إنتهى العرس الروحي في ديترويت ( تمت السيامة الاسقفية للأب فرانك ) مار فرنسيس قلابات مطراناً على ابرشية مار توما الرسول في اميركا ، وسط الفرحة و الابتهاج و زيارة غبطة أبينا البطريرك و الاساقفة الاجلاء .انتهى العرس ، حزم أهل العريس حقائبهم و رحلوا .لكن أصواتهم بقيت تصدح في ارجاء الابرشية ، لتحكى حكاية لقاء بين آباء ببناتهم و أبنائهم … قصة طويلة هي ، تمتد فروعها في الولايات المتحدة لتستقر جذورها العميقة في أرض العراق ، قصة طويلة اختلطت فيها مشاعر الحنين بالذكريات ، بعد أن مضت بنا الاعوام تشدنا بين حياةِ و حياة ، ما كنا عليه و ما اصبحنا فيه و هنا تحضرني كلمات الاغنية الشهيرة :Memory من المسرحية البريطانية الشهيرة CatsMemory , turn your face to the moonlightLet your memory lead youOpen up , enter inIf you find there the meaning of what happiness isThen a new life will begin تقابلت وجوهنا مع وجوهكم ، التي كانت و لا تزال مطبوعة في قلوبنا ، لتقاسيم مُحيى تغير بفعل الزمن لكن قوة الروح لا تزال تسكنه ،لأصواتٍ لطالمنا علمتنا ، ثقفتنا ، صلت معنا و لأجلنا ، لسنوات طوال عشناها في كنف الكثير منكم ، مذ كنتم ( كهنة ) و اليوم تكحلت عيوننا برؤياكم (اساقفة و بطريركاً) و أخص بالذكر سيدنا يوسف توما الدومنيكي رئيس أساقفة كركوك و السليمانية ، و ( غبطة أبينا البطريرك مار لويس روفائيل الأول ساكو ) .فكان اللقاء ، و قدمنا فيه لأنفسنا كشف حساب ، ادركنا ، كم ان ثمن الغربة كان باهضاً ، دفعناه من أيامنا فراقاً لدفئ العائلة و كنيسة العراق ، و علمنا اننا قومٌ ( اي المغتربين ) نحترف الضحك على أنفسنا بحجة البحث عن سُبل جديدة للعيش و ننسى ان الرب يسوع وحده الطريق و الحق و الحياة .لتكن حياتنا متأرجحة بين نهار و ليل بين وطن و غربة .”وَكَانَ ٱلرَّبُّ يَسِيرُ أَمَامَهُمْ نَهَارًا فِي عَمُودِ سَحَابٍ لِيَهْدِيَهُمْ فِي ٱلطَّرِيقِ، وَلَيْلًا فِي عَمُودِ نَارٍ لِيُضِيءَ لَهُمْ. لِكَيْ يَمْشُوا نَهَارًا وَلَيْلًا” . (خر١٣: ٢١)و ها نحن بمجيئكم نغافل الزمن و نسرق منه سويعات لنوصل فيها واقعنا بالذكريات ،حيث يفتح الماضي قلبه لحاضرنا المجروح من آثار الغربة ليضمدها و يضمها ، فكل شخص منكم يختصر جزء من تاريخ الحياة الروحية لكل مغترب ، يجذبنا الحنين لهذا التاريخ و لا نستطيع له سبيلا .رغم ضعفنا حاولنا التماسك و اظهار القوة .. رغم آلمنا دسنا على جراحنا المكبوتة لانه لا يسعنا ان تشاهدوا الضعف في عيونناحبسنا دموعنا قسراً ، فقط لكي نشبع من رؤياكمفلا تستغربوا ان تحولقنا حولكم كما يقترب النحل من رحيق الزهر . و بحضوركم على مرفأ غربتنا ، كنتم الصيادين الذي دفعوا بالسفينه الى العمق ،لمعرفتكم اننا تعبنا الليل كله و لم نصطد شيئاً !!!! كنتم للبعض منا نجاراً على مثال معلمنا و ربنا يسوع المسيح له المجد ، نجاراً كسرَ باب سجنٍ ، قبعت فيه نفوسنا في ليلها المظلم ..لتخرج نحو فجرٍ جديدٍ . ( و اخص بهذه الكلمات غبطة ابينا البطريرك مار لويس ) .و حينما حان وقت رحيلكم كان لابد من بركة الوداع و آيه من الكتاب لتبقى زوادة لنا في الايام العجاف .