أيها الإخوة والأخوات الأعزاء!
يتزامن هذا الأحد مع عيد جميع القديسين، الذي يدعو الكنيسة المجاهدة على الأرض لكي تتذوق عيد الجماعة السماوية الدائم، ولإحياء الرجاء في الحياة الأبدية. يتزامن هذا العام مع ذكرى مرور 14 قرناً على تحول البانتيون - أحد أقدم المباني في روما وأهمها - إلى مقر للعبادة المسيحية، على اسم العذراء مريم وجميع الشهداء: " Sancta Maria ad Martyres ". معبد الآلهة الوثنية تحول تذكاراً للذين – كما يقول سفر الرؤيا – "بيضوا حللهم بدم الحمل" (رؤ 7: 14). لاحقاً، تحول الاحتفال بجميع الشهداء الى الاحتفال بجميع القديسين، "جموع لا تعد ولا تحصى، من كل أمة وقبيلة وشعب ولسان" (رؤ 7: 9) – كما يقول القديس يوحنا.
في هذه السنة الكهنوتية، أود أن نتذكر الكهنة القديسين، أولئك الذين أعلنت الكنيسة قداستهم، وقدمتهم مثالاً للفضائل الروحية والرعوية؛ وأولئك الذي حسنوا في عيني الرب، وعددهم لا يحصى. كل واحد منا يحتفظ بذكرى أحدهم، ذكرى شخص ساعدنا لننمو في الإيمان وجعلنا نشعر بقرب وبمحبة الله.
غداً نحتفل بعيد جميع الموتى المؤمنين. أدعو الجميع لعيش هذه المناسبة بحسب الروح المسيحية الحقيقية، أي في نور السر الفصحي. المسيح مات وقام وفتح لنا الطريق نحو بيت الآب، ملكوت الحياة والسلام. وفيما نزور المدافن، فلنتذكر بأنه هناك، في القبور، ترقد فقط أجساد أحبائنا المائتة، بانتظار القيامة الأخيرة. إن أرواحم – كما يقول الكتاب المقدس – هي "في يدي الله" (حك 3: 1). إن الطريقة المثلى لتكريمهم تكمن في الصلاة لهم، مقربين أفعال إيمان ورجاء ومحبة. وفي الاتحاد بالذبيحة الافخارستية، نلتمس لهم الخلاص الأبدي، ونختبر الشراكة العميقة، بانتظار اللقاء بهم والتنعم بالمحبة التي خلقتنا وخلصتنا.
أيها الأصدقاء الأعزاء، كم هي جميلة ومعزية شركة القديسين! إنها واقع يضفي على حياتنا بعداً مختلفاً. لسنا أبداً وحداً! إننا جزء من "شركة" روحية يسود فيها تضامن عميق: خير كل واحد هو للجميع، وسعادة الجميع تنبسط على الأفراد. إنه سر، يمكننا بطريقة أو بأخرى أن نختبره في هذا العالم، في العائلة، في الصداقة وخاصة في جماعة الكنيسة الروحية. فلتساعدنا مريم الكلية القداسة على المضي قدماً على درب القداسة، وأم الرحمة لأرواح الموتى.
نقله الى العربية طوني عساف – وكالة زينيت العالمية (zenit.org)