بقلم روبير شعيب
الفاتيكان، الثلاثاء 8 نوفمبر 2011 (Zenit.org). – “انتبهوا كيف تقرأون”، إذا كانت الأناجيل تنقل لنا على لسان يسوع هذه الكلمات التي ينبه فيها على طريقة قراءة وفهم الكتاب المقدس وتفسيره، فهذا يعني أن هناك طرق مغلوطة في قراءة كلمة الله. لعل إحدى القراءات الشائعة لنصوص الأناجيل هي القراءة المليئة بالصور والأفكار المسبقة، التي تجعلنا نرى في النص الكتابي ما ليس موجودًا فيه بالواقع، أو التي تحجب عن عيوننا وأفهامنا ما يتضمنه النص الكتابي بحد ذاته. غالبًا ما ننظر إلى الأناجيل كدليل أخلاقي يعلمنا ما يجب فعله أو ما لا يجب فعله.
كثيرون منا يقرأون الأناجيل وأول ما يريدون أن يصلوا إليه هو العبرة من النص. هذه القراءة ليست مغلوطة بحد ذاتها، ولكن النظر إلى الكتاب المقدس وإلى الأناجيل من هذا المنظور يشكل فشلاً في إدراك عمق الرسالة الإنجيلية. القراءة الأخلاقية البحت تحرمنا من الدهشة التي هي نقطة انطلاق لا بد منها لاكتشاف فرادة وجاذبية يسوع الناصري. هذه القراءة المليئة بالدهشة والانذهال كانت قراءة كبار آباء الكنيسة والقديسين مثل القديس برندروس، القديس بونافنتورا، والقديس أغناطيوس دي لويولا الذي أسس منهجية صلاته و “رياضاته الروحية” على قدرة تصر يسوع وإعادة بناء الإطار الذي تجري فيه وقائع الأحداث الإنجيلية، للدخول ليس فقط في فهم ما يقوله يسوع، بل للشعور بالإطار السردي والعاطفي الذي يرافق مقولاته وأفعاله.
لا بد لمن يقارب الأناجيل أن يتعلم أن يعيد النظر إليها بـ “عيون بسيطة”، فيرى أبعد من الأفكار والأحكام المسبقة جدة الإنجيل، ويسمح لعنصر المفاجئة أن يلمسه من جديد. فكم من المرات نقرأ الأناجيل بممل ولسان حالنا يقول: “أعرف كيف ينتهي هذا النص”. سنتعمق في أقسام المقالة المقبلة بالنوايا العميقة التي دفعت إلى كتابة الأناجيل (وذلك لكي نسعى قدر الإمكان أن نفهمها بحسب نوايا كتّابها)، وسننظر من ثم في بعض بوادر يسوع التي تبين عبقرية التواصل في كلامه وحياته.
(يتبع)