و لهذا استوجب الشكر .. فشكراً لكمشكرا غبطة أبينا البطريرك مار لويس روفائيل الاول ساكو على كلماتك المشجعة و إن كنت ( بطلة ) فلا يسعني الا أن أستمد هذه البطولة من بطولتك المعهودة في قول الحق التي لا تخفى على كل عرفك في كنيسة العراق و التي طالما علمتنا اياها في مواجهة كل ما هو ضد ( روح الرب في الخدمة ) و كيف اننا كعلمانين علينا قول الحق و فحص الاخطاء في الكنيسة و انتقادها و عدم التهاون فيها حتى لو تطلب الامر مواجه الكاهن أو الأسقف !!!لأنه ، ” لا بد من كلمة “ في هذه الحياة . شكرا لك على روحك الطيبة البسيطة التي لم تتغير مذ كنت كاهناً، فبقيت غبطتك كما عرفناك وعهدناك (أبونا لويس) الذي لم تغيره المناصب ، بل زادتك السدة البطريركية روح فكاهة أكثر فأكثر ، تديرها بذكاء قل نظيره لتُخرج العبرة في الكلام من بسمات الاحاديث .شكرا لك سيادة المطران شليمون وردوني المعاون البطريركي ، على صلاتك و كلامك و سؤالك عن أحوالي ، فعند رؤيتك و كأنني رأيت كنيستي و منطقتي شارع فلسطين في بغداد و كنيسة مريم العذراء سيدتنا للقلب الاقدس للكلدان التي نشأت و ترعرعت فيها و أقتبلت قربانتي الأولى و عشت فيها اجمل سنين التنشئة مذ كنت في التاسعة من عمري .شكرا لك سيادة المطران يوسف توما الدومنيكي رئيس أساقفة كركوك و السليمانية معلمي الأول و أستاذي في اللاهوت يا من علمتني التساؤل و فحص الحقائق ، التشجيع و القوة و عيش حياتنا بالكفاح و صلابة المواقف . و اذكر كيف حملتم مجلة الفكر المسيحي برئاسة تحريرها في وسط الصعوبات لتنهضوا بمعرفتنا و ثقافتنا نحو النضج والعمق الروحي أكثر فأكثر و لا يسعني الا ان اتذكر معك ( ابونا نؤئيل السناطي الذي التقينا به قادماً من كندا ) . سيدنا يوسف ، لمثلك يليق ملئ الكهنوت ثوباً بزناره الارجواني و كالوته ِ يرصعهم الصليب و الخاتم .سيادة المطران مار ابراهيم ابراهيم ستبقى أباً لأبرشية مار توما الرسول في ديترويت التي لن تنسى لك كل ما فعلته لها ل 33 عاماً كما عمر المسيح الذي قدمه حياته من أجل كنيسته .. و الى منتهى الاعوام سيدنا .سيادة المطران مار فرنسيس قلابات راعي ابرشية مار توما الرسول ( الجديد ) نحن في انتظارك لتشمر الشبيبة سواعدها للعمل الرسولي .. نحن بإنتظارك لتسهر على رعيتك ، و ان سَهَرَ الراعي ، فهل سينام العلماني ؟؟!!!شكرا لكم و لماضينا و كني
ستنا كنيسة العراق التي انجبتنا و جعلت منكم آباء لنا قدموا الزوادة الروحية لننهض و نتقوى و نمضي من جديد .و في الختام اترككم مع هذه الكلمات للكاتبة الكبيرة احلام مستغانمى لتختصر شجوننا كمغتربين في سطور : ” كذلك الأشياء التي فقدناها . والأوطان التي غادرناها ، والأشخاص الذين اقتلعوا منا . غيابهم لا يعني اختفاءهم. إنهم يتحرّكون في أعصاب نهايات أطرافنا المبتورة. يعيشون فينا ، كما يعيش وطن.. كما تعيش امرأة.. كما يعيش صديق رحل . ولا أحد غيرنا يراهم. وفي الغربة يسكنوننا ولا يساكنوننا ، فيزداد صقيع أطرافنا ، وننفضح بهم برداً !”
رسالة محبة من مغتربة عراقية في اميركا
رسالة محبة من مغتربة عراقية في أميركا الى آباء السينودس الذين شرفونا بزياتهم … شكرا لكم.