المطران عادل زكي: الكنيسة اللاتينية بمصر نافذة على العالم الغربي

Share this Entry

بقلم الأب رفيق جريش والأستاذة ماري السمين

مصر، الاثنين 2 نوفمبر 2009 (zenit.org). – احتفلت الكنيسة بالأمس بتنصيب صاحب السيادة المطران عادل زكي مطراناً على اللاتين بمصر. التقت هيئة تحرير جريدة حامل الرسالة بسيادته، وتحاورت معه حول عدة مواضيع تخص المطران عادل زكي، وظائفه ومسؤولياته في الأبرشية، بالإضافة إلى علاقته بالطوائف الكاثوليكية الأخرى وأواصر التعاون المطلوب والكثير والكثير عن المطران المنتخب الجديد

سيادة المطران عادل زكي؛ نشكرك على إيجاد الوقت لإجراء هذه المقابلة. هل يمكنك كبداية أن تعطينا لمحة عن الأب عادل زكي: نشأته، دعوته، سيامته الكهنوتية والأسقفية؟

 

ـ أنا من مواليد الأقصر في 1 ديسمبر 1947 ، وقد تعلمت في مدرسة الفرنسيسكان المجاورة للكنيسة التي كان يخدم بها الأب منصور دوريتي الذي تميز بالبساطة والوداعة ومحبة الغير، وقد تأثرت به كثيراً، وهذا ما شجعني على الخدمة في الكنيسة والمشاركة في أنشطتها المختلفة. ومن بين المواقف الحياتية التي لا أنساها أن الأب دوريتي جاء لزيارة منزلي مرة حيث كنا 6 إخوة فنظر لأبي وقال ” نريد راهباً من بيتك؟” فرد أبي وقال:” الأولاد قدامك، اختر يا أبونا” فنظر الأب دوريتي إليّ وقال:” هذا هو من أريد”. ومن يومها انطبعت هذه الكلمات في قلبي ووجداني وعقلي، وظلت دعوتي تنمو، حتى التحقت بالرهبنة واتجهت بعدها إلى معهد الجيزة لدراسة اللاهوت، ثم سافرت إلى لبنان حيث التحقت بجامعة القديس يوسف وحصلت على شهادة الليسانس في اللاهوت باللغة الفرنسية وسُيِّمت راهباً عام 1972. وبعد عودتي حصلت على منحة لدراسة العقيدة، لكن أرسلت إلى أسيوط للخدمة وظللت أخدم هناك 14 عاماً، ثم انتقلت إلى نجع حمادي وخدمت فيها 3 سنوات، ثم انتخبت خادمًا للرهبان الفرنسيسكان مدة 9 سنوات بعدها عينت خادمًا وراعيًا في كنيسة سيدة الكرمل، وفي عام 2000 بجانب عملي عينت أميناً عاماً لمجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك بمصر حتى الآن.

ما هو شعورك، حين علمت بخبر تعيينك في هذا المنصب؟

 

ـ تعييني في هذا المنصب كان بمثابة “مفاجأة”، فقد كان هناك لقاء إكليريكي مسبق قبل 7 أشهر في مصر، طرح فيه سؤال: هل يمكن أن يكون مطران اللاتين غير لاتيني؟ وكانت الإجابة بالنفي، فحتماً كان يجب أن يكون لاتينيًا. ومرت الأيام، وإذ بزيارة مفاجئة من القاصد الرسولي بالقاهرة إليّ، أخبرني فيها بهذا النبإ، وعرضت الأمر على مرشدي الروحي الذي بارك انتخابي، فالمبدأ الرهباني الفرنسيسكاني يقول ” لا تطلب ولا ترفض …” . وقد شاركت في مؤتمر إعداد الأساقفة الجدد في روما والذي استمر 8 أيام ، خرجت منه حاملاً خبرات روحية وحياتية في غاية الأهمية بفضل التعددية في الانتماءات القومية لجمع الأساقفة، فهناك أساقفة من دول إفريقية ومن أمريكا ومن أوروبا، وألقى قداسة البابا بندكتوس السادس عشر كلمة أشار فيها إلى ثراء السنة الكهنوتية التي نعيش أيامها تلك السنة (2009 ـ 2010). وأديت هناك قسم الطاعة وأخذت البركة الرسولية من قداسة البابا، كما أعربت عن رغبتي لقداسة البابا في أن يزور مصر، وأعطاني القلادة الأسقفية والصليب.

سيادتكم أول مطران من أصل مصري صميم يتولى أسقفية اللاتين بمصر، فهل هذا سيترك أثراً متى توليتم الخدمة الرعوية؟ 

 

ـ هذا الاختيار يدل على رغبة قداسة البابا بندكتوس السادس عشر الأكيدة في الحفاظ على التراث والغنى الوطني للشعوب ورغبته في أن يخدم أبناء الوطن الواحد بعضهم البعض داخل مؤسساتهم الكنسية ويدل على عالمية وجامعية الكنيسة، كما أن هذا الانتخاب يعبّر عن نظرة التقدير والإجلال التي يحملها البابا دائماً إلى الشرق، وقداسته كثيراً ما استشهد في عظاته بأقوال وحياة الآباء الشرقيين .

