بقلم الأب منتصر حداد
الموصل، الجمعة 6 يناير 2012 (Zenit.org). – في كل سنة في السادس من شهر كانون الثاني تحتفل الكنيسة بعيد الدنح، وهو عيد ظهور يسوع العلني للناس وعماده في نهر الاردن على يد يوحنا المعمذان، ليبدأ الرسالة ويحقق دعوة الله ومشيئته، البشارة وعيش الملكوت….. الدنح، كلمة سريانية تعني (الظهور، العلن)…… وهذا العيد يجعلنا نسأل أنفسنا، ما هي الرسالة التي نظهرها للعام؟ هل نحن نعيش ما يريده الله منا، وهي نحن نعرف مشيئة الله، والتي بعشنا لها تجعلنا نقدم ونُظهِره للعالم؟ وكيف اكون في الحقيقة، هذا الشخص، الي يهيأ الطريق لمجيء الرب؟….
موقف يسوع في عماده، موقف رائع ومعبّر بالفعل عن رسالة الله التضامنية مع الإنسان…. فهل كان يسوع خاطئاً ليعتمد من يوحنا؟…. يسوع فضّل الوقوف إلى جانب الخاطئين الذين يحتاجون إلى التوبة، لا أن يعتبر نفسه افضل منهم، بل يشاركهم في كل شيء، بمعنى انه يحاول جاهداً لانتشالهم من بؤسهم وشقائهم، انظمّ يسوع إليهم لتكون هذه هي هويته (المتضامن مع الخطاة)… وهذا هو جوهر رسالته، وهذا هو بالفعل أبوه الذي في السماوات… عندما حقق يسوع هذه المشيئة، خرج صوت من السماء يقول: هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت…. في الحقيقة، كانت هذه المعموذية، لحظة قرار بالنسبة ليسوع، قرار ان يكون متضامن يسوع مع البشر، فيكون يسوع حضور الله بينهم….
إخوتي اخواتي…. يدعونا لوقا، ان نرى يسوع، الله، ان نتامله متضامناً مع البشر، مع الخطأة بالذات (ما جئت لأدعو الصالحين الى التوبة، بل الخطأة)، فنطرح عناً واحداً من الوجوه التي اعتدنا ان نرى الله من خلالها، وهي الدّيان والجبّار والقدير والمتكبّر، الله هو بسيط هو هنا بيننا، اختار الله أن يكون صغيراً، ان يكون اصغر الكل من اجل الكل وفي سبيل الكل، الله ليس اكبر كما يقال، الله أصغر، وهذه هي مشيئته…….. هذه المشيئة، دعوة لنا أيضاً لنتجدد في ظهورنا للناس وللعالم، ان نضع كبريائنا وتعجرفنا جانباً، وكأننا أفضل من الناس الآخرين، كلنا خاطئين وأعوزنا مجد الله، لنضع كبريائنا جانباً، ونجعله شيئاً من الماضي، ونشارك الآخرين بؤسهم وندامتهم، فنسمع نحن أيضاً الصوت من السماء يقول لنا: “انت، انتِ… أبني، ابنتي الحبيب بك سررت”…..
العماد ليس سر اخذناه في ما مضى وانتهى،بل هو موقف يومي، يوميا علينا أن نكون امناء للسر الذي من خلاله اصبحنا ابناء الله ضمن جماعة المؤمنين (الكنيسة)، على عمادنا أن يكون يومياً، يهدف إلى اللقاء بيسوع، وان نفهم بان نهر الأردن ليس مكاناً جغرافياً فقط، بل هو حاضر دائماً في حياتنا، ففي كل مرة نرى جموع الخاطئين، تذكّر بأنك تمر بنهر الأردن، وانتشل الآخرين البائسين الخاطئين من ضيقهم، حتى نكون كلنا فعلاً أبناء الله الذي يسرّ بنا…. عليك ان تشاركهم ندامتهم وتنتشلهم من واقعهم المرير…….. حقيقة.. الإنسان على مرّ التاريخ والأزمان عجز عن الارتفاع إلى الله، لذلك، قرّر الله أن ينزل هو إليه…. فهل ستنزل أنت أيضاً إلى اللذين تعتقد بأنهم أدنى منك مرتبةً، فكّر، فقد تحتاج أنت إلى من يتنازل إليك لينتشلك من واقعك المأساوي….. آمين