خطاب الأمين العام الجديد لمجلس كنائس الشرق الأوسط

إثر انتخابه

Share this Entry

بافوس، الخميس 1 ديسمبر 2011 (ZENIT.org). – ننشر في ما يلي كلمة الأب بولس روحانا من الكنيسة المارونية  الأمين العام الجديد لمجلس كنائس الشرق الأوسط إثر انتخابه.

* * *

اصحاب القداسة والغبطة والسيادة

الآباء الاجلاء

السيدات والسادة أعضاء الهيئة العامة الكرام

الأخوة والأخوات الأفاضل

“وكان جميع الذين آمنوا قلبًا  واحدًا” (أعمال 4/32)

1-يسعدني ان يكون شعار الجمعية العامة العاشرة لمجلس كنائس الشرق الأوسط تلك الآية من كتاب اعمال الرسل: “وكان جميع اللذين آمنوا قلبًا  واحدًا” (أعمال 4/32).  في هذا الكلام عن الجماعة المسيحية الاولى في اورشليم  تأكيدٌ على ان الوحدة التي تتجلَى بالقلب الواحد هي قبل كل شيء نتيجةُ الايمان بيسوع المسيح فاديًا ومخلصًا . فلا كنيسة واحدة، جامعة، مقدسة ورسولية  دون هذا الايمان. وقد عبَّر النظام الاساسي لمجلس كنائس الشرق الأوسط في مادته الثالثة عن هذا الرباط العضوي  قائلاً: “يضم المجلس العائلات الكنسية الاربع في الشرق الأوسط  التي تؤمن بالرب يسوع المسيح الهًا ومخلصًا حسب الكتب المقدسة”. فهذا الايمان هو اساس الشركة بيننا. علّنا نعزّز في بداية هذه المرحلة الجديدة من تاريخ المجلس عملنا المسكوني انطلاقًا من محورية الايمان بيسوع المسيح، فتصبح كنائسنا علامات رجاء حيّة للانسان المعذّب، اي انسان، في هذه الارض المشرقية التي انطلقت منها الرسالة المسيحية الاولى، وهذه تبقى وتزدهر بقدر ما تكون كنائسنا جماعات ايمان وشهادة.

2-ما عساي اقول اليوم بعد هذا الكمّ من الكلمات المنوِّرة والمسؤولة التي تُليت على مسامعنا في جلسة افتتاح الجمعية العامة، من قبل رؤساء المجلس وسواهم من الضيوف الكرام؟ ما عساي اقول سوى بعض كلمات الشكر والتقدير من جهة، والتأكيد من جهة ثانية على ثوابت مسكونية تكون اساسًا لعملنا المسكوني في المرحلة المقبلة.

3-في هذه اللحظة المهمة في حياتي الكنسيّة، لا يسعُني الا ان اتوجّه اليكم، فردًا فردًا، انتم اعضاء الجمعية العامة العاشرة، لانكم منحتُموني ثقتكم بانتخابي امينًا عامًا لمجلس كنائس الشرق الأوسط لمدة أربع سنوات. وقد ايّدتم بهذا الانتخاب توافق العائلة الكاثوليكية في المجلس برئاسة سيادة المطران بولس مطر، راعي ابرشية بيروت للموارنة السامي الاحترام، على ترشيحي لهذه الخدمة الكنسيّة في هذا الظرف الدقيق من تاريخ المجلس والمنطقة.

4-يطيب لي ان اشكر بنوع خاص حضرة السيد جرجس صالح الذي سلّمني اليوم وديعة الأمانة العامة في المجلس بعد ان حافظ عليها بما أُوتي من وزنات طوال ثماني سنوات. اسأل الله معكم، وهو وحده “فاحص الكلى والقلوب” ان يجازيه خير مجازاة ويمدّه بالعون والصحة والتوفيق في المهام الكنسيّة وغيرها التي ستُسند اليه.

5-واني انتهزها فرصة لاحيّي من خلال شخص السيد جرجس صالح  الكنيسة القبطية الارثوذكسية التي ينتمي اليها، ومعها عائلة الكنائس الارثوذكسية الشرقية في المجلس. وتربطني شخصيا بتلك العائلة بشكل عام، وبالكنيسة القبطية بشكل خاص، علاقات المودة  والاحترام منذ زمن بعيد. وقد توطّدت هذه العلاقة منذ ان عُيّنت في العام 2003 عضوا في الوفد الكاثوليكي للجنة الحوار بين الكنيسة الكاثوليكية والكنائس الارثوذكسية الشرقية، المتمثّلة بيننا بشخص سيادة الانبا بيشوي، الرئيس المشارك لهذه اللجنة.

6-اني لواثق بأن الالتزام المسكوني الراسخ لدى الكنيسة القبطية وعائلة الكنائس الارثوذكسية الشرقية، هو اقوى بكثير من ان يتأثر ببعض الخلافات والنزاعات العابرة، والتي تحصل في اية مؤسسة كنسيّة او غير كنسية، نتيجة اختلاف في الاطباع الانسانية وفي تحديد سلّم المقاييس او المعايير والاولويات في الادارة والخدمة العامة.