لقد عشتم حياتكم وخدمتكم الرعوية على الدرب الفرنسيسكاني ذي النسق المميز بالبساطة والتواضع، والآن كيف تنتقلون إلى حياة البروتوكولات؟

ـ نعم أنا حقاً متأثر بحياة البساطة، لقد جرت في عروقي سمات الرهبنة الفرنسيسكانية، حتى وإن تغير الثوب فلم تتغير البساطة، والعطاء في الخدمة الأسقفية، ولم أغير اسمي واختر اسماً آخر، فالثوب والقلادة الأسقفية مهمة جديدة أضيفها إلى خدمتى في كنيسة الرب.

متى توليتم مهامكم الأسقفية، ما هي أولويات سيادتكم التي ترغبون في تحقيقها في أسرع وقت؟

ـ الأشهر الأولى سأخصصها من خلال مبدإ ( الاستماع ، النظر ، عدم التكلم) ثم تأتي مرحلة التقييم ووضع الخطط المستقبلية، ولكن من ضمن الموضوعات الملحة والتي تدعو إلى العمل بشكل فوري هي مشكلات اللاجئين السودانيين، ورعوية السياحة، والشبيبة والتعاون مع باقي الطوائف الأخرى لتبادل الخبرات والآراء، فنحن بحاجة إلى  ذلك. فمن وجهة نظري الشخصية، هناك دوران للطائفة اللاتينية بمصر… أولاً: الكنيسة اللاتينية بمصر تعد نافذة على العالم الغربي وحلقة وصل بين حضارة الغرب اللاتيني وغنى التراث الشرقي. ثانياً: من الضروري أن يكون هناك كنيسة لاتينية مصرية لها كافة الأدوار الكنسية والاجتماعية والمدنية، فمن الناحية التنظيمية سوف يكون هناك مجلس كهنة ومجلس مالي وعدد من المجالس المعاونة في النيابة الرسولية للاتين بمصر.

الهجرة ظاهرة صارت تهدد الوجود الكاثوليكي في الشرق عامةً ، كيف لنا معالجة هذا الأمر؟

ـ صراحة في البداية كنت من أشد المعارض
ين لفكرة الهجرة وترك الأوطان، فالشرق ثراؤه يكمن في قوة ووجود أبنائه. فهناك حكمة إلهية لوجودي كمسيحي مصري في وطني، وهي رسالة تحمل نوعًا من البطولية، ولكن أمام الضغوط الحياتية فأنا ألتمس العذر لمن يحاول الهجرة، وهنا يأتي أحد الأدوار الهامة للكنيسة في توفير حياة كريمة لشبابها، فتأمين حياتهم بالشكل المناسب سيحد من ظاهرة الهجرة.

كيف ترى دور الكنيسة المحلية في التعامل مع قضايا وأوضاع الرعايا الكاثوليكية بمصر؟

هناك جوانب مضيئة ورائعة وهناك جوانب أخرى لم تمتد إليها خطوات الكنيسة بالشكل المناسب. على سبيل المثال، نحن نعيش في عالم صار قرية صغيرة بفضل تكنولوجيا الاتصالات والأقمار الصناعية، ومن هنا فإحدى تطلعاتي هي إطلاق قناة فضائية كاثوليكية مصرية، تعبر عن صوت أبنائها وتعرض صورتهم ومشكلاتهم وكل ما يهم الكنيسة المحلية. فالكنيسة الكاثوليكية بمصر لها غنى ديني وفكري وتربوي واجتماعي كبير جدير بنا أن نعرضه على الآخر كي يشاهده ويطلع عليه. ثانياً “الجامعة الكاثوليكية المصرية”، لقد وضع الأردن حجر أساس لبناء جامعة كاثوليكية وذلك خلال زيارة البابا بندكتوس السادس عشر الأخيرة، فحري بنا أن نسعى لتحقيق هذا المشروع.

ما رأي سيادتكم في موضوع إشراك العلمانيين في إدارة المؤسسات الكنسية أو في إشراك العلماني في مواضع اتخاذ القرارات في الكنيسة؟

ـ في الحقيقة مازال هناك حذر في العلاقة بين العلماني والإكليروس، ولكن متى دخل العنصر العلماني في إدارة شؤون المؤسسات الكنسية حدث إخفاق، ليس بسبب أنه “علماني” ولكن بسبب عدم الإعداد الجيد والملائم، ومن هنا لابد من تدريب وتكوين جيد للعلماني لممارسة المهام الموكلة إليه، فأنا مقتنع بأهمية دور العلماني داخل المؤسسات الكنسية، فهناك علمانيون لهم رسالات عظيمة جداً في دول متعددة مثل ليبيا ـ تونس ـ المغرب ـ لبنان ـ الأردن وغيرها.

لقد أعلن البابا بندكتس (2009 ـ 2010) سنة كهنوتية، فلتحدثنا سيادة المطران عن الثراء الروحي لهذه الفترة…

ـ سنة الكهنوت ساعدتنا على اكتشاف الغنى الذاتي لكهنوت الخدمة والكهنوت العام المدعو إليه كل شخص، كما أن هذه السنة فرصة لتطوير العلاقة بين الكاهن والرعية وتفعيل واجب الراعي تجاه رعيته. ومن بين النقاط الضرورية في هذا الشأن أهمية ظهور الكاهن على صورة الراعي الصالح والمضحي والثابت في رسالته وقناعته الكهنوتية وكينونة الرسالة التي يؤديها بدون أدنى شك مع عطاء دائم وبذل على غرار صورة المعطي الرب يسوع على الصليب. وبركة هذا العام ساعدتنا على إعادة اكتشاف ثراء سر الكهنوت، ومن ناحية أخرى معاونة الشعب كي يشارك في الخدمة ويساعد الآباء الرعاة.

Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير