بقلم الخوري رولان معربس

القبيات، الجمعة 20 نوفمبر 2009 (Zenit.org). – نقدم نص إنجيل قداس الأحد بحسب الطقس الأنطاكي السرياني الماروني مع تعليق مقتبس من "نشرة الأحد" - موقع القبيات الإلكتروني.

* * *

الإنجيل

26                 وفي الشَّهْرِ السَّادِس، أُرْسِلَ الـمَلاكُ جِبْرَائِيلُ مِنْ عِنْدِ اللهِ إِلى مَدِينَةٍ في الـجَلِيلِ اسْمُهَا النَّاصِرَة،

27                 إِلى عَذْرَاءَ مَخْطُوبَةٍ لِرَجُلٍ مِنْ بَيْتِ دَاودَ اسْمُهُ يُوسُف، واسْمُ العَذْرَاءِ مَرْيَم.

28                 ولَمَّا دَخَلَ الـمَلاكُ إِلَيْهَا قَال: "أَلسَّلامُ عَلَيْكِ، يَا مَمْلُوءَةً نِعْمَة، أَلرَّبُّ مَعَكِ!".

29                 فَاضْطَربَتْ مَرْيَمُ لِكَلامِهِ، وأَخَذَتْ تُفَكِّرُ مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ هـذَا السَّلام!

30                 فقَالَ لَهَا الـمَلاك: "لا تَخَافِي، يَا مَرْيَم، لأَنَّكِ وَجَدْتِ نِعْمَةً عِنْدَ الله.

31                 وهَا أَنْتِ تَحْمِلينَ، وتَلِدِينَ ابْنًا، وتُسَمِّينَهُ يَسُوع.

32                 وهُوَ يَكُونُ عَظِيمًا، وابْنَ العَليِّ يُدْعَى، ويُعْطِيهِ الرَّبُّ الإِلـهُ عَرْشَ دَاوُدَ أَبِيه،

33                 فَيَمْلِكُ عَلى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلى الأَبَد، ولا يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَة!".

34                 فَقالَتْ مَرْيَمُ لِلمَلاك: "كَيْفَ يَكُونُ هـذَا، وأَنَا لا أَعْرِفُ رَجُلاً؟".

35                 فأَجَابَ الـمَلاكُ وقالَ لَهَا: "أَلرُّوحُ القُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وقُدْرَةُ العَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، ولِذـلِكَ فالقُدُّوسُ الـمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ الله!

36                 وهَا إِنَّ إِلِيصَابَاتَ نَسِيبَتَكِ، قَدْ حَمَلَتْ هيَ أَيْضًا بابْنٍ في شَيْخُوخَتِها. وهـذَا هُوَ الشَّهْرُ السَّادِسُ لِتِلْكَ الَّتي تُدْعَى عَاقِرًا،

37                 لأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى اللهِ أَمْرٌ مُسْتَحِيل!".

38                 فقَالَتْ مَرْيَم: "هَا أَنا أَمَةُ الرَّبّ، فَلْيَكُنْ لِي بِحَسَبِ قَوْلِكَ!". وانْصَرَفَ مِنْ عِنْدِها الـمَلاك.

) لو 1 26-38(

 

 

تأمّل من وحي الإنجيل

إنطلاقاً من تحديد عيد الميلاد في 25 كانون الاول وُضع عيد البشارة في 25 آذار. هذا التحديد يركز على المشابهة التامة بين ولادة يسوع وولادة اي طفل آخر.

أما أحد البشارة، في تسلسل آحاد المجيء، فيركز على تطوّر الأحداث التي سبقت ميلاد يسوع والتي تدخل في تصميم الله الخلاصي.

لقد انتهى تاريخ ليبدأ مع هذه الرواية تاريخٌ جديدٌ، انتهى عهد الهيكل القديم وكهنته الشيوخ وبركته التي لم تصل الى الشعب..

انتهى عهد الإنتظار وبدأ عهدٌ جديدٌ.

انتهى الشهر السادس الذي نرى فيه عدد  النقص (6) ليبدأ الشهر السابع الذي يأخذنا نحو الكمال (7) و ملء الزمن، عندما تدخّل الله بمبادرته بطريقة غير منتظرة، فبدل أن يختار أورشليم "موطئ قدميه ومدينة السلام" ، اختار الناصرة القرية التي لم يسمع أحد بها وهي التي يصحّ فيها  هذا القول"أيخرج من الناصرة شيء حسن؟". وبدل أن يختار إحدى النساء المعروفة اسماؤهنَّ عند عظماء الشعب وأقويائه، اختار فتاة عذراء اسمها عادي، لا بل تحمله الآلاف من بنات أمتها، وهذه الفتاة مخطوبة تتحضر للزواج لتعيش حياةً مستورة مع زوجها.

لكن الله يتدخل بمنطق مختلف عن منطق البشر، ويُدخِل الى تاريخنا ما هو غير عادي. إن السلام الملائكي لمريم كان كافياً لتفهم أن هناك أمراً ما ينتظرها وينتظر العالم من خلالها. نعم تفاجأت مريم من كلام الملاك لكنها كانت أرضاً طيّبة لتدخل الى أحشائها كلمة الله، واستفهمت مريم عن حملها وهذا طبيعي لأنها لا تعرف رجلاً لكنها عرفت أن لا شيء مستحيل عند الرب، فكانت الأمة للكلمة المتجسد .

لقد خضعت مريم لإرادة الله بأن تكون أماً لإبن وحيد سماوي، بدل أن تخضع لإرادتها هي وتكون زوجة ليوسف وأم لأبناءٍ كثيرين أرضيين.

بهذا الإيمان وهذه المحبة أذعنت مريم لإرادة الله  جاعلة نفسها له خادمة. وها هي تضع في خدمته وخدمة التجسد كل ما هي وكل ما لها . هذه هي دعوتها التي اكتشفتها من بشارة الملاك لها، التي جعلتها تستسلم كليّاً لمشيئة الله وتعمل إرادته. وما يلفت نظرنا هو أن مريم  بقبولها البشارة صارت هي الملاك الذي سينقل الكلمة الى الآخرين ، صارت هي حاملة الإله الى شعبها، لقد تحوّلت الى بيت قربان تحمل الله  في أحشائها لتُقَدِّمه للبشرية كلها . إن مريم بقولها نعم (ن- ع- م) نالت:

·         (ن) نعمةً عند الله لتكون شريكة له في مشروع الخلاص،

·         وقطعت (ع)عهداً على عاتقها لتكون أمينة حتى النهاية،

·         وبدأت (م) مسيرة جديدة بحياتها هي مسيرة العهد الجديد مع ابنها يسوع.

واليوم علينا ألا نستخف بدورنا فدور كل واحد منا لا يقل أهمية عن دور العذراء. كل واحد منا باستطاعته أن يعرف الى أين وكيف يمكنه أن يحمل يسوع. والمهم أن نعرف أن الله معنا في كل عمل صالح نقوم به.

ويبقى ألأساس في دورنا، يسوع المسيح،  فكما حملته مريم في أحشائها نحمله نحن في قلوبنا عند اشتراكنا في القداس.  هل ن شعر به وبحضوره بيننا؟ هل نترك نوره يشع في داخلنا لكي يراه الآخرن؟ 

لنصلِّ إخوتي قائلين: "أعطنا يا رب أن نعيد النظر بدورنا على هذه الأرض وبأعمالنا وببشارتنا وبصلاتنا...  عارفين أن عطاء الذات لك يأتي نتيجة عطائك الأساسي لنا، آمين.