7-وفي هذا السياق، افتقد واياكم  غياب الكنيسة الانطاكية الارثوذكسية الشقيقة لظروف خاصة بها، عن اعمال هذه الجمعية العامة. وهذا الغياب الظرفي لا يُنسينا الدور الريادي لهذه الكنيسة في العمل المسكوني  ضمن الفضاء العربي. وقد تجلّى هذا الدور بشكل واضح في عهد رئاسة غبطة ابينا البطريرك اغناطيوس الرابع هزيم، احد مؤسسي هذا المجلس.

8-يطيب لي ايضا في هذه المناسبة ان اشكر الرهبانية اللبنانية التي انتمي اليها، بشخص رئيسها العام قدس الاباتي طنوس نعمه السامي الاحترام، لانها افرزتني بسخاء لهذه الخدمة المسكونية، مستجيبة بذلك طلبَ العائلة الكاثوليكية، وهي على قناعة ان التكريس الرهباني من خلال اتبّاع المسيح لا يبلغ مداه الانجيلي الواسع الا اذا كان في صلب الكنيسة وفي خدمة الكنيسة.

9-وبالعودة السريعة الى ما قاله اليوم رؤساء المجلس  والضيوف الكرام، يتبيّن جليًا ان مجلس كنائس الشرق الأوسط ليس بنية او هيكلية كنسيّة فضفاضة محض شكلية في وجداننا المشرقي المسيحي. فقد ارادته كنائسنا منذ السبعينات امتدادًا طبيعًيا وعضويًا لها، فاعتبرته البيت المشترك والجامع حيث يحلو للمسيحيين المشرقيين ان يتلاقوا ويتحاوروا بالحقيقة والمحبة  في سبيل حضور مسيحي مشرقي فاعل. كثيرون من الشباب، وكنت بينهم في الثمانينات، ممن اكتشفوا دعوتهم المسكونية من خلال مشاركتهم في احدى انشطة المجلس.

10-ان اصرار الكنائس عل ابقاء المجلس حيّا، شاهدا على الشركة الكنسية في هذه البقعة الخاصة من الارض، بالرغم من كل الاضطرابات التي تعرّض لها في السن
وات الأخيرة، هو دليل ساطع على ان الازمات المالية والادارية وغيرها، مهما اشتدت وطأتها، لا تُثني الكنائس عن التمسّك بالهّم المسكوني، الذي بدونه تفقدُ الهوية المسيحية ركنًا مهمًا  من اركانها الايمانية الاساسية. بفضل هذا الهّم، تجاوزت كنائسُنا الازمات الاخيرة، وسوف نعمل معًا على مداواة الجراح التي خلّفتها، كي يستعيد المجلس دوره وتتنّفس كنائسنا كلّها بملء رئتيها.

11-وفي انطلاقتنا الجديدة المتجددّة اليوم، لا نبدأ من لا شيء. اننا مدينون لارث مسكوني كبير تركه لنا اباءٌ كثيرون من كل الكنائس المشرقية، منهم من اصبح في دنيا الحق ومنهم ما زال يشهد للكنيسة- الشركة في هذا العالم المضطرب. بفضل هؤلاء الشهود على الكنيسة الشركة، رُوادِ الحركة المسكونية في منطقتنا، نستطيع ان نُعلن للاجيال المسيحية الصاعدة بان ارث الانقسامات، مهما عمُقت جذوره، لم يعد َيحجبُ كما في الأمس القريب ارثَ الشراكة التي تجمع بيننا اليوم. معاً سنواصل المسيرة من خلال برامج المجلس لتعزيز هذه الشراكة ولتخصيب هذا الأرث.

12-اعاهدكُم اخيراً بان اتكّرس كلّيا لخدمة المجلس واهدافه انطلاقًا من توجّهات الجمعية العامة التي ستدرس مسودّة الهيكلية الجديدة للمجلس التي اعدتها بسخاء وجهدٍ كبيرين لجنة خاصة (Task Force)  بعناية القس الدكتور حبيب بدر ومعاونيه.

13-سأكون مع الأمناء العامين المشاركين على علاقة وثيقة  بالرؤساء الكنسيين وبرؤساء المجلس لرصد حاجات الكنائس وتصويب العمل المسكوني حيث يلزم ذلك. وارجو من كنائسنا العزيزة ان تقف الى جانب المجلس وتدعم برامجه بالموارد البشرية والمادية والروحية.

14-واني لواثق بان كنائسنا المحلية، التي كان لها الدور الحاسم في انقاذ المجلس من الغرق ايام المحنة، هي قادرة اليوم ان تساعده بكل ما أوتيت من امكانات في عملية الابحار الى العمق  لتحقيق اهدافه، وهي مستندة على ايمانها بالرب يسوع الذي يقول لنا اليوم: “تشجعوا، انا معكم لا تخافوا”. وشكرًا.

30/11/2011                                الأب بولس روحانا

                                                 الأمين العام

                                         مجلس كنائس الشرق الأوسط

Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير