كيف نكتشف الله في العالم المعاصر

بقلم المونسنيور لورنسو ليوتسي

Share this Entry

روما، الخميس 3 نوفمبر 2011 (ZENIT.org) – إنَّ الاقتراح الذي أعلنه قداسة البابا بندكتس السادس عشر بالشروع بنوع من “رواق الأمم”، الذي صرّح عنه خلال تقديم معايدته الميلاديّة للدبلوماسيين في حاضرة الفاتيكان في 21 كانون الأول 2009؛ إنّه من الممكن اعتباره  نوعٌ بعد النوع الأول “توسيع الآفاق العقلانيّة” وهو يكون بمثابة الثاني في السنين العشِرْ الأولى من الألفية الثالثة.

         فالكنيسة التي كانت مغمورة بكل ما هو مُعاصر وحديث على عهد البابا السابق الطوباوي يوحنا بولس الثاني، من دون خوف ومن دون تردد؛ إنها تتحضّر مع البابا الحالي لمنح العالم المفتاح الحقيقي لتفسير كل ما حديث.

         لذا كِلا الاقتراحان اللذان قدّمهما قداسة البابا بندكتس: “توسيع الآفاق العقلانيّة” و “رواق الأمم”، هما حقاً نعمة لكلّ الإنسانيّة لكي تنطلق من جديد بحماسةٍ وإخلاص مسيرة التفتيش الروحاني والعقلاني للإنسان المعاصر.

         في هذا المجال، من المهم قراءة الفصل الأول من الكتاب الثاني “يسوع الناصري”، حيث يتكلّم جوزف رتزنغر – بندكتس السادس عشر عن تطهير الهيكل متذكراً كيف أنَّ “رواق الأمم الكبير هو المكان المكان المفتوح الذي من خلاله يدعو الكّل لتقديم الصلاة لله (يسوع الناصري، الكتاب الثاني، منشورات LEV، ص28). فالهدف هو ما أعلنه يسوع ذاته حسب نبؤة أشعيا: “وقد صَيَّرتُموهُ، أَنتم، مَغارةَ لُصوص!” (مرقس 17:11) لأنّ إعلان النبي أشعيا واضح:” إن بيتي سيُعلن بيت صلاة للجميع”.

         ولهذا، أضاف البابا مرجعاً كتابّاً آخر خلال خطابه الذي نُقِلَ في باحة سيدة باريس بمناسبة المشروع الباريسي رواق الأمم. مرتكزاً على رسالة القديس بولس إلى أهل أفسس مذكّراً أنّ يسوع المسيح أتى ” هوَ الذي جَعَلَ مِنَ الشَّعْبَيْنِ واحِدًا، إِذْ نَقَضَ الحائِطَ الحاجِزَ بَيْنَهما، أَيِ العداوة (أفسس 14:2-17)؛ هذا هو الحائط الذي كان يمنع اليهود من الخروج خارج حدودهم التي تسمح لهم تخطي الرواق.

         السؤال عن الله وتحقيق عيش إيمان الإنسان المعاصر، هما المفتاحان الأساسيّان لاقتراح رواق الأمم؛ حيث أنَّ الإنسان المعاصر يطوق إلى عيش الحداثة بكاملها ويسعى في الوقت عَينِه لعَيش إيمانه من خلال شهادته لله الحيّ والحقيقي.

         ففي تحليلنا للخطاب الشهير المًعلَن في 21 كانون 2009 وللفيلم المنشور في 26 مارس 2011، نرى أنّه ليس من الصعب التعرّف على تاريخيّة اقتراح البابا بندكتس السادس عشر حول رواق الأمم:       “نريد أن نعتبر أنّ الإنسان لا يضع مسالة وجود الله على جانب لأنها مسألة أساسيّة في وجوده”.

         فمن دون هذا الوعي ومن دون هذا الاكتشاف الروحي أو الفلسفي عن وجود الله مجدّداً، نرى أنّ رواق الأمم خبرة مهمة جدّاً لاسيما على الصعيد الثقافي، تاركاً الديانة أو الديانات تحت وطئة الممارسات التاريخيّة اللاواقعيّة لإحياء ما هو ديني.

         لذا، اقتراح رواق الأمم، بالعكس، هو الإعلان عن إمكانيّة تلاقي الله الحيّ والحقيقي بالتاريخ المعاصر الذي أعلن للجميع أنّه من الممكن التحرر من كلّ الأتعاب والهموم الدنيويّة ومن الأحكام الثقافيّة المُسبقة دون التخلي عن حريّة أفكارهم واكتشافاتهم، حيث يمكنهم عيش الاكتشاف أنه في العصرنة هناك أمور واقعيّة وليست مِثاليّة؛ حيث أنّ الإنسان يترك الله ويهتم بحياته: هُويته، استقراره وخلوديته. وأنّه الله موجود وحي وبأنه لا يوجد إلهٌ غيره. فالله هو وحده الذي يدرك ويساند الحقيقة العلميّة والعقلانيّة لأنه الحب – الكلمة.

         فالاقتراح بدخول رواق الأمم هو دعوة ضروريّة للجميع، وهو إعلان صريح وواضح للإنسان بأنه ليس بفرده في هذا العالم بل هناك من يسير بجنبه ومعه وهو الله الحيّ والحقيقي.   

         لذا اقتراح بندكتس السادس عشر لرواق الأمم أمرٌ جديد ومهمٌ للغاية وهو سَنَدٌ للجميع المؤمنين وغير المؤمنين: حيث معاً يمكنهم التواصل والحوار بين الإيمان والعقل، بين العلمنة والمقدسات، بين الجميع لبناء ثقافة المحبة.

***

نقله إلى العربيّة: الأب فادي الراعي

Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير