روما، الثلاثاء 09 يونيو 2009 (Zenit.org) – ننشر في ما يلي الكلمة التي وجهها البابا بندكتس السادس عشر يوم السبت الفائت إلى أعضاء جماعة الإكليريكية الحبرية الفرنسية في روما بمناسبة تسليم السلطات بين مجمع الروح القدس الذي أسس الإكليريكية سنة 1853، ومؤتمر أساقفة فرنسا.
***
نيافة الكرادلة،
إخوتي الأعزاء في الأسقفية،
حضرة العميد،
أيها الكهنة والإكليريكيون الأعزاء،
يسعدني أن أستقبلكم بمناسبة الاحتفالات التي تطبع هذه الأيام حقبة مهمة من تاريخ الإكليريكية الحبرية الفرنسية في روما. فمنذ تأسيسه وبعد قرن ونصف من الخدمة الأمينة وتحمل المسؤولية، يقوم مجمع الروح القدس حالياً بنقل السلطة إلى مؤتمر أساقفة فرنسا.
لا بد لنا من شكر الرب على الجهد المبذول في هذه المؤسسة التي أعدت منذ نشأتها حوالي 5000 إكليريكي وكاهن شاب لدعوتهم المستقبلية. وإني إذ أحيي عمل أعضاء مجمع الروح القدس من آباء وإخوة، أتمنى أن أعهد إلى الرب بالمهام التي يحافظ عليها المجمع الذي أسسه الأب المكرم ليبرمان والتي ينميها حول العالم – وبخاصة في إفريقيا – انطلاقاً من هبته التي لم تفقد شيئاً من قوتها ودقتها. فليبارك الرب المجمع وإرسالياته.
إن مهمة تنشئة الكهنة هي مهمة دقيقة. والتنشئة المقترحة في الإكليريكية هي ضرورية لأن قسماً من شعب الله سيعهد به إلى العناية الرعوية للكهنة الجدد، قسماً من هذا الشعب الذي خلصه المسيح وبذل حياته من أجله. من الجيد أن يتذكر الإكليريكيون أن متطلبات الكنيسة يعود سببها إلى واجب اهتمامهم بالأشخاص الذين أحبهم المسيح. والمؤهلات المطلوبة من الكهنة المستقبليين متعددة منها النضج الإنساني والمزايا الروحية والحماسة الرسولية والدقة الفكرية… في سبيل بلوغ هذه الفضائل، يجب على المرشحين إلى الكهنوت ألا يكونوا فقط شهوداً لها أمام معديهم، وإنما أن يستفيدوا هم أولاً من هذه المزايا التي يعيشها المسؤولون عن تنميتهم. إنها شريعة بشريتنا وإيماننا القائمة على أننا كثيراً ما لا نقدر على إعطاء شيء سوى ما نلناه مسبقاً من الله من خلال الوساطات الكنسية والبشرية التي أسسها. ومن ينل مهمة التنشئة يجب أن يتذكر أن الرجاء الذي يحمله للآخرين هو واجب لنفسه في المقام الأول.
هذه الشهادة تصادف مع بداية سنة الكهنوت. إنها نعمة للفريق الجديد من الكهنة المعدين الذي جمعه مؤتمر أساقفة فرنسا. ففيما ينال مهمته، يسمح له وللكنيسة جمعاء بتفحص هوية الكاهن وسر النعمة والرحمة. والآن يطيب لي ذكر الكاردينال سوهارد البارز الذي قال عن خدام المسيح: “تناقض أبدي في الكاهن. إنه يحمل في نفسه التناقضات ويوفق على حساب حياته بين الإخلاص لله والإخلاص للبشر. يبدو فقيراً وخائر القوى… لا يملك لا وسائل سياسية ولا موارد مالية ولا قوة السلاح التي يستخدمها الآخرون في سبيل غزو الأرض. وتكمن قوته في كونه مجرداً من السلاح وقادراً على كل شيء في المسيح الذي يقويه” (الكنيسة رقم 141، ص. 21، ديسمبر 1960). أرجو أن تدوي هذه الكلمات التي تستحضر صورة كاهن آرس القديس كدعوة للعديد من الشبان المسيحيين الفرنسيين الذين يرغبون في حياة مفيدة ومثمرة لخدمة محبة الله.
تقوم ميزة الإكليريكية الفرنسية على كونها موجودة في مدينة بطرس. ولاستعادة أمنية بولس السادس (الكلمة إلى قدامى الإكليريكية الفرنسية، 11 سبتمبر 1968)، أتمنى أن يتمكن الإكليريكيون خلال إقامتهم في روما من التعرف على تاريخ الكنيسة، واكتشاف عظمة كاثوليكيتها، ووحدتها الحية حول خليفة بطرس، وأتمنى ثبات محبة الكنيسة في قلوبهم إلى الأبد.
إني إذ أبتهل إلى الله أن يحل عليكم جميعاً نعمه الوافرة بشفاعة الطوباوية مريم العذراء والقديسة كلير والطوباوي بيوس التاسع، أمنحكم بركتي الرسولية لكم ولعائلاتكم وللقدامى الذين لم يتمكنوا من المجيء وللموظفين العلمانيين في الإكليريكية.
حقوق الطبع محفوظة لمكتبة النشر الفاتيكانية 2009