة يتعلّق الأمر بصحّة هويّة الكنيسة ، التي وُعدت بأنّها ستظلّ في الحقيقة حتى انقضاء الدهر (متى 28 : 20 ) . ومؤازرة الروح القدس هي التي تضمن للكنيسة بقاءها في الحقيقة

في هذا الإطار ، تحتلّ موهبة العصمة مكانها اللاهوتيّ الخاصّ . فالكنيسة لا تملك ضمانة التعبير الأفضل عن الإيمان ، في كلّ زمن تتكلّم فيه ؛ ولكنّها تملكُ ضمانة العصمة ، عندما يتعلّق الأمرُ ، بشكل مُلزِم ونهائيّ، بصحّة أمور الإيمان وبتحديد العقيدة ضدّ الأخطاء . فتعابيرُ الإيمان ، التي تعلنها سلطة الكنيسة التعليميّة بشكل ملزم ونهائيّ ، ليس صحيحة لإنّ السلطة التعليميّة تصرّح بها ، بل هي صحيحة لإنّ مضمونها هو مطابق للحقيقة. فالسلطة التعليميّة تصرّح بشكل ملزم بإنّ مضمونها هو صحيح .

Share this Entry

عدي توما

1

